تستخدم روسيا الإرهاب كأداة حرب وله صور متنوعة بدءاً من الضربات المكثفة بالصواريخ والطائرات بدون طيار على المدن الأوكرانية مروراً بتفجير السدود وصولاً إلى زرع ألغام في مصانع كيماوية. أحدثت روسيا أكبر كارثة بيئية في أوروبا بعد عام 1986 بتفجير سد كاخوفكا في 6 حزيران/ يونيو من العام الجاري إذ غمرت الفيضانات نحو 600 ألف كيلوميتر مربع وتدفق مئات الأطنان من النفط إلى البحر الأسود عبر نهر دنيبرو ونفوق جماعي للأسماك ودخول مياه الصرف الصحي في خزانات مياه الشرب الأمر الذي يزيد من خطر انتشار الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا. ألحق الهجوم الإرهابي الروسي أضراراً جسيمة بالنظام البيئي للمناطق التي غمرتها الفيضانات بحيث نفق 95 ألف طن من الأسماك في خزان كاخوفكا وعشرات الآلاف من الطيور و150 دلفيناً على الأقل بسبب تحلية مياه البحر. عاش نحو 20 ألف حيوان في منطقة الفيضان وكثير منها ما تمكن من النجاة ولا يزال 50 ألف هكتار من الغابات مغمورة بالمياه. هناك إشارات إلى أن روسيا تستعد لتنفيذ المزيد من الهجمات الإرهابية التي قد تتمثل في تفجير مصنع كيماويات أو محطة للطاقة النووية. ففي حال ارتكب ذلك ستتحول أوروبا بأكملها إلى منطقة كوارث بيئية.
تسبب التفجير المتعمد لسد كاخوفكا في أكبر كارثة بيئية في أوروبا في العقود الأخيرة وستكون عواقبها وخيمة ليس على أوكرانيا فحسب بل أيضاً على دول منطقة البحر الأسود ومنها بالدرجة الأولى رومانيا وبلغاريا وتركيا. تشن روسيا عمداً حرباً إرهابية شاملة بغية الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع أوكرانيا والغرب من أجل تجميد الأعمال القتالية. إن بوتين بحاجة ماسة إلى الوقت لاستجماع قواه وتجديد الموارد العسكرية من أجل مواصلة الغزو لأوكرانيا. ويعود السبب الآخر لارتكاب روسيا الإبادة البيئية في أوكرانيا إلى محاولة وقف الهجوم المضاد للقوات المسلحة الأوكرانية، وفي سبيل ذلك فإنها جاهزة لتفجير ليس فقط سدود وخزانات وحتى مصانع كيماوية مثلما فعلت مع مصنع “تيتان” للكيماويات في أرميانسك (القرم) في 31 أيار/ مايو من هذا العام حينما زرعت ألغاماً فيه بغرض تنفيذ عمل إرهابي. وفي جميع الحالات ينتج عن تلك الجرائم الروسية سقوط ضحايا ومعاناة للسكان المدنيين وتكون لها عواقب هائلة سواء على أوكرانيا وأوروبا. يهدد بوتين الغرب بالإبادة البيئية، وإذا استسلمت أوروبا لخدعة الكرملين فستخوض حرباً مع روسيا في المستقبل القريب.
قد تلجأ روسيا إلى الأعمال الإرهابية على محطات الطاقة الكهرومائية الأوكرانية الأخرى الواقعة على نهر دنيبرو، كما يدعو مروجو الدعاية الروسية على الهواء إلى تفجير محطة كييف للطاقة الكهرومائية مدركين ما يترتب عليه من الخسائر الفادحة بين السكان المدنيين. لقد أصبحت روسيا دولة تدوي فيها نداءات على المستوى الرسمي إلى الإبادة الجماعية لشعب آخر.
لكن من أخطر مظاهر الإرهاب الروسي التحضير لهجمات إرهابية على محطات الطاقة النووية. إذ يؤدي تجفيف خزان كاخوفكا إلى خطر حدوث كارثة إشعاعية في محطة زابوريجيا للطاقة النووية بسبب ضحل الخزانات لتبريد المفاعلات النووية. وفي هذا الصدد، تنوي روسيا تنفيذ “هجوم إرهابي تقني” وإلقاء اللوم على أوكرانيا. في حال توقف تبريد محطة زابوريجيا باعتبارها أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا فإن عشرات، إن لم يكن مئات، الملايين من المدنيين في أوكرانيا والاتحاد الأوروبي سيجدون أنفسهم في منطقة كارثة إشعاعية. وبالإضافة إلى ذلك، سيجعل مثل هذا العمل الإرهابي من مواصلة الأعمال القتالية النشطة أمراً مستحيلاً. تسعى روسيا إلى الحفاظ على سيطرتها على الأراضي المحتلة في أوكرانيا حتى على حساب أرواح المدنيين.
إن التهديد الإرهابي الذي ينبع من روسيا يحيط بالعالم كله. إن جيش بوتين يزداد ضعفاً يوماً بعد يوم لكن بوتين لن يتوقف وهو ليس مستعداً للسلام ولا لحل وسط. في المقابل، يلجأ إلى الإرهاب الكيميائي والإشعاعي والبيئي للابتزاز والضغط. إن أوروبا في خطر وقد تواجه جرائم مماثلة غداً إذا لم توقف روسيا اليوم. واليوم، ينبغي على الغرب مقاطعة الدولة الإرهابية التي تمارس الإرهاب البيئي والنووي وعزلها على المستوى الدولي.
المصدر: polskienowiny.pl