أقدم اللاجئ السوري في لبنان أنس علي المصيطف، على الانتحار شنقاً في بلدة الغبيري (الضاحية الجنوبية لبيروت)، الجمعة، على خلفية تهديدات بترحيله إلى سورية.
وتزامنت حادثة الانتحار مع حملة الاعتقالات والترحيل القسري التي تشهدها البلاد هذا الشهر، ما أثار حفيظة اللاجئين السوريّين في لبنان الذين عبّروا عن سخطهم وهواجسهم من موتٍ حتميّ لا يفارقهم منذ بدء الحرب السورية.
وينحدر أنس الشاب العشريني (26 عاماً) من مدينة منبج (ريف حلب الشرقي)، ووفقا لأحد أقاربه، مقيم معه في بيروت، لـ”العربي الجديد”. فقد “انتحر أنس بسلكٍ كهربائيّ قرابة الساعة السادسة من مساء الجمعة (أول من أمس) بعد تلقّيه تهديدات بالترحيل من جهة مجهولة أفادته بأنّها ستبلغ مخابرات الجيش اللبناني بمكان سكنه وبوضعه غير القانوني”.
وأضاف: “على الفور، نُقلت جثة أنس إلى براد مستشفى حيفا في برج البراجنة (بيروت) قبل أن يُوارى الثرى اليوم (الأحد) في لبنان بسبب الإجراءات الصعبة التي حالت دون دفنه في مسقط رأسه”.
وتابع قريبه: “وضع العائلة صعب جداً، إنّها مأساة حقيقيّة، فقد رحل أنس تاركاً خلفه زوجة وطفلة في سورية لم يتمكّن من رؤيتهما منذ ست سنوات. وهو الذي لجأ إلى لبنان في عام 2017 هرباً من الخدمة العسكرية، وبدأ العمل في بيروت في مجال البناء والتشييد. وإذ تعذّر عليه تجديد أوراقه وبات مهدّداً بالترحيل القسري، فقد فضّل الانتحار على العودة”.
وحول حالة أنس النفسية يقول قريبه: “لاحظنا أنّ وضعه النفسي غير طبيعي قبل يومين من انتحاره، لكنّنا صُدمنا بالعثور عليه جثة بعد عودتنا إلى المنزل”. مشيرا إلى حالة عدم الاستقرار التي يعاني منها السوريون في لبنان “أصدقاؤنا في بيروت غيّروا مكان إقامتهم حرصاً على حياتهم وسلامتهم. كلّنا خائفون اليوم، نعيش قلقاً يوميّاً وضغوطاً نفسيّة شديدة، لا سيّما مع حملة الترحيل الأخيرة”.
وفي اتصالٍ لـ”العربي الجديد”، أسف العضو الناشط في هيئة المتابعة لشؤون اللاجئين السوريين في عكار (شمال البلاد)، أحمد المحيميد (أبو أدهم)، للمصيبة التي حلّت بعائلة الشاب وذويه. قائلا: “سنسمع خلال الفترة المقبلة بحالات انتحار كثيرة، شنقاً أو حرقاً أو بشتّى الطرق. فقد لجأنا إلى لبنان هرباً من الظلم اللاحق بنا في سورية، وها نحن اليوم مهدّدون بتسليمنا إلى نظام بشار الأسد القاتل الذي حرق النساء في المعتقلات ومارس أبشع أنواع التعذيب بحق الأطفال والرجال والشباب. فما ذنب هذا الشاب الذي قضى شنقاً في بيروت؟ هل هو مجرم أم لص، هل هو مخرّب أم خارج عن القانون؟ لو كان كذلك، كنّا طالبنا جميعاً بمحاسبته ليكون عبرة لغيره”.
وأضاف المحيميد: “نحن محتلون في سورية من قبل نظامٍ لا يخاف الله. لذلك، على الدول المضيفة أن تراعي ظروفنا، فنحن بشر بالنهاية. لا ترسلوا الأبرياء والمهدّدين بالالتحاق بالخدمة العسكرية أو بالتعرّض للانتهاكات والتعذيب إلى حضن الأسد، فأنتم بذلك تقتلونهم مئات المرات. ولعلّ اللبنانيّين أكثر من يدرك إجرام الجيش السوري وممارساته بحق الشعبين السوري واللبناني”.
وكان روّاد مواقع التواصل الاجتماعي أبدوا استياءهم ممّا آلت إليه أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، الذين “يجدون في الموت وقتل النفس خياراً أرحم من الخضوع لإجرام نظام الأسد، في دلالة صارخة على حجم الخوف والرعب من الوقوع في قبضة نظامٍ سفّاح”.
وتداول الناشطون أخباراً عن “عودة الاعتقالات العشوائية للشباب في مدينة منبج من قبل “قوات سوريا الديمقراطية (قسد)” بهدف سوقهم للتجنيد الإجباري”، مذكّرين بـ”خطورة الوضع في منبج، وهي المنطقة غير المستقرة أمنيّاً”.
المصدر: العربي الجديد