كشفت وثائق مسربة عن حجم الديون المتراكمة على النظام السوري والتي يتوجّب عليه دفعها لإيران، وسط مخاوف من المرشد الأعلى علي خامنئي من ضياعها في حال اغتيال بشار الأسد.
وقال موقع “إيران انترناشيونال” إن جماعة قرصنة تطلق على نفسها اسم “انتفاضة حتى الإطاحة”، التابعة لحركة “مجاهدي خلق” المعارضة ومقرها ألبانيا، سرّبت وثائق بعد اختراق خوادم وزارة الخارجية الإيرانية.
وبحسب الوثائق المسربة لمحاضر من اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، فإن النظام السوري مدين بنحو 50 مليار دولار لإيران، وهي ديون تعود إلى اتفاق طويل الأجل وقّع بين الجانبين في شهر كانون الثاني 2019، خلال عهد الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.
وأشارت أن الديون تتراكم منذ فترة طويلة، وأن من ضمنها نحو 11 مليار دولار مقابل النفط الذي صُدّر إلى النظام السوري بين عامي 2012 – 2021.
دعم عسكري ونقدي
وأضافت أن الديون تتضمن مبالغ أرسلت إلى النظام السوري على شكل دعم عسكري ونقدي، مشيراً إلى أن الوثائق قالت إن المبلغ النهائي لا يزال قيد الحساب.
وذكرت الوثائق أن إيران أرسلت في الأشهر الستة الأولى من عام 2021 مليون برميل نفط إلى النظام السوري، مشيرة إلى أن الكمية لم تكن تكفي وأن النظام طلب مليوني برميل شهرياً.
وبناء على طلب النظام السوري مزيداً من النفط، اقترح القائد العام لـ “الحرس الثوري الإيراني” حسين سلامي إرسال مليون ونصف المليون برميل نفط خلال النصف الثاني من عام 2021، وذلك بناء على اقتراح من قائد “فيلق القدس” اسماعيل قاني، بحسب الوثائق.
خامنئي متخوّف من ضياع الديون
وأشارت إحدى الفقرات في الوثائق المسربة إلى “إلحاح المرشد الأعلى علي خامنئي للاستفادة من ديون المتراكمة على النظام السوري، خوفاً من تكرار سيناريو الاستثمار الإيراني في البوسنة والهرسك”.
وكانت إيران قد قدّمت دعماً لمسلمي البوسنة والهرسك خلال الحرب بين عامي 1992 – 1995، دعم خلالها “الحرس الثوري” بأكثر من 5 آلاف طن من الأسلحة، وعلى الرغم من تلك الاستثمارات، انخفض نفوذ طهران في البوسنة والهرسك بشكل كبير، وعليه اعُتبر الاستثمار الإيراني خاسراً وضياعاً للأموال.
وشددت إحدى الوثائق على ضرورة تطبيع الشروط المُتفق عليها بين برلماني البلدين “لمنع طرد إيران من سوريا تحت أي ظرف من الظروف”، كما قد يحدث في حال اغتيال رئيس النظام بشار الأسد، وهو قلق ظهر جلياً في إحدى الوثائق.
وذكرت أن فترة ولاية بشار الأسد الجديدة حساسة ويمكن أن تؤدي إلى إقصائه، وحثّت على أنه إذا لم يتم الانتهاء من الشروط المتفق عليها فإن “مليارات الدولارات من أصول إيران ستتعرض لخطر جسيم”.
ويبقى الحجم الإجمالي للإنفاق العسكري والمساعدات المالية لسوريا غير معروف، لكنها أموال دُفعت من حساب الشعب الإيراني، بحسب ما ذكر موقع “إيران انترناشيونال”.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تنجح فيها “انتفاضة حتى الإطاحة” في اختراق وتعطيل العديد من مواقع وخدمات النظام. في حزيران 2022، اخترقت أكثر من 5000 كاميرا أمنية لأجهزة الدولة و 150 موقعًا إلكترونيًا تابعًا لبلدية طهران، وعرضت شعارات مناهضة للنظام على المواقع الإلكترونية ونشرت بيانات داخلية.
مساع إيرانية للاستفادة من مشاريع إعادة الإعمار
وخلال الـ 12 عاماً الماضية، قتل مئات الآلاف من السوريين، وتشرد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، وتحولت سوريا إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية، وقد ترك كل ذلك أثره على الاقتصاد، ما جعل بشار الأسد عاجزاً عن سداد ديونه لإيران، ومع هيمنة روسيا على معظم المشاريع الاقتصادية والتجارية، توجهت أنظار طهران إلى مشاريع إعادة الإعمار التي يطمح النظام إلى انطلاقها بعد التطبيع العربي.
وكشفت تصريحات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قبل زيارته الأخيرة إلى سوريا، مدى رغبة طهران في لعب الدور الأكبر في إعادة إعمار سوريا، حيث أكد استعداد طهران للتعاون مع النظام السوري بشأن هذا الملف، وأشار آنذاك إلى أن إيران “لديها طواقم فنية وشركات ذات كفاءة عالية، قادرة على أن تؤدي دوراً مهماً في إعادة إعمار سوريا”.
وهنا يٌطرح السؤال عن الخيارات المتاحة لبشار الأسد لتسديد فاتورة بقائه في السلطة، الأمر الذي كلف إيران أموالاً طائلة، وصلت إلى 30 مليار دولار، بحسب عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه.
ما خيارات الأسد لسداد الديون؟
وكان عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه قد دعا في وقت سابق إلى استعادة أموال طهران من الأسد، وحث النظام السوري على تنفيذ العقود السابقة خلال زيارة رئيسي إلى دمشق، وكشف عن وجود “5 عقود رئيسية سابقة لسداد الديون، من بينها استخدام مزارع الأبقار، وأرض زراعية، ومناجم الفوسفات، وآبار النفط، ومشروع اتصالات، لكن لم يُنفذ أي منها، في حين أن روسيا تأخذ ديونها بسهولة من سوريا”.
الاتفاقيات الإيرانية لتسديد الديون بحسب بيشه:
- وقعت حكومة النظام السوري عقداً مع إيران للسيطرة على جزء من مناجم الفوسفات في البلاد لمدة 50 عاماً، لكن إلى الآن لم تستطع طهران استثمار هذه المناجم، فقد واجهت حظراً لاستخراج الفوسفات من روسيا، التي تسيطر على ميناء طرطوس وتمنع إيران من استخدامه، ما دفع النظام لاقتراح تصدير الفوسفات من ميناء اللاذقية، إلا أن الميناء لا يملك البنية التحتية اللازمة، وكان الوزير بزر باش أشار قبل أيام بعد الاجتماعات في دمشق، إلى النشاط في مجال الاقتصاد البحري، متوقعاً ازدهار هذا القطاع، إذ تقرر أن يكون ميناء سوري تحت تصرف الجانب الإيراني، ولدى إيران مخططات طموحة تتعلق بربط شبكة السكك الحديدية لديها التي تمر بالعراق بميناء اللاذقية.
- وافقت حكومة النظام السوري على منح إيران نحو خمسة آلاف هكتار من الأراضي الزراعية لاستغلالها، لكن رفضت طهران استثمارها لأنها من دون سندات ملكية رسمية.
- اتفاق آخر هو آبار النفط المكتشفة حديثاً، التي كان من المفترض أن تستثمرها إيران بالكامل كجزء من استرداد الديون، وتعطي حكومة النظام السوري 12 في المئة منها، لكن لم ينجح هذا الأمر أيضاً، لأن هذه الآبار حديثة ولم تعمل بعد، وتفتقر إلى البنى التحتية وتحتاج لسنوات وأموال كبيرة لتشغيلها.
- كذلك كان من المفترض أن تقدم حكومة النظام السوري مزارع ماشية كبيرة لإيران، لكن اكتشفت طهران أن المنشآت مهجورة ولا يمكن استغلالها.
- العقد الخامس كان في قطاع الاتصالات، عبر منح إيران ترخيصاً لمشغل ثالث للهواتف المحمولة في سوريا، لكنه فشل هو الآخر.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا