ماذا تستهدف الدراجات المفخخة في «السيدة زينب»؟ أهالي دمشق يشككون في الروايات الرسمية

حالة من الغضب والاحتقان تخيم على منطقة السيدة زينب في ريف دمشق، بعد التفجيرين اللذين وقعا يومي الثلاثاء وأمس (الخميس)، رغم التعزيزات الأمنية المكثفة ونشر الحواجز خلال الأيام الماضية لحماية مجالس العزاء ومواكب إحياء ذكرى عاشوراء التي تنتهي اليوم (الجمعة).

والانفجار الذي وقع الثلاثاء لم يمنع «لواء أبو الفضل العباس»، الميليشيا الموالية لإيران، من إحياء الذكرى في الشوارع وتسيير موكب تشبيه تمثيلي لـ«زفة القاسم»، بل ارتفعت حدة التفجع والتوعد في الإنشاد والخطابات في مجالس العزاء.

أما الانفجار الذي وقع أمس، فتسبب بمقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من عشرين آخرين بجروح، وفق ما أعلنته وزارة الصحة السورية في بيان على «تلغرام». وأوردت وزارة الداخلية السورية من جانبها، أن «التفجير الإرهابي» وقع جراء «انفجار دراجة نارية بالقرب من مركبة تاكسي عمومي».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متقاطعة في دمشق أن الأهالي في منطقة السيدة زينب يشككون في الروايات الرسمية حول هوية التفجير، ويحملون المسؤولية للجهات الأمنية والعسكرية التي تنشر حواجزها في المنطقة، وتتقاضى الإتاوات، فيما لا تستطيع منع دراجة مفخخة من الوصول إلى المنطقة. إلا أن المصادر أكدت صعوبة ذلك وسط انتشار السلاح في المنطقة التي تعد تجمعاً لمقرات الميليشيات التابعة لإيران. ورجحت المصادر أن تستغل إيران الانفجار لصالح فرض هيمنتها الأمنية «المطلقة» على المنطقة.

وبحسب المصادر، فإن الانفجار الذي وقع أمس استهدف مقراً لميليشيا «لواء أبو الفضل العباس»، وذلك بعد يوم واحد من انفجار دراجة نارية مفخخة في المنطقة ذاتها بالقرب من دوار فندق الروضة، وأدى إلى إصابة شخصين.

وبحسب المعلومات الواردة من منطقة السيدة زينب، فإن معظم القتلى والمصابين من أبناء بلدات نبل والزهراء والفوعة بريف إدلب شمال البلاد. وقال إبراهيم (39 عاماً) الموظف في المنطقة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» الخميس إن التفجير وقع «قرب مقر أمني (…) على بُعد نحو 600 متر من مقام السيدة زينب».

وميليشيا «أبو الفضل العباس» في السيدة زينب بدمشق تأسست عام 2012 وهي تتبع لـ«الحرس الثوري» الإيراني وتعد الفرع السوري لميليشيا في العراق. وتنتشر عناصرها على رقعة واسعة من الأراضي السورية وبشكل خاص في حلب وريفها، وفي دير الزور والميادين، كما تشكل بلدتا نبل والزهراء في ريف حلب، حيث الأغلبية شيعية، خزانا بشريا للميليشيا، ومنها تم اختيار قيادات العناصر السورية في الميليشيا، التي شاركت في كثير من المعارك على الساحة السورية أبرزها في ريف دمشق المحيط بمنطقة السيدة زينب. كما شاركت في معارك دير الزور عام 2017 وقامت بتنسيب المئات من أبناء دير الزور، لتصبح واحدة من كبرى الميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» ضمن الأراضي السورية، بتعداد عناصر يتجاوز الخمسة آلاف عنصر.

وخلال سنوات النزاع المستمر منذ 2011، تعرضت منطقة السيدة زينب، التي تحمل اسم مقام السيدة زينب، لهجمات وتفجيرات دامية نفَّذتها مجموعات مسلَّحة. فيما لم تتوقف وفود الحج الشيعي إلى مقام السيدة زينب القادمة من إيران والعراق ولبنان ودول أخرى.

والسيدة زينب أو «الست زينب»، كما يلفظها السوريون، بلدة تقع على بعد حوالي 10 كلم جنوب العاصمة دمشق، على الطريق السريعة المؤدية إلى مطار دمشق الدولي والطريق المؤدية إلى محافظة السويداء جنوب سوريا. وتعد هذه المنطقة من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وكان يسكنها أبناء الطائفتين السنية والشيعية، ولكن في العقود الأخيرة تحولت إلى معقل رئيسي لأبناء الطائفة الشيعية من السوريين وجنسيات أخرى، عراقية وإيرانية وغيرهما، منذ انتهاء الحرب الإيرانية ـ العراقية في الثمانينات، وتحول منطقة السيدة زينب إلى مقصد رئيسي للحج الشيعي من إيران والعراق ودول الخليج ولبنان وباكستان والهند وأفغانستان وغيرها من الدول على مدار السنة بلغ ذروته خلال عقد التسعينات مع تحولها إلى مركز ديني وتجمع حاشد، حيث يقصدها نحو مليوني زائر سنويا، إضافة إلى استقطابها المعارضة العراقية الشيعية المناوئة لنظام صدام حسين في العراق، وهو ما جعلها خلال حرب العراق 2003 ملجأ أساسيا للاجئين العراقيين من الشيعة، لتتحول وخلال سنوات الحرب في سوريا التي بدأت 2011 إلى خزان بشري ومركز عسكري للميليشيات التابعة لإيران، تعزز مع تدفق المقاتلين إليها من العراق ولبنان وإيران مع عائلاتهم بالإضافة لأبناء البلدات الشيعية في ريف إدلب (نبل والزهراء والفوعة) من الذين جرى ترحيلهم من مناطقهم في عمليات التسوية أثناء النزاع.

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى