شكلت زيارة ما يسمى بالمؤتمر القومي العربي إلى دمشق ولقائه بحاكم دمشق بشار الأسد صدمة لكثيرين من أبناء الشعب السوري ليس لسبب سياسي بتأييد النظام وسياساته وإنما لسبب الشعارات الفكرية التي يدعي الإنتساب إليها أعضاء الوفد من رئيسه الناصري سابقًا والمستقيل من انتمائه القومي ..إن أي تأييد من أية جهة كانت محلية أو دولية تشيد بالنظام السوري لن تستطيع أن تغير شيئًا في واقع دوره الوظيفي الإجرامي الذي يستأصل الشعب السوري من جذوره وأرضه ويلقيه فريسة للتشرد والفقر والموت والتهجير..فهذا النظام لا ولن يستطيع كل إعلام الأرض وجبروت قواه وقوته تبييض صفحته وإسدال ستار من النسيان على ما ارتكبه من فظائع إجرامية بحق أبناء سورية الأحرار والأبرار الأوفياء لهويتها التاريخية وموقعها في قلب الأمة العربية..لن تستطيع كل قوى العالم تغيير صفحة واحدة من صفحات جرائمه وفساده وارتهانه..ولكن أن يأتي مثل هذا التأييد من أشخاص ينسبون أنفسهم للفكر القومي العربي فهنا ما لا يمكن قبوله أو السكوت عنه تحت أي إعتبار.
فالنظام السوري الذي أباح سورية وقبلها لبنان لأعداء العروبة من الشعوبيين الحاقدين على الهوية العربية أصحاب مشاريع التقسيم والتغيير السكاني الديمغرافي؛ لا يمكن تحت أي منطق القول أنه يحمي سورية من مؤامرة كونية وهو الذي باع أرض سورية للغزاة المستعمرين فكان المادة الأولى والأساسية في تنفيذ تلك المؤامرة وتحقيق أهدافها المدمرة الخبيثة..أن يأتي تأييد لهكذا نظام من عربي ينسب نفسه للقومية العربية فهذا عدوان ليس فقط على شعب سورية العربي وإنكار لتضحياته العظيمة دفاعًا عن وجوده وحريته وكرامته ومستقبله؛ وإنما عدوان مباشر على كل الأمة العربية وعلى كل أمل لها في مستقبل عربي حر متحرر موحد متقدم..كيف للقومية العربية أن تحرر بلادنا وتوحد أمتنا طالما دعاتها يبررون سياسة القمع والطغيان ويدافعون عن إجرام أنظمة القهر والإرتهان للنفوذ الأجنبي ومشاريعه وأدواته ؟؟
كيف للقومية العربية أن تكون فكر المستقبل العربي ودعاتها يسوقون سفك دماء الإنسان العربي ويؤيدون كل عدوان عليه ؟؟ وهل هناك عدوان أكثر فظاظة من ارتكابات نظام سورية بحق شعبها وأبنائها ؟؟
وهل هناك ثمن يمكن أن يدفعه شعب طلبًا لحريته وحقوقه أكبر مما دفعه شعب سورية الذبيح بيد نظامه المجرم ؟؟
حتى يأتي أدعياء القومية العربية ليسفهوا شعبًا منكوبًا مشردًا مقهورًا ؛ متزلفين لرأس نظامه المجرم ويسمعون منه حديثًا عن العروبة والقومية العربية؟ أليس هذا ذروة الإستخفاف بالشعب والأمة والتاريخ والمستقبل والعدوان عليهم جميعًا !!.
إننا نعرف كل الخلفيات المصلحية النفعية لمعظم أعضاء الوفد بدءًا من رئيسه الذي ارتضى لنفسه دور الكركوز المنافق مناقضًا تاريخه الأبيض يوم أن كان وطنيًا صادقًا حينما وقف مع شعب سورية في مواجهة نظام القمعي المجرم..وقبل أن يرتمي في أحضان أجهزة أمنية هنا أو لهفة على أموال من هناك تبقيه على قيد الحياة السياسية هزيلاً مهزوزًا !!
إننا كعروبيين أصيلين صادقين مخلصين لهويتنا وانتمائنا العربي القومي نقول لهؤلاء الأدوات لستم أنتم من يمثل فكرة قومية إنسانية تحررية تقدمية مستقلة..إن أتباع الأنظمة اللاهثين وراء المال من دول ولو كانت تحمل مشاريع مناقضة تمامًا لهويتنا العربية وتشكل خطرًا محدقًا عليها. لا يمكن إلا أن يكونوا مأجورين لقوى النفوذ الأجنبي أو الإقليمي الذي يشن حروبًا شاملة عالمية على كل مكونات هويتنا وأمتنا وأولها العروبة والإسلام.. فالقومية العربية شرف وأمانة واستقلال والتزام أخلاقي إنساني وطني قبل كل شيء..إن أي مواطن حر شريف ولو لم يقرأ سطرًا واحدًا في الفكر القومي العربي؛ أخلص من كل أحاديثكم ومحاضراتكم ومؤتمراتكم المدفوعة الأجر مسبقًا وأشرف من ضمائركم الغائبة المباعة للشيطان وأدواته وأتباعه.
أخوتنا في ساحات العمل الوطني السوري أينما كانوا وأيًا كانت توجهاتهم الثقافية والسياسية والفكرية؛ أما آن لنا أن نجمع قوتنا وقوانا في إطار جبهوي واحد نعمل معًا على ضوء برنامج وطني مرحلي للمواجهة والدفاع عن ثورتنا وحقنا في الحياة الحرة الكريمة بعيدًا عن أية وصاية أجنبية وأي احتلال أجنبي لأي شبر من أرض سورية الأبية ؟؟
أليس من الواجب الملح أن نقف معًا لفضح كل هؤلاء المنافقين الذين يعملون في تلميع صورة النظام وتسويقه وبالتالي اتهام شعبنا بأنه هو الذي خرب بلاده وانساق في خضم مؤامرة كونية عليها فيما نظامها يدافع عنها ويتصدى لتلك المؤامرة ؟؟ وهل هناك أفظع من هذا التزوير والتشويه والتلفيق يطال تضحيات شعبنا على ألسنة مثل هؤلاء الكتبة المأجورين الضعفاء ؟؟
إخوتنا في الوطنية السورية إن الخطوة الملحة جدًا للتصدي لكل هذا التزوير والتشويه العامد المتعمد؛ ومن ثم الرد على كل الأكاذيب والمنافقين والمتاجرين بدماء شعب سورية وعذابات معتقليه الأشراف؛ والتصدي لكل الأطماع والخيانات وكل عدوان حتى تحرير سورية الوطن والشعب والأرض؛
إن الخطوة الأولى والملحة للبدء في كل هذا وقبل فوات الأوان؛ تتمثل في تأسيس تحالف وطني جبهوي عريض على ضوء برنامج مرحلي للعمل الوطني واضح الأهداف والمهمات المرحلية والإستراتيجية.
وإلا فلن يكون لثورتنا الوطنية مستقبل مشرق طالما الأخطار والنظام والنفاق والغدر باقون. وحتى لا يندمن أحد على تضييع فرصة سانحة ممكنة راهنًا؛ فلنبادر إلى العمل التعاوني الجماعي الجبهوي المنظم.
لن يكون في مصلحة شعب سورية أي تدخل أجنبي يتقاسم بلادنا ويقيم عليها نظامًا للمحاصصة الطائفية على قواعد الحقد والكراهية والتفتت بديلًا عن نظام الهيمنة والإجرام.
فلنقطع الطريق على تسويق متجدد للنظام؛ باتحاد قوتنا الوطنية الكبيرة والمنتشرة والتي ما تزال متفرقة مفككة رغم كل الأهوال التي عشناها ونأمل ألا نبقى نعيش تحت حرابها.