من غير المرجح أن تنضم بقية دول مجلس التعاون الخليجي قريبا إلى اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومع صعود اليمين المتطرف في تل أبيب وزيادة العنف بحق الشعب الفلسطيني، تتبع إسرائيل 3 استراتجيات للحفاظ على العلاقات مع الدول الموقعة على تلك الاتفاقيات.
ذلك ما خلص إليه عزيز الغشيان، زميل “معهد دول الخليج العربية في واشنطن” (AGSIW) عبر تحليل ترجمه “الخليج الجديد”، مشيرا إلى أن إسرائيل وقَّعت عام 2020 اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، بوساطة الولايات المتحدة.
ورأى أيضا أنه من غير المرجح انهيار تلك الاتفاقيات، على الرغم من “صعود المتطرفين إلى مناصب عليا في الحكومة الإسرائيلية بقيادة (بنيامين) نتنياهو (منذ 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي)، وتكثيف الغارات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية”.
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات معلنة مع إسرائيل، التي ترفض الانسحاب من الأراضي التي تحتلها في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ومعتبرا أن تلك الاتفاقيات “مثلت انتصارا استراتيجيا لإسرائيل”، لفت الغشيان إلى قول نتنياهو، في يونيو/ حزيران 2021 إن “اتفاقيات إبراهيم أتاحت لنا الخروج من معادلة الأرض مقابل السلام إلى السلام مقابل السلام”.
دول إسلامية
“يجب على إسرائيل أن تحافظ على هذه الاتفاقات حية، إذا كانت تريد الحفاظ على نموذج السلام مقابل السلام على قيد الحياة، ولهذا الهدف تستخدم تل أبيب ثلاث استراتيجيات”، بحسب الغشيان.
وبالنسبة للاستراتيجية الأولى، قال إنه “نظرا لعدم احتمال دخول (بقية) دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى قريبا في اتفاقيات إبراهيم، تحاول إسرائيل إدخال دول أخرى ذات أغلبية مسلمة في دائرة السلام”.
وتأسس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو/ أيار 1981 ويوجد مقره في الرياض ويضم ست دول هي السعودية والإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان والبحرين.
وتظهر زيارات وتصريحات لوزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين أن تل أبيب تعمل على تطبيع العلاقات مع موريتانيا والصومال والنيجر وإندونيسيا وأذربيجان وتركمانستان.
واعتبر الغشيان أن “العلامات قليلة على حدوث تقدم (في هذا المسار)، وقد تراجعت طموحات إسرائيل بشأن إندونيسيا، أكبر الدول ذات الأغلبية المسلمة من حيث عدد السكان، عندما رفض حاكم جزيرة بالي استقبال منتخب إسرائيل لكرة القدم تحت 20 عاما، ما يشير إلى إحجام إندونيسيا عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.
تضخيم الاتصالات
واستراتيجية إسرائيل الثانية، كما أضاف الغشيان، هي “توسيع التعاون الضمني بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي” التي لم توقع على تلك الاتفاقيات.
وأوضح أنه “في حين أن العلاقات الرسمية بين إسرائيل وهذه الدول لا تزال بعيدة، فمن المرجح أن تحاول إسرائيل توسيع المشاركة الشعبية والتواصل الإعلامي مع تلك الدول”.
وتابع أن “جهود إسرائيل لتضخيم هذه التفاعلات ستدعم رغبة دول الخليج في أن تصبح مركزا دوليا يستضيف الأحداث العالمية، التي لا بد لإسرائيل والإسرائيليين من المشاركة فيها”.
الغشيان لفت إلى أن “رياضي إسرائيلي شارك في سباق ثلاثي بالسعودية في أكتوبر/ تشرين الأول2022، وحظيت مباراة جودو بين سعودية وإسرائيلية في أولمبياد طوكيو 2021 باهتمام كبير”.
وأضاف أن “القنوات التلفزيونية الإسرائيلية تستضيف أكاديميين ومحللين خليجيين (مقيمين في الإمارات عادة) لمناقشة إمكانية ازدهار اتفاقيات إبراهيم مع الإمارات والبحرين وآفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية”.
ولا ترتبط السعودية، صاحبة المكانة البارزة في العالم الإسلامي والقدرات الاقتصادية الضخمة، بعلاقات معلنة مع إسرائيل، وتشترط انسحابها من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
إثارة التكهنات
أما الاستراتيجية الإسرائيلية الثالثة، فهي “إثارة التكهنات، ويفعل المسؤولون الإسرائيليون ذلك عبر الإشارة إلى أن المزيد من التعاون الرسمي أو الاختراقات مع دول الخليج تلوح في الأفق”، بحسب الغشيان.
وأردف أنه “يمكن أيضا تسييس هذه التكهنات لتصوير اتفاقيات إبراهيم بشكل غير دقيق على أنها نابضة بالحياة ومتوسعة، والحقيقة أنه بينما تستمر الأعمال التجارية (بين إسرائيل والدول الموقعة على الاتفاقيات)، فإن هذه الاتفاقيات لا تحظى بشعبية متزايدة في شوارع الخليج، كما زادت الشكوك حول مزاياها كإطار للسلام الإقليمي”.
ولفت إلى أنه “عندما ألقى نتنياهو خطابه الأول كرئيس للائتلاف الحالي، حدد أربعة أهداف سياسية شاملة، أحدها كان “توسيع دائرة السلام بشكل كبير”، في إشارة ضمنية إلى تطبيع العلاقات مع السعودية.
لكن في مارس/ آذار الماضي، منعت السعودية رحلة وزير الخارجية الإسرائيلي لحضور فعالية للأمم المتحدة استضافتها المملكة، والتي كان من المحتمل أن تصورها إسرائيل على أنها “حدث تاريخي”.
وبينما كان في أذربيجان بعد أسابيع، ادعى كوهين أن زيارته إلى السعودية “مطروحة على الطاولة”، “مما أبقى التكهنات حول الزيارة على قيد الحياة، على الرغم من اعتراف المسؤولين الإسرائيليين بأن الرياض منعت رحلته في مارس/ آذار الماضي”، كما تابع الغشيان.
وفي ظل صمت رسمي من الرياض، تتواتر تقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية عن أن السعودية قدمت إلى الولايات المتحدة حزمة مطالب مقابل التطبيع مع إسرائيل تشمل توقيع اتفاق تحالف بين واشنطن والمملكة وتزويدها بأسلحة متطورة وتقديم المساعدة لبرنامج نووي مدني سعودي.
المصدر | عزيز الغشيان/ معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد