لا يمكن استمرار الصمت الدولي بهذه الشكل امام حجم الدمار الذي يخلفه الاحتلال وتلك الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي كون ان مشهد جرائم الاحتلال اليومية بات يسيطر على حياة المواطنين الفلسطينيين، ويعكس نظام فصل عنصري بغيض “أبرتهايد” مكتمل الأركان والصورة، خاصة في القدس والمناطق المصنفة (ج) التي يمنح فيها المستوطن كامل الحرية والدعم والإسناد الحكومي للبناء في المستوطنات أو البؤر العشوائية، في حين يمنع الفلسطيني صاحب الأرض بقوة الاحتلال من استصلاح أرضه والبناء عليها والاستفادة من خيراتها وزراعتها وحفر آبار فيها وتقييد حركته ويعتدي عليه جيش الاحتلال والمستوطنين ويتعرض منزلهم ومنشأتهم للهدم والتخريب بحجة عدم الترخيص، في أبشع أشكال أنظمة الأبرتهايد التي تعمقها دولة الاحتلال على سمع المجتمع الدولي وبصره .
التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يتم تحت اشراف حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة وان جرائم هدم المنازل وتجريف الأراضي امتداد لحرب الاحتلال المفتوحة على الوجود الفلسطيني السياسي والإنساني في القدس المحتلة وعموم المناطق المصنفة (ج) التي تشكل غالبية مساحة الضفة المحتلة، في سباق إسرائيلي مع الزمن لاستكمال عمليات الضم التدريجي للضفة الغربية وحسم مستقبلها السياسي من جانب واحد وبقوة الاحتلال وبعيدا عن طاولة المفاوضات ووفقا لخارطة مصالح إسرائيل الاستعمارية بما يؤدي إلى تقويض أية فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض بعاصمتها القدس الشرقية .
انتهاكات قوات الاحتلال ومليشيات المستوطنين ومنظماتهم الإرهابية المسلحة وجرائمهم ضد المواطنين الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم ومنازلهم ومقدساتهم ومن خلال ذلك بات المجتمع الدولي امام اختبار حقيقي ويجب عليه اتخاذ موقف امام حجم الكارثة التي يرتكبها الاحتلال وضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في تطبيق القانون الدولي على الحالة في فلسطين المحتلة، في ظل ما يزيد على ألف قرار اتخذت لصالح القضية الفلسطينية ولم ينفذ منها قرار واحد في أبشع أشكال ازدواجية المعايير .
لا يمكن ان يستمر التقدم نحو الأفضل دون الالتزام بالشرعية الدولية وقراراتها والتي تكفل وقف الاستيطان الاستعماري وعدم المساس بالقدس والمقدسات وعودة اللاجئين وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الوطنية والتي تكفل إنهاء الاحتلال وتهيئة ظروف إقامة دولة فلسطين المستقلة مع التأكيد على مبادرة السلام العربية كما أقرت بمضمونها وتسلسل بنودها دون تغيير .
ومن خلال متابعتنا للإحداث الجارية نستخلص نتيجة مهمة وهي بان الدول الكبرى التي توفر الحماية لدولة الاحتلال وانتهاكاته وجرائمه من المحاسبة والعقاب المسؤولية الكاملة هي من يتحمل المسؤولية عن الفشل في تطبيق القانون الدولي واحترامه وإلزام دولة الاحتلال بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
يجب تطبيق قرارات الأمم المتحدة والميثاق الدولي ووضع كل القرارات الصادرة بموجب القوانين الدولية موضع التنفيذ بعيدا عن لغة الشعارات والخطب والاستنكار وما يجري من جرائم يتطلب العمل الجاد واحترام القانون ووقف سياسة المراوغة التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه .
يجب على المجتمع الدولي توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني ومقدراته، إلى حين تجسيد حقوقه بقيام دولته، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية وأهمية حشد الموقف الدولي الداعم للنضال الفلسطيني لمواجهة مشاريع الاحتلال ومساندة الشعب الفلسطيني في بناء مؤسسات دولته وتمكين فلسطين من التنمية والاقتصاد القوي وأهمية استمرار المساعدات والتعبير عن الوفاء والالتزامات المقرة على مستوى القمم العربية ودعم الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده على ارضه لمواجهة تحديات الاحتلال الراهنة وسياسته العنصرية .
المصدر: الحوار المتمدن