برز العنصر النسائي بشكل لافت في مظاهرات ساحة الكرامة التي تشهدها مدينة السويداء، والتي بدأت قبل 12 يوماً.
إذ كان حضورهن لافتاً في الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد والمطالبة برحيله، من خلال الهتافات والصرخات التي وُجهت للمجتمع الدولي وتطبيق الحل السياسي بتطبيق القانون رقم 2254، من أجل العيش في ظل وطن يحكمه القانون.
وبالمقارنة بين اليوم الأول في المظاهرات الذي ظهر فيه عدد قليل جداً من النساء واليوم، يمكن أن نلاحظ التزايد بعدد النساء المشاركات من خلال الفيديوهات والصور التي تم نشرها، وكيف تحول دورهن اليوم من الاقتصار على المشاركة إلى قيادتها.
ناشطات من السويداء وأصوات بارزة في المظاهرات
في حديث خاص لموقع تلفزيون سوريا مع الناشطة “لبنى الباسط”، الوجه النسائي الذي برز في مظاهرات السويداء، وصاحبة مقولة “خلص اطلعوا” التي دعت الناس من خلالها إلى التظاهر والثورة ضد نظام الأسد.
ومقولة “نحن مش جوعانين.. نحن مطالبنا سياسية.. بدنا كرامة وبدنا حرية الهم 12 سنة عم يشبحوا علينا”، ولاقى صوتها تفاعلاً وصدى كبيرا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وعن المشاركة والحضور النسائي في الاحتجاجات قالت لبنى، “دور المرأة السورية كان واضحاً في الثورة السورية من نضال رزان زيتونة إلى مي سكاف وفدوى سليمان وطل الملوحي وصولاً إلى تضحيات المناضلات في درعا وحمص وحلب وحماه وإدلب بالإضافة إلى النساء الكرديات”.
وأضافت لبنى اليوم نساء السويداء يكملن النهج الثوري، للتأكيد “أن ثورتنا هي ثورة حق وشعب وليس كما حاولوا تشويهها وصبغها بالطائفية”، لافتة إلى أن مشاركتها ومشاركة النساء، هي رسالة واضحة بأن المرأة السورية جزء من هذا المجتمع بالتساوي في الحقوق والواجبات.
وعن تأثر النساء بإجرام النظام، قالت “النساء بشكل عام هن أكثر الفئات التي عانت من تسلط النظام الذي حاول تهميش الجميع، وعمد إلى تغييب دور المرأة ليظهر نفسه أنه الواجهة الحضارية للبلاد”.
وأوضحت أن أصوات النساء في السويداء خلال المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، أفشلت ادعاءاته وكذبه في الدفاع عن الأقليات ضد التمدد الديني.
وأشارت إلى أن خروج النساء في المظاهرات أزعجت النظام السوري، وحاولوا الرد عبر وسائل التواصل الاجتماعي “بخروج مشابه لبعض النساء المؤيدة لهم، ولكن كانت محاولة فاشلة لم يعد أحد يهتم لهذه الأساليب الفاشلة ولن توثر على صوت السويداء بشكل عام، والنساء بشكل خاص المطالب برحيل هذا النظام”.
وبالحديث عن نساء السويداء خصوصاً، قالت لبنى “جاءت المشاركة بعد أن شعر الجميع باليأس من الوصول إلى حل سياسي فقد أغرق النظام السوري المدينة بالمخدرات، أصبحت الأم تخاف على خروج أبنائها إلى الطرقات، فحبوب الكبتاغون تباع على الطرقات، تعمد النظام نشرها بالتعاون مع إيران لإغراق السويداء وتخريب نسيجها الاجتماعي”.
بالإضافة إلى أن “مشاركة الشابات زادت بعد أن فقدنا المعنى الحقيقي للوطن، وأصبح حلم كل شاب وشابة الهجرة، فجاء صوتنا ليقول لا، هذه البلد لنا ولن يستطيع تهجيرنا منها، هم من سيرحلون، مستمرون حتى إسقاط هذا النظام فلا حلول لسوريا قبل رحيل الأسد”.
ومن جانبها قالت الناشطة السياسية راقية الشاعر لموقع تلفزيون سوريا، “المرأة في مجتمع السويداء حاضرة بكل مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعملية، وبهذه التظاهرات برز دور المرأة السياسي”.
وأضافت راقية تريد النساء في السويداء من مشاركتها بهذه الاحتجاجات، من خلال الهتافات واللافتات التي رفعتها إرسال رسائل عدة منها “المرأة قادرة على أن تكون جنباً إلى جنب مع الرجل وتشاركه الحياة السياسية”.
كما لفتت إلى أن الوجود النسائي بهذا الشكل الحضاري اللافت في المظاهرات، ما هو إلا دلالة على تنامي وعي المرأة السورية السياسي، وإداركها لأهمية وجودها ودورها المهم في هذه الثورة.
مخاوف حرائر السويداء
وحول المخاوف التي تواجهها النساء من الظهور والمشاركة، أكدت لبنى أنه وعلى الرغم من المشاركة النسائية اللافتة إلا أن التخوف من إجرام هذا النظام ما زال موجوداً، ويمكن أن أصف مشاركة المرأة محدودة نوعاً ما، لأن الجميع يعرف سجون النظام والمعتقلات، التي أكدتها صور قيصر، وحالة الرعب هذه هي من تحد من المشاركة الكبيرة.
خطر الاعتقال والملاحقات الأمنية مازال قائماً، “فبعد مشاركتي الأخيرة في المظاهرات أصبح محتوما عدم مروري على الحواجز والبقاء داخل السويداء كحل حالي”.
وأشارت لبنى إلى خصوصية محافظة السويداء حول هذا الموضوع، “في السويداء هناك حالة من التمرد فهم غير قادرين على اعتقال أحد داخل المدينة، لغاية الآن يتعامل النظام معنا بهدوء وعدم استفزاز، لأنهم يعلمون أن أي رصاص أو محاولة اعتقال في السويداء هي سقوط لهم”.
بينما أشارت راقية إلى معاناة المرأة التي برزت في اللافتات التي رفعتها النساء في السويداء، “أنا ماجبت ابني.. ليعيش بعيد عني”، لما فيها من دلالة واضحة على ما تعانيه الأمهات بسبب هجرة أبنائهن وأزواجهن، وتركها وحيدة في معترك الحياة نتيجة الظروف التي فرضت عليهن في الفترة الممتدة من 2011 وحتى 2023، فترة الثورة السورية بسبب الضغط الذي مارسته السلطة من شتى أنواع الظلم والاضطهاد من تهجير وحصار وإفقار وتجويع للشعب.
مطالب حرائر السويداء
وفي النهاية شددت لبنى على “أن المطالب في السويداء وعموم سوريا، هي مطالب سياسية وواضحة هدفها إسقاط هذا النظام المجرم، قاتل الأطفال والنساء، الذي يحاول إظهار المجتمع السوري على أنه مجتمع طائفي”.
في حين ذكرت أن الثقافة السورية واحدة ولا تدعو للتعصب، “صوتنا واحد.. صوت نساء السويداء اليوم هو صرخة قهر عن كل نساء سوريا ضد سلطات الأمر الواقع”.
وحول تطلعات النساء قالت راقية “مظاهراتنا سلمية، بكل ما تحويه من فعاليات ومشاركات، لإرسال رسالة تعبر عن مجتمع السويداء الحضاري وليس كما حاول النظام أن يصدره على أنه مجتمع طائفي أو مجتمع إرهاب متخلف، للمجتمع الدولي”.
واختتمت راقية حديثها بالتأكيد على المطلب والهدف الرئيسي لكل المتظاهرين من نساء ورجال وأطفال، قائلة “هو أن نعبر بوطننا من مرحلة سوريا الأسد، إلى مرحلة سوريا البلد”.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا