هل تغير قمة “بريكس” قواعد اللعبة الدولية؟

إطاحة الهيمنة الغربية طرح صاحب إنشاء المجموعة من البداية بشكل مستتر وكامن وأصبح الآن أكثر وضوحاً.

فيما تتواصل قمة مجموعة “بريكس” في دورتها الـ15، التي تستضيفها مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، حيث تسعى دولها الأعضاء الخمس (البرازيل ورسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لتعزيز حضورها كقوة تواجه الهيمنة الغربية على الشؤون الدولية، تتباين آراء المتابعين والمراقبين للنتائج المرتقبة من القمة، لا سيما على صعيد ملفي تقليص الاعتماد على الدولار في التجارة الدولية، وتوسيع العضوية في التكتل الذي يجمع أكبر الاقتصادات الناشئة حول العالم.

وفي رأي، محمد بدر الدين زايد، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، فإن “قمة بريكس التي تجمع خمس دول كبرى، وتمثل ما مجموعه نحو 42 في المئة من سكان العالم، ومساحة كبيرة من اليابسة و24 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ونحو 16 في المئة من التجارة العالمية، يمكن النظر إليها عبر مجموعة من المعايير”. قائلاً إن “السردية الرئيسة التي تحيط بهذه القمة هي رغبة هذه الدول في إنهاء الهيمنة الغربية وتغيير قواعد اللعبة الدولية، وفي الحقيقة أن هذا الطرح صاحب إنشاء المجموعة من البداية، بشكل مستتر وكامن، وأصبح الآن أكثر وضوحاً لدى عدد من قادة ومفكري هذه الدول”.

ووفق حديث بدر الدين، فإنه “مع تزايد الحديث عن التحول إلى العملات المحلية وإصدار سندات من بنك البريكس، لبعض هذه العملات، كانت هناك تصريحات عملية من رئيس البرازيل لولا دا سيلفا، بأن إزاحة الدولار ليست مطروحة الآن، وهي تصريحات متوازنة تعكس إدراكاً بأن هذه المسألة لم يحن أوانها بعد”. مضيفاً “على صعيد آخر حرصت جنوب أفريقيا لتأكيد التزامها على عدم الانحياز، وفي الواقع فإنه بخلاف الموقف الروسي من الحرب الأوكرانية تحرص هذه الدول كلها على انتهاج مواقف متوازنة، ولا تشجع تحول التنافس الدولي إلى البعد العسكري”.

ويتابع زايد، “تعد كذلك مسألة توسيع بريكس أبرز جوانب قمة جوهانسبرغ في ضوء مشاركة أكثر من 30 دولة بخلاف المنظمات الإقليمية والدولية”. مضيفاً على وقع حديث البعض عن تباين في رؤى التوسع بين الهند والصين “قللت الهند مما رددته مصادر إعلامية غربية بأنها تعارض توسيع بريكس، لأن الصين تؤيد التوسع، والأرجح أن القمة ستشهد انضمام عدد ليس قليل من الدول الراغبة في الانضمام، وسيمثل هذا أيضاً جزءاً من التحولات الدولية البطيئة الجارية حالياً”.

ويختتم زايد حديثه بالقول “تبقى مسألة أثر التنافس التاريخي بين الهند والصين على تماسك المجموعة، وهو التنافس الذي تراهن عليه كثير من القوى الغربية، لكن على الأرجح يبدو أن هناك حرصاً هندياً على تطور وبقاء وتماسك بريكس”.

وتختتم “بريكس” اليوم الخميس، قمتها المنعقدة في جوهانسبرغ، بحضور كل من الرئيس الصيني والرئيس البرازيلي ورئيس الوزراء الهندي، فيما لم يشارك حضورياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المستهدف بمذكرة توقيف دولية على خلفية الاشتباه بارتكابه جرائم حرب في أوكرانيا، واكتفى بتوجيه كلمة مسجلة مسبقاً عبر الفيديو، وأوفد عوضاً عنه وزير الخارجية سيرغي لافروف ممثلاً له.

وإجمالاً، تسجل دول مجموعة “بريكس” التي تمثل 42 في المئة من سكان العالم، مستويات نمو متفاوتة، وتتشارك الرغبة في التوصل إلى نظام عالمي ترى أنه يعكس بشكل أفضل مصالحها ونفوذها المتزايد، وتسعى كذلك إلى إنشاء مصرف تنمية خاص بها ليكون خياراً بديلاً من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتقترح تقليص الاعتماد على الدولار في التجارة الدولية.

المصدر: اندبندنت عربية

زر الذهاب إلى الأعلى