“أتراك إيران” قنبلة موقوتة فهل تم إبطال مفعولها؟

يوسف عزيزي  

 ما يميز الصراع التاريخي في بلاد فارس ليس طبقياً بل بين القوميات والقبائل التي كانت خاضعة لمختلف السلالات الحاكمة.

يبلغ عدد الأتراك نحو ثلث سكان إيران ويقيمون أساساً في إقليم أذربيجان الذي تم تفتيته وفق مخطط سياسي إلى محافظات زنجان وأردبيل وأذربيجان الشرقية وأذربيجان الغربية، وكذلك في طهران نحو 60 في المئة، وفي محافظة فارس ومدن أخرى.

وفي حين يدعي بعضهم أنهم يشكلون 40 في المئة من سكان إيران، يبدو أن نسبة 30 في المئة من الأتراك و30 في المئة الفرس و40 في المئة من سائر الشعوب الأخرى في البلاد، هي النسب الأقرب إلى الصحة للتوزيع السكاني في إيران، مع عدم وجود إحصاء رسمي في هذا المجال.

ومنذ أواخر القرن الـ 19 وبزوغ المسألة القومية في إيران، طغى طابع الصراع ضد السلطة الحاكمة على الصراع بين الشعوب القاطنة في إيران لكنه لم ينهه،

فلماذا وبوجود شعوب غير فارسية أخرى لها نضالاتها خلال القرن الماضي نؤكد فقط على الصراع التركي – الفارسي؟ فالسبب يعود لثقل هاتين القوميتين تاريخياً وجغرافياً وأهمية الأتراك الأذريين في الكفاح ضد الاستبداد، بل والأهم من ذلك دورهم المنشود في حل معضلتي القوميات والديمقراطية في إيران على رغم النضال التي تشهده مناطق كردستان وبلوشستان وعربستان، يبدو أبرز وأشد مما يجري حالياً في أذربيجان.

غير أنه لا الكرد ولا العرب ولا البلوش قادرون على حسم الموقف لمصلحة الشعوب غير الفارسية من دون إسهام الشعوب التركية، وبخاصة الشعب التركي في إقليم أذربيجان، فلذا أتوقع أن الشعب الأذربيجاني سيستمر في نضاله من أجل حقوقه القومية وهو يتأثر بذلك بما يحدث بين أبناء جلدته في جمهورية أذربيجان والجمهورية التركية.

الصراع التركي – الفارسي في إيران

فقد الفرس سلطتهم السياسية إثر الفتوحات الإسلامية وبعد أن حكم العرب المسلمون بلاد فارس لمدة قرنين كاملين، ومن ثم حكمهم الأتراك الغزنويين والسلجوقيين والخوارزميين التابعين صورياً لخلافة بغداد، والمغول والصفويين والأفشار والقاجار، إذ حكم الأتراك منذ أواسط القرن الـ 11وحتى عام 1925 ميلادي ما عدا فترة طالت لـ 50 عاماً حكم خلالها “الزنديون”- اللور.

وخلال فترة حكمهم هذه، كانت اللغة العربية لغة الشريعة والقانون، واللغة التركية لغة الجيش والبلاط، واللغة الفارسية لغة الأدب والإدارة حيث لم يستغنِ الأتراك ومنذ اليوم الأول من حكمهم عن البيروقراطية الفارسية التي نقلت تجارب إدارية سابقة للفتوحات الإسلامية. فلم يعادي العرب ولا الأتراك اللغة الفارسية التي نهلت من اللغة العربية ولقيت تشجيعاً من الأباطرة الأتراك كلغة أدبية وإدارية.

في الحقيقة ما يميز الصراع التاريخي في بلاد فارس ليس الصراع الطبقي بل الصراع بين القوميات والقبائل التي كانت خاضعة لمختلف السلالات الحاكمة، ومعظمها من الأتراك (التركمان) الذين كانوا بدواً في صحاري آسيا الوسطى ومحاربين شرسين وعددهم أكبر من السكان في شمال البلاد.

بحلول القرن الـ 19 دخل عامل جديد ليلعب دوراً مهماً في موازين القوى القومية وبخاصة بين الفرس والأتراك كأكبر قوميتين في إيران، وأعني هنا دور الاستشراق الأوروبي الذي تعود نشأته للأوساط الأكاديمية المرتبطة بالدوائر الاستعمارية الفرنسية والبريطانية والألمانية، وصاغت هذه الدوائر نظرية عنصرية قائمة على تفوق العرق الآري ودعمت سياسياً  وبواسطة الزرادشتيين الهنود ذوي الأصول الفارسية والمقربين من البريطانيين في الهند، الحراك الفكري الفارسي المعادي للعرب في أواسط القرن الـ 19 والذي تغلغل في عمق بلاط السلالة القاجارية، وجند أمراء قاجار كجلال الدين ميرزا ابن الشاه فتحعلي القاجاري، كرموز للقومية الإيرانية (الفارسية في الحقيقة)، غير أن هذا التيار الشعوبي الجديد لم يكتفي بذلك وبذل جهده بعد قيام ثورة الدستور لحذف الأتراك من السلطة نهائياً، وقد تم ذلك بمساعدة الحكومة البريطانية. وهنا يبرز مكمن ضعف شاهات القاجار الذين ابتعدوا من هويتهم التركية ولم يحاولوا حتى أن يمنحوا اللغة التركية الأذرية التي كانوا يتكلمون بها في البلاط مكانة تعادل اللغة الفارسية، كما فعل الطاجيك في أفغانستان والذين وضعوا اللغة الفارسية على قدم المساواة مع لغة البشتون.

بعد قيام ثورة المشروطة (1906-1909) وعند صياغة أول دستور إيراني وإثر انحسار قوة الدولة القاجارية ومحاولة اغتيال ستارخان – التركي التبريزي، البطل الأبرز في عملية انتصار ثورة الدستور، شعر الأتراك الأذريين بالخذلان واشتموا رائحة حذفهم من السلطة بعدما كانوا يتقاسمونها مع الفرس، وقد ظهرت حركات تطالب بحقوق الأتراك بل وهددت بفصل مملكة أذربيجان إذا لم ترضخ طهران لمطالبهم. وأدخل البرلمان الوليد بعض المواد الخاصة بحقوق الشعوب غير الفارسية في الدستور مؤكداً وجود الممالك المتصالحة مثل مملكة أذربيجان ومملكة عربستان ومملكة جيلان ومملكة كردستان، غير أن المواد هذه لم تر النور وبقت حبراً على ورق.

وتكررت المسرحية بعد قيام الثورة الإسلامية عام 1979 حيث لم تنفذ الطبقة السياسية الفارسية المهيمنة على الحكم، المواد البسيطة الخاصة بالحقوق الثقافية لهذه الشعوب حتى اللحظة.

وهنا تجب الإشارة إلى ما قدمه الأمير خزعل بن جابر من مساعدات مالية للثوار المحاصرين في مدينة تبريز وعلى رأسهم ستارخان وباقرخان عندما تمكنت الثورة المضادة بقيادة الشاه محمد علي القاجاري من أن تسيطر على طهران وتقهر الأقاليم الأخرى، ولولا صمود ثوار تبريز لفشلت الثورة واستمر الاستبداد القاجاري في إيران، إذ كان الأمير خزعل يرسل مساعدته المالية على شكل سندات إذنية من بنوك عثمانية في البصرة القريبة للمحمرة إلى فروعهم في إسطنبول، ثم يقوم بعض الأذربيجانيين المقيمين في إسطنبول بصرف المبلغ ونقله إلى تبريز وتسليمه للثوار.

الأتراك خارج السلطة

في عام 1925 توج رضا شاه البهلوي، وهو من إقليم مازندران، نفسه شاهاً على إيران بعد خمس سنوات من تنفيذه مع شخص يدعى ضياء الدين الطبطبائي انقلاباً عسكرياً ضد الحكم القاجاري بدعم من بريطانيا، وهنا أضيف الخطاب الفارسي المعادي للأتراك إلى ذلك المعادي للعرب والرائج منذ أواسط القرن الـ 19، بل وبدأت عملية سحق اللغات والثقافات غير الفارسية لصهرها في بوتقة لغة واحدة وثقافة واحدة. وفقدت تبريز عاصمة إقليم أذربيجان أهميتها السياسية وأصبحت اللغة التركية الأذرية ممنوعة في المدارس والكتب والصحف والفنون.

وبعد سقوط الشاه رضا وفي الفترة الأولى لحكم الشاه محمد رضا بهلوي حاول الأتراك واستناداً إلى دستور ثورة المشروطة أن يقيموا حكماً ذاتياً في إقليم أذربيجان، غير أن كل التيارات الفارسية (الشاه محمد رضا والملكيين والدينيين بقيادة الكاشاني والقوميين بقيادة مصدق) عارضت ذلك، بخاصة بعد التحاق الشعب الكردي في كردستان بتلك العملية والإعلان عن قيام جمهورية مهاباد، فلم تدم هاتين السلطتين إلا عاماً واحداً (1945-1946) وتم سحقهما بقوات الجيش الشاهنشاهي الذي أحرق الكتب التركية في أذربيجان وقتل وأعدم المئات إن لم نقل الألوف من الأتراك الأذريين.

لقد أعلن أخيراً المفكر الإيراني محمدرضا نيكفر أن أحمد الكسروي التركي الأصل والمؤرخ والمنظر لهينمة القومية الفارسية طرح في أربعينيات القرن الماضي موضوع “اللغة الأذرية” وعلاقتها المفصلية مع اللغة الفارسية، مدعياً أنها كانت رائجة قبل اللغة التركية في أذربيجان، وينوي الكسروي بذلك ردم الفجوة الهائلة بين الأتراك والفرس في إيران للحيلولة دون الصدام بين هاتين القوميتين آنذاك، ويؤكد نيكفر بذلك أن تلك كانت “كذبة الكسروي” وأنه لا يوجد شيء اسمه لغة أذرية بل لغة الشعب التركي في إقليم أذربيجان إيران، وعبر التاريخ هي فرع من اللغة التركية.

وشارك الأتراك في قيام ثورة فبراير (شباط) 1979، إذ وجهت تظاهرات أهالي تبريز في الـ 18 من فبراير 1978 ضربة قاصمة لنظام الشاه.

بعد الثورة

أصبح إقليم أذربيجان بعيد قيام ثورة فبراير 79 ساحة لحضور أحزاب وتنظيمات مختلفة منها اليسارية والقومية التركية الأذرية والقومية الدينية الأذربيجانية، غير أن حزب “جمهوري خلق مسلمان” (جمهورية الشعب المسلم)، كان الأكثر نفوذاً وتأثيراً بين الجماهير الأذربيجانية، وكان مرشد الحزب أحد كبار مراجع التقليد الشيعية، آية الله محمد كاظم شريعتمداري (تركي ذات اتجاه ليبرالي) المعارض لمبدأ “ولاية الفقيه” المطروح من قبل الخميني، فخلال حركة أنصار شريعتمداري وحزب “الشعب المسلم” في ديسمبر (كانون الأول) 1979 لم يصوت نحو 5 ملايين أذربيجاني لمصلحة دستور الجمهورية الإسلامية ومبدأ ولاية الفقيه، وتم قمعهم على الفور بطريقة دموية من قبل قوات الخميني، وقام أنصاره بترويج شعار “الموت لمعادي ولاية الفقيه” ضد الأذربيجانيين، ومنذ ذلك الوقت بدأ التمييز الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ضد إقليم أذربيجان، وترافق القمع السياسي مع الإهمال الاقتصادي، وخلال قمع أنصار شريعتمداري تم قمع بازار (سوق) تبريز الذي كان دائماً حاملاً علم النضال السياسي منذ العهد الصفوي، ودعم شريعتمداري بعد الثورة.

هل تشهد إيران منعطفا لصالح الشعوب غير الفارسية؟

وبقمع سلطة الخميني لبازار تبريز فإنها قمعت بالتالي البرجوازية الوطنية التركية في أذربيجان التي كانت تنافس بازار طهران، وسددت لها ضربات مميتة أدت إلى ضعفها، ووصف الرئيس السابق، الرجل القوي في الجمهورية الإسلامية، أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان يكن عداء فارسياً للأتراك تبريز بـ “القرية الكبرى” خلال إحدى زياراته إلى هناك، واُعتبر ذلك إساءة للأذربيجانيين بحسب الباحث التركي ما شاء الله رزمي.

فيمكن اعتبار استقلال جمهورية أذربيجان عام 1991 نقطة تحول في نضال الشعب التركي في أذربيجان إيران، إذ منحهم الثقة بالنفس وأمل بمستقبل كاد أن يخفت، وأصبحت الحركة القومية الأذربيجانية تنمو يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام، لكن ما يميزها عن الحركات القومية والوطنية للشعوب الأخرى هي أنها مدنية سلمية بعيدة من عمليات العنف والعمليات المسلحة، وجل تركيزها على الحقوق اللغوية والثقافية للشعب التركي في إيران، على رغم أن هناك اتجاهات استقلالية من الصعب تقييم ثقلها ووزنها في هذه الحركة، كما أنها تعاني الضعف التنظيمي قياساً بالحركة القومية الكردية في إيران، ولم يسمع العالم كثيراً عنها قياساً إلى حركات الكرد والعرب والبلوش، كما تتجنب السلطة الإيرانية إثارة حفيظة الأتراك بتنفيذ أحكام الإعدام، كما يحصل مع البلوش والكرد والعرب، ولهذا فإن نسبة الإعدامات بين هذه الشعوب الثلاث هي الأعلى في إيران، لكن هناك المئات من النساء والرجال الأتراك المسجونين بسبب نشاطهم المدني والثقافي.

وفيما كان إقليم أذربيجان السباق في الحركات والثورات الوطنية في إيران، ومنها ثورة الدستور وثورة 1979، غير أنه ومنذ استقلال جمهورية أذربيجان وعدم تعاطف الفرس مع قضايا الأتراك في بعض الأحداث التي تمس هويتهم كاحتجاجاتهم وتظاهراتهم ضد إساءة صحيفة إيران الحكومية لهويتهم عام 2006، بدأوا بالانفصال عما يسمى بالحركات الوطنية الشمولية في إيران. وعلى سبيل المثال لم يشارك إقليم أذربيجان في ما يسمى بـ”الحركة الخضراء” بقيادة مير حسين موسوي ومهدي كروبي عام 2009 والتي اقتصر وجودها وتظاهراتها المناوئة للنظام على طهران، ونوعاً ما في أصفهان وشيراز. ويبدو أن هذا هو ما أدى إلى فشلها على رغم مشاركة الملايين باحتجاجاتها في طهران، وحتى في انتفاضة مهسا أميني العام الماضي لم يشارك إلا القليل من الأتراك في الأيام والأشهر الأولى للتظاهرات، قياساً إلى كردستان وبلوشستان والأقاليم والمدن الأخرى في إيران.

وعلاوة على ما ذكرناه من استعمار داخلي مفروض على إقليم أذربيجان وحرمان شعبه التركي من حقوقه اللغوية والثقافية، فهناك كارثة تحدث في إقليم أذربيجان وهي جفاف بحيرة أورمية، إحدى أكبر بحيرات الملح في العالم، ويتوقع أن يؤدي جفافها بالكامل إلى إخلاء المدن الكبرى مثل تبريز وأورمية، ويتهم الناشطون الأتراك السلطة الإيرانية بوقوع هذه الكارثة لتنفيذ ما كان يخطط له منظرو النظام البهلوي حول ضرورة “تفريس الأتراك” والعرب في إيران بتهجيرهم إلى المناطق الفارسية في وسط إيران ليحل مكانهم الفرس، ويتعرض الأتراك في إيران لخطاب عنصري معاد يحقرهم ويسيئ إلى لغتهم ولهجتهم وثقافتهم وإن لم يصل في حدته وعمقه وسعته إلى مستوى الخطاب المعادي للعرب في إيران.

التيارات الرئيسة بين الأتراك في إيران

بحسب معرفتي للوضع في إقليم أذربيجان الإيراني يمكن تصنيف التيارات السياسية والثقافية التركية الناشطة في الداخل والخارج إلى ثلاثة، الأول التيار الاستقلالي ومعقله تبريز عاصمة أذربيجان، غير أن أنصار هذا التيار لا يجرؤون على طرح ذلك صراحة بل تحت شعار “الحرية… العدالة وسلطة وطنية”. وهذا هو أيضاً ما يطرحه التيار الثاني وهو الفيدرالي والذي يفسر خلافاً للتيار الاستقلالي السلطة الوطنية بسلطة الحكم الذاتي أو السلطة في إطار فيدرالي إيراني، ويستند في ذلك إلى سلطة الحكم الذاتي في عهد الحزب الديمقراطي الأذربيجاني بقيادة جعفر بيشهوري في أواسط الأربعينيات من القرن الـ 20.

والتيار الثالث هو التيار الذي يقول إن الأتراك هم الذين بنوا إيران الحديثة ويعنون بذلك السلالة القاجارية التي انهارت عام 1925 وهم الذين ذادوا عن حدودها في الحروب مع الروس في أوائل القرن الـ 19، وأنا أضيف إلى ذلك ما قام به الشاه محمد القاجاري في احتلال مدينة المحمرة، عاصمة مملكة عربستان، وضمها الى الممالك المتحالفة عام 1843، ويؤكد هذا التيار على ضرورة التعايش بين كل الشعوب الإيرانية، وهناك تيار يتشكل من فئات مختلفة أصبح “ملكياً أكثر من الملك”، وأعني أنه يطالب بالتفريس ويروج للخطاب القومي الفارسي، ومن قادته الفكريين أحمد الكسروي في العهد البهلوي وجواد الطبطبائي الذي توفي قبل أشهر، ويطلق الأتراك على هؤلاء مصطلح الـ “مانغورت” أي الشخص الذي يقتل أمه.

غير أن التيار الأخير لم يتمتع بشعبية في إقليم أذربيجان بل إنه متهم بتلقي الدعم من السلطة في طهران وأجهزتها الأمنية، وفي الختام يمكن القول إنه وعلى رغم كل ما ذكرناه عن الوهن الاقتصادي الذي أصاب الأتراك في إيران، لكن لا تزال البورجوازية التركية التي من الصعب تمييزها عن قرينتها الفارسية في طهران تلعب دوراً لا بأس به في الاقتصاد الإيراني قياساً إلى الكرد والعرب والبلوش، كما يشارك الأتراك الفرس المذهب الشيعي وبعض الشؤون الثقافية مثل الاحتفال بأعياد “نوروز” و”الأربعاء الحمراء” وما شابه ذلك، وهذه أمور تعتبر أواصر لا يستهان بها بينهم وبين الفرس وإيران، لكن حرمانهم من التعليم بلغتهم الأم وتعرضهم للإساءة والتحقير المتمثل في النكات المحكية ضدهم، وفرض بعض حالات التخلف الاقتصادي على إقليمهم ومدنهم وعدم حل مشكلة بحيرة أورمية أمور تبعدهم من الفرس، كما أنهم يقارنون أنفسهم مع أبناء جلدتهم في جمهورية أذربيجان الذين يحكمون أنفسهم بأنفسهم ويطورون اقتصادهم وثقافتهم ولغتهم من دون أي حاجز يعوقهم أو يحاول طمس هويتهم وصهرها في أي قومية مهيمنة كما هو الحال في إيران، لذلك أتوقع أن يشتد التناقض بين الشعب التركي الأذري من جهة والسلطة في طهران من جهة أخرى، لكن تطور نضالهم المعادي للاضطهاد القومي والعنصري يتبع مدى تطور العداء بين إيران وجمهورية أذربيجان، وتأثير تنظيماتهم وأحزابهم ومؤسساتهم الإعلامية والثقافية والمدنية على نضال شعبهم وقيادته، وكذلك مدى تعاملهم مع جارتهم كردستان ومعالجة مشكلاتهم مع الشعب الكردي والتي تحول دون أي تنسيق أساس بين الشعوب غير الفارسية وكفاحها من أجل حقوقها القومية.

المصدر: الاندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى