وزير المهجرين اللبناني لـ تلفزيون سوريا: مفوضية اللاجئين خارج محادثات العودة

سهى جفّال

تستكمل الحكومة اللبنانية تحركاتها في محاولة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم عبر طرق باب النظام السوري بعدما قوبلت حملاتها المطالبة بالترحيل بالرفض من قبل المجتمع الدولي.

وفي خطوة تمهيدية لزيارة الوفد الوزاري اللبناني المرتقبة إلى سوريا، أجرى وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان عصام شرف الدين زيارة رسمية السبت الفائت إلى دمشق بهدف بحث ملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، واستهلها بلقاء وزير الإدارة المحلية والبيئة في النظام السوري حسين مخلوف، المكلف بملف النازحين في سوريا.

زيارة «إيجابية»

وقد وصف شرف الدين زيارته إلى دمشق بـ”الإيجابية والموفَّقة”، مشيراً إلى أنه “ثمة ثقة كاملة بين الطرفَيْن، وجهوزية للبدء باستقبال أعداد كبيرة من النازحين قد تصل في المرحلة الأولى إلى 180 ألف لاجئ”.

وفي حديث لموقع تلفزيون سوريا، قال شرف الدين إن “العودة الطوعية للاجئين السوريين لم تنجح العام الماضي لذلك أهم بند من البنود التي طُرحت خلال الزيارة هو أنه آن الأوان لمساعدة لبنان ومساعدة المواطن السوري في بلده”، مؤكدًا أن “موضوع النازحين السوريين يتم استغلاله من الدول الغربية لمآرب سياسية”.

لجنة ثنائية

ولكن هل ستتم المباحثات بشأن ملف اللاجئين بمعزل عن المجتمع الدولي؟ قال شرف الدين إن “سوريا وافقت على مسألة تشكيل لجنة ثلاثية قوامها لبنان والنظام السوري والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان (UNHCR)، لكن للأسف حتى الساعة لا موافقة من المفوضية بضغط من الدول المانحة، وبالتالي نحن مضطرون للذهاب إلى لجنة ثنائية بين سوريا ولبنان ريثما تسهل الأمور مع المفوضية”.

وأشار إلى أنه “يمكن اعتماد خريطة العودة في حال العمل بمنهجية جديدة تقوم على مبدأ الإعادة الآمنة ما من شأنه أن يساعد في إيجاد حلول كثيرة، على أن تنبثق من هذه اللجنة لجان فرعية في قرى العودة تتابع أوضاع النازحين أمنياً واقتصادياً واجتماعياً”.

مصير معارضي النظام السوري

ويبدو أن محادثات الجانب اللبناني والسوري لم تستثن معارضي النظام، إذ أشار شرف الدين في تصريحات بعد عودته إلى أن “لبنان ليس بلد لجوء، وفي حال لا يرغب المواطن السوري المعارض بالعودة إلى سوريا، فباستطاعته تقديم طلب اللجوء إلى بلد ثالث”.

وأوضح أن “هناك إجماعاً حكومياً في لبنان بشأن عودة اللاجئين بشكل عام”، أما فيما يخص المعارضين منهم، فأكّد شرف الدين على أنهم “لن يكونوا عرضة للترحيل القسري”. وأضاف: “اللاجئون السياسيون بحسب الأعراف الدولية والاتفاقات بين لبنان والمفوضية يتم ترحيلهم إلى دولة ثالثة بناء على طلب اللجوء الذي يتقدم فيه اللاجئ السياسي”، لافتاً إلى أنه “يمكن للاجئ إذا أراد الاستفادة من العفو الرئاسي في سوريا فهذا الأمر مطروح للبحث ويمكن للبنان المساعدة فيه”.

وبحسب إحصاء خاص بالأمن العام اللبناني، فإن اللاجئين السوريين في لبنان يقدّر عددهم بنحو مليونين و80 ألف لاجئ.

القرار السياسي اتخذ

في موازاة ذلك، لفت شرف الدين إلى أن البحث مستمر مع مفوضية شؤون اللاجئين في إمكانية تقديم المساعدات للاجئين داخل سوريا بدل أن تقدَّم لهم في لبنان، لا سيما أن هناك توجهاً دولياً نحو دعم سوريا وتحريك عودة النازحين بشكل جدي.

من هنا يؤكد أن “القرار السياسي في لبنان اتُّخذ لعودة النازحين، ويبقى لقاء الوفد الرسمي مع الجهات الرسمية في سوريا، حيث يفترض أن يليه وضع بروتوكول بين البلدين وآلية لعودتهم”.

السجناء السوريون في لبنان

وأشار الوزير اللبناني إلى أن المباحثات تطرقت أيضاً إلى قضية السجناء السوريين في لبنان الذين يريدون استكمال الفترة المتبقية من أحكامهم في سوريا. وقال إن “هذا الملف متابع من قبل وزيري العدل والداخلية، وذلك بعدما كانت الحكومة قد وضعت خطّة لترحيل السجناء السوريين إلى بلدهم، عبر تكليف وزير العدل هنري الخوري، بحث إمكانية تسليمهم لبلدهم مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة وبعد التنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية”.

ويعد تنفيذ هذا الأمر ليس سهلاً، لا سيما أن القانون اللبناني يمنع ترحيل أي شخص أجنبي ارتكب جريمة على الأراضي اللبنانية إلّا بعد انتهاء محاكمته، وانقضاء مدة العقوبة المحكوم بها، بشرط عدم وجود خطر على حياة الشخص وجعله عُرضة للاعتقال والتصفية الجسدية.

ويمكث في السجون اللبنانية قرابة 1800 سوري ممن ارتكبوا جرائم جنائية، 82 في المئة منهم لم تُستكمل محاكماتهم ولم تصدر أحكام بحقهم حتى الآن، و18 في المئة منهم صدرت أحكام بحقهم ويُمضون مدة عقوبتهم.

وأوضح شرف الدين أن مجلس الوزراء كلّف وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، على رأس وفد قوامه 8 وزراء، بالتواصل مع النظام السوري والهيئات المعنية لتحديد موعدٍ للبحث في ملف النازحين.

وفي ظل حملة سياسية ممنهجة وخطاب كراهية ضد اللاجئين، ترتفع شكاوى لبنان مؤخراً بشأن أعباء اللاجئين وبعدم قدرته على تحمّلها خصوصاً في غياب أي خريطة دولية لعودتهم، مطالباً الاتحاد الأوروبي بالمساعدة على إيجاد حلّ سريع لهذه المسألة، علماً أن هذا الملف دخل أيضاً البازار الرئاسي ويعدّ ورقة مهمة في أيدي المرشحين، خاصة من قبل فريق “الممانعة” الذي يرشّح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، المعروف بعلاقته المقربة جداً من النظام السوري.

النظام يستغل ورقة اللاجئين

وبحسب مصادر متابعة لملف اللاجئين، فإن النظام السوري “في ضوء الانفتاح العربي تجاهه، يحاول استغلال ورقة اللاجئين لمساومة العرب والغرب، من باب تمويل إعادة الإعمار وسط مطالبات الدول المستضيفة بترحيلهم تحت ذريعة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها”، مشيرة إلى أن “الخطاب الرسمي للنظام السوري يرحب بعودة اللاجئين، ويعرب عن تعاونه في هذا الاتجاه، إلا أنه يشدّد في الوقت نفسه على التلازم بين عودتهم وإعادة الإعمار”.

شكوك بنوايا النظام السوري

في السياق، أشار الكاتب السياسي الدكتور حارث سليمان، في حديث لـ تلفزيون سوريا، إلى أن “المشكلة في لبنان يكمن في وجود طرف واحد ساهم بتهجير السوريين واحتل منازلهم وأراضيهم، والطرف نفسه -أي حزب الله- يشن على اللاجئين تحريضاً وحملة عنصرية مطالباً بضرورة عودتهم إلى بلادهم، وفي الوقت نفسه حليفه نظام الأسد لا يريد عودتهم لأنه يريد (سوريا المفيدة)”.

وشكك سليمان بنوايا النظام السوري تجاه عودة اللاجئين، لافتاً إلى أن “النظام لا يريد عودتهم وهو يكذب، لأن عملية التهجير كانت نوعاً من الانقلاب الديموغرافي المقصود”.

وعن قانون العفو في سوريا، قال: “لا يمكن أخذه على محمل الجد فأمام مجموعة المصالحات التي تحصل، هناك أشخاص دفعوا أثماناً باهظة وحقيقية بسبب الحرب السورية”.

ومقابل إبداء النظام تعاونه والتجاوب في ملف عودة اللاجئين، قال إن “النظام يتاجر باللاجئين وهو يريد تقاضي ثمن عودتهم، باعتبارهم (بضائع مقايضة) للحصول على مكاسب سياسية وتمويل إعادة الإعمار وحل الأزمة في سوريا، إضافة إلى فك العقوبات عندها يعيد اللاجئين بـ (القطارة)، ولكن الأكيد أن النظام لن يعيد جميع اللاجئين”.

داخلية النظام السوري

وكانت قد أعلنت وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري، الأحد الفائت، عن لقاء جمع وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين مع وزير الداخلية اللواء محمد رحمون، لبحث عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

وقالت في بيان، إن اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، في حين زعم وزير داخلية النظام أن الحكومة قدمت جميع التسهيلات اللازمة لتأمين عودتهم إلى وطنهم، وكذلك معالجة أوضاعهم بالمراكز الحدودية، وحل جميع المشكلات التي تعترضهم.

وشنّ الجيش اللبناني، خلال الأسابيع القليلة الماضية، حملات مداهمة واسعة لتوقيف سوريين لا يملكون إقامات أو أوراقاً ثبوتية، أسفرت عن توقيف نحو 450 شخصاً، جرى ترحيل أكثر من ستين منهم إلى سوريا، بحسب منظمات حقوقية.

ووثق مركز “وصول” لحقوق الإنسان (ACHR)، في نيسان الفائت 154 حالة ترحيل قسري بحق لاجئين سوريين من لبنان خلال عام 2022، مقارنة بـ 59 حالة في عام 2021.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى