لليوم السادس على التوالي وسويداء الجبل الأشم في الوطن السوري تتقدم بتؤدة وروية على المسار الثوري الذي أطلق شرارة البدء لوضع لبنته الأولى.
جارتها البطلة مدينة درعا الخالدة منذ اثني عشر عاماً وكأنها ترسم بدقة العارف الماهر مستقبل الوطن السوري وشعبه حيث أنتج الشعب السوري ولازال ما سيسميه التاريخ بالثورة السورية العظيمة.
هذه الثورة التي كانت بمثابة الأداة الكاشفة للبنى الحياتية المتعددة سواء في الدائرة الوطنية أو الدائرة الإقليمية أو الدولية، إذ أننا نعيش اليوم جميعاً مفاعيل الصراع الدولي المتصاعد وخطابه السياسي في أكثر من منطقة من العالم والذي يدعو ويؤسس لنظام دولي جديد.
هذا التقديم كان لازماً لتذكير اولئك الذين كانوا ممن عرتهم الثورة السورية، من الفئات التي انوجدت في كافة الشرائح الاجتماعية السورية وأهمها فئات النخبة التي أدارت ظهرها للثورة وباتت تروج لهزيمتها وتجترح الحجج والأدلة على فشلها وعلى ضرورة إعادة النظر بجميع المرتكزات الفكرية والسياسية والوطنية التي سادت وتسود في مجتمعنا وشعبنا خلال الفترات المنصرمة.
حتى وصل الأمر بالبعض منهم ضرورة التسليم بأجندة المشغل الأول في المنظومة الدولية حيث في ذلك النجاة والخلاص وحيث يعود إليه القرار النهائي في مصير الثورة والوطن والأمة.
أما اليوم ونحن في اليوم السادس من انطلاق جماهير أهلنا في السويداء الشامخة حيث تـُعانق فيه أخوتها في باقي المواقع الثورية من الشمال السوري البطل، الذي خرج بمئات الآلاف يرسم بعناقه لها الصورة الأولى لانطلاق الثورة عام 2011 حتى ليكاد المراقب يشعر أنه لا انقطاع للثورة حدث ولا توقف حل، بل إن الأهازيج والهتافات والرقصات والشعارات التي صدحت هي هي نفسها.
واحد واحد واحد الشعب السوري واحد..
والشعب يريد اسقاط النظام..
ولهذا كله يحق لنا كثوريين وبكل عزيمة وإصرار أن نقول أننا ها نحن عدنا، وأعدنا سيرتها الأولى، وها نحن نبدأ من جديد.
نعم سنبدأ من جديد، و سنعلن معها أن الحرية التي نطلبها والتي فقدناها على مدى أكثر من نصف قرن، أي الحرية السياسية، لابد أن نضيف إليها حاجتنا الراهنة إلى حرية الفكر والتفكير أيضاً، إذ اثبتت الثورة في تعريتها لنا ولنخبنا خاصة، كم أننا بحاجة إلى هجر الكثير مما تمثلناه من فكر ومعرفة، كانا سبباً من الأسباب التي جعلتنا نفترق فيه عن شعبنا وقضاياه، وأن نصطنع الفجوة التي منعتنا من الالتصاق بشعبنا فدفعنا بالثورة نحو الانكفاء والتأخير، وكذلك إعادة النظر بموقفنا من القدرات الخارقة للشعب الذي برهن وها هو يبرهن اليوم من جديد أنه المبتدأ والمنتهى في تحديد الرؤية لمستقبله ولمصيره و لهذا الصراع مع هذا العالم، وعلينا كذلك أن نعيد صياغة رؤانا وأولوياتنا في إدارة صراعنا مع أرباب مافيات النظام العولمي المتوحش وفق إرادة ورؤية وتطلع شعبنا المكافح البطل.
وإن إصغاءنا لقول شاعرنا العربي:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر .. ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ..
ينبغي أن يكون بوصلتنا في رسم رؤانا و تجليات نضالنا وكفاحنا، ولا بد أن نقر أن القدر هنا هو نتاج الوحدة الصلبة التي تصنعها النخب مع شعوبها، من خلال انصهارها في صفوفها ومسالكها.