اليد العاملة السورية ومصائرها

د- زكريا ملاحفجي

دخلت اليد العاملة السورية السوق والمصانع التركية على مدار عقد من الزمن، كما تأسست آلاف المصانع والورش السورية في تركيا، وازدادت نسبة العلاقة التجارية مع الدول العربية، بحكم وجود السوريين في تركيا، لكن طيلة السنوات تبدلت خارطة وقطاعات عمل السوريين في تركيا، بعد أن بلغت ذروتها عام 2018 بنحو 1.17 مليون مطلع عام 2018، ليدخلوا ميادين التجارة وتأسيس الشركات والتوجه إلى متابعة التحصيل العملي، بعد معرفتهم طبيعة السوق التركية.

وفي عام 2021قالت منظمة العمل الدلية (ILO)، في تقرير نشرته وسائل إعلامية تركية، إنّ العمالة السورية التي بلغت ذروتها في الربع الأول من عام 2018، بدأت في الانخفاض بمعدل 66.9% في عام 2020ثم بدأ بالتناقص.

وحول متوسط أجور السوريين، بيّن التقرير أنه كان يتوافق مع الحد الأدنى للأجور بين عامي 2016 و2020.

لكن متوسط وقت العمل للاجئين السوريين في تركيا، انخفض بنحو 40% نهاية عام 2020، إذ كان 82.2% من العمال السوريين يعملون لفترة أطول من 45 ساعة عمل في الأسبوع، وفي عام 2019 انخفض هذا الرقم إلى 65.2%، إلا أن هناك ما يزيد على 10% منهم يعملون أكثر من 60 ساعة في الأسبوع.

وتمركزت اليد العاملة السورية في اسطنبول وبورسة وعنتاب حيث تعتبر هذه المدن هي مدن صناعية، والشعب السوري تتوافر فيه يد عاملة بكثرة وتعتبر ماهرة لمستوى جيد، والشعب السوري اعتاد الكدح منذ نعومة أظفاره، وذكرت ذلك رئيسة بلدية غازي عنتاب وتحدثت عن مهارة اليد العاملة السورية والتطور الذي أدخلوه كأنواع في السوق التركية، فذكرت فاطمة شاهين، خلال تصريحات صحافية: “بينما نحن جيدون في صناعة الأحذية الرجالية، كان السوريون أفضل منا في صناعة الأحذية النسائية، فهم لعبوا دوراً نشطاً في التجارة الدولية وفتح أسواق جديدة في مدينتنا”، مشيرة إلى أنّ “السوريين أسسوا قرابة ألف شركة مسجلة في غرفة التجارة بولاية غازي عنتاب، أنشأت الغرفة قسماً خاصاً بالسوريين ضمن هيكلها”.

وبحسب دراسات تركية ومراكز أبحاث سورية، تتنوّع القطاعات التي يعمل فيها السوريون، إذ تشير منظمة العمل الدولية إلى أنّ 48.2% منهم يعملون في قطاع التصنيع، بينهم 31.1% يعملون في قطاع الألبسة، ويعمل 21.3% من العمالة في قطاع الإنشاءات، و17.7% في قطاع التجارة والضيافة في حين يعمل 7.8% من السوريين في الزراعة، و1.4% في قطاع النقل والاتصالات، و2.7% في قطاع التعليم، و1.1% في قطاع الصحة.

كما تشكل العمالة السورية 2.9% من إجمالي حجم العمالة في سوق العمل التركي الرسمي وغير الرسمي وفقاً لإحصائيات الحكومة التركية، لكن تواجد العمال السوريين، غلب على القطاع غير الرسمي، لا سيما في قطاعات الورشات الصناعية والملابس والأحذية التي استوعبت ما يزيد عن نصف العمالة السورية، يليها قطاع الإنشاءات، ثم قطاع الشركات والمحلات التجارية، ثم قطاع الأعمال الحرة، ثم في قطاع المطاعم والمخابز السورية، ويتوزع البقية في قطاعات عمل متفرق كصيانة السيارات، والعمل في نقل وبيع الفحم، والزراعة والإعلام والتعليم وغيرها بنِسَب بسيطة.

لكن بقيت التحديات بالنسبة للسوريين في سوق العمل التركية موجودة لليوم حيث الأغلبية الساحقة يعمل بدون تأمينات وضمان صحي وضمان إصابة العمل

وكذلك الغالبية بالحد الأدنى للأجور ومنهم دون الحد الأدنى، ونتيجة المسائل المتعلقة بالترحيل وفقدان الاستقرار بدأت قطاعات شبابية كبيرة تبحث عن فرص عمل بدول أخرى وببعض الفترات أحدث هذا اضطرابات لدى أصحاب المنشآت التركية والخشية من فقدان اليد العاملة السورية التي ماتزال تعمل بجد محمول بقلق وخشية من المستقبل.

فهذه اليد هي إضافة في سوق العمل التركية لاسيما أنها مدربة ومهيأة للعمل وتحتاج إزالة العقبات والتحديات لتؤسس لمستقبل مهم للبلدين لاسيما بعد حدوث حل وتغيير ديمقراطي في سورية، لاسيما أنهما دولتين جارتين وحجم التبادل للخبرات والعلاقات، فاليد العاملة أمانة لاستقرارها وتطورها، والدول تقوم على السواعد.

 

المصدر: إشراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى