للمرة السادسة خلال مارس/آذار، يستهدف الطيران الإسرائيلي مواقع للميليشيات الإيرانية على الأراضي السورية، وآخرها فجر الجمعة، وهي الضربة الإسرائيلية الثانية قرب دمشق في أقل من 24 ساعة، حيث قصفت المقاتلات الحربية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال اليومين الماضيين مواقع للحرس الثوري في دمشق وضواحيها.
وقال الحرس الثوري الإيراني إن هجوماً إسرائيلياً على هدف في سوريا الجمعة أسفر عن مقتل ضابط بالحرس الثوري إذ تشير ثاني ضربة قرب العاصمة السورية دمشق خلال يومين إلى جهد إسرائيلي مكثف للتصدي للوجود الإيراني القوي في سوريا. ولم يصدر بيان بعد عن إسرائيل التي تحجم عادة عن التعليق على التقارير بشأن الضربات في سوريا. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن الحرس الثوري قوله في بيان “أعلن حرس الثورة الإسلامية استشهاد ميلاد حيدري، وهو أحد مستشاري الحرس الثوري العسكريين وضباطه”. وذكرت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء أن الحرس تعهد بالرد قائلاً إن “الهجوم الإجرامي” على مشارف دمشق في الفجر لن يمر “دون رد”. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الضربة الجوية هي سادس هجوم تنفذه إسرائيل في سوريا هذا الشهر.
وتشن إسرائيل منذ سنوات هجمات على ما تصفها بأهداف مرتبطة بإيران في سوريا حيث تزايد نفوذ طهران منذ بدأت في دعم الرئيس بشار الأسد في الحرب التي اندلعت عام 2011.
وتقول إيران إن ضباطها يؤدون دورا استشاريا في سوريا بدعوة من حكومة دمشق. وقتل عشرات من أفراد الحرس الثوري في سوريا خلال الحرب ومن بينهم ضباط كبار. وقالت وسائل الإعلام الرسمية السورية إن إسرائيل نفذت الهجوم بعد منتصف الليل مباشرة وأطلقت رشقات من الصواريخ فأصابت أحد المواقع في ريف دمشق. وأضافت أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت عدداً من الصواريخ دون أن تأتي على ذكر سقوط قتلى أو مصابين. وتتمركز جماعات مدعومة من إيران، مثل حزب الله اللبناني ثقيل التسليح وفصائل عراقية مسلحة، في مواقع حول العاصمة وفي شمال سوريا وشرقها وجنوبها.
وقال حميد رضا عزيزي الزميل الزائر بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين “هذه مرحلة خطيرة جداً. المخاطر شديدة الارتفاع وينبغي لنا توقع حدوث المزيد”. وأضاف “خطر التصعيد بين إيران وإسرائيل أعلى من أي وقت في الأشهر القليلة المنصرمة أو ربما في السنوات الماضية”. ويبرز العنف احتمال تصاعد التوتر في سوريا على الرغم من أن بعض دول الشرق الأوسط التي كانت تتنافس على النفوذ هناك تبادر الآن لتحسين العلاقات بينها وأبرزها السعودية وإيران ومع تطبيع عدة دول عربية العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن جماعات مدعومة من إيران أطلقت هذا الشهر طائرات مسيرة مسلحة على قاعدة تستضيف قوات أمريكية في الشمال الشرقي مما أسفر عن مقتل متعاقد أمريكي وإصابة آخر بالإضافة إلى إصابة عدة جنود. وردت الولايات المتحدة بضربات جوية على منشآت في شرق سوريا قالت إنها تابعة للحرس الثوري الإيراني. وقال البنتاغون الخميس إن ستة جنود عانوا من إصابات دماغية خلال الهجمات المتبادلة الأسبوع الماضي.
وذكرت وسائل الإعلام السورية أن الهجوم الجديد يأتي بعد ضربة نُفذت في أثناء الليل الخميس وأسفرت عن إصابة جنديين. وقال مصدر تابع لفصائل المعارضة السورية إن الضربة أصابت سيارة تحمل أفراداً عسكريين موالين لإيران بالقرب من مبنى أمني سوري. وفي 22 مارس آذار، تسبب هجوم إسرائيلي في مدينة حلب بشمال سوريا في تعطل خدمات مطار حلب لفترة وجيزة. وقالت مصادر مخابرات إقليمية إن الضربة أصابت مخزن أسلحة إيرانياً. ونددت وزارة خارجية إيران بشدة بالهجومين على سوريا هذا الأسبوع. ونددت أيضا وزارة الخارجية السورية بهجوم اليوم الجمعة وقالت إن سوريا تقف مستعدة لمواجهة أي هجمات أخرى.
وأكدت وزارة الخارجية السورية، الجمعة، أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا تكشف عن التنسيق الوثيق ما بين إسرائيل والمجموعات الإرهابية، بهدف إطالة الأزمة. وقالت الوزارة في بيان أوردته على حسابها على موقع “تويتر” اليوم: “تستمر إسرائيل في ممارسة سياساتها الحربية الإجرامية ضد سوريا، حيث قامت طائراتها بارتكاب عدوان همجي جديد، بالتنسيق مع قطعان المجموعات الإرهابية التي شنت عدوانا على القوات السورية في منطقة الدانا”.
مصدر عسكري واسع الاطلاع قال في تصريح لـ “القدس العربي” إن القصف الذي استهدف فجر يوم الجمعة ضواحي العاصمة دمشق، هو “عبارة عن عملية استنزاف للدفاعات الجوية التابعة للنظام، والموجودة بجبل المانع قرب مدينة الكسوة، وسلسلة جبال المضيع التي تضم مستودعات الصواريخ 714 في قرية حرجلة والفرقة الأولى في محيط الكسوة بريف دمشق، حيث تتحصن ميليشيات الحرس الثوري الإيراني في منطقة وعرة على بعد 15 كيلومترا تقريبا إلى الجنوب من وسط دمشق”. وبيّن الخبير العسكري أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف المنطقة عبر “طيران اف 16 على ارتفاع منخفض من أجواء الجولان المحتل”.
المصدر: «القدس العربي»