تزايد هجمات «خلايا داعش»… ومقتل 10 مدنيين خلال جمع «الكمأة».
تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في تقرير جديد، أمس، عن «تصعيد كبير جداً» تشهده البادية السورية، مشيراً إلى مقتل 80 مدنياً و27 من قوات النظام في هجمات تشنها خلايا تنظيم «داعش» التي شهد نشاطها، في المقابل، «تراجعاً ملحوظاً» في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) شرق الفرات.
وذكر «المرصد» في تقريره أن خلايا «داعش» تسعى إلى «استغلال كل فرصة سانحة لإثارة الفوضى وتنفيذ عمليات الاغتيال والاستهداف التي تعمل من خلالها على إرسال رسالة مفادها أن التنظيم سيظل باقياً»، بعد الإعلان عن هزيمته في بلدة الباغوز بريف دير الزور في مثل هذا الشهر (مارس/ آذار) من عام 2019.
وجاء في إحصاء وزعه «المرصد» أن خلايا «داعش» نفذت 7 عمليات ضمن مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» منذ مطلع عام 2023، ما أسفر عن سقوط 4 قتلى، هم مدني و3 من قوى الأمن الداخلي العاملة في مناطق الإدارة الذاتية (التي يهيمن عليها الأكراد). وأوضح أن هذه العمليات وقعت جميعها في محافظة دير الزور، شرق سوريا.
كما أحصى «المرصد السوري» خلال الشهر الماضي مشاركة التحالف الدولي في 11 عملية مشتركة مع «قوات سوريا الديمقراطية»، تمثلت بمداهمات وإنزال جوي، ما أسفر عن اعتقال 140 شخصاً من الأعضاء المفترضين في خلايا «داعش»، بالإضافة لمقتل 7 منهم. في العاشر من فبراير (شباط)، نفذت وحدات قوى مكافحة الإرهاب التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، وبمساندة من طيران «التحالف الدولي»، حملة دهم بحثاً عن أفراد في خلايا تابعة لـ«داعش» بمحيط قرية أبو النيتل بريف دير الزور الشمالي، فاندلعت اشتباكات أدت إلى مقتل 2 من أفراد التنظيم، أحدهما سوري والآخر قيادي عراقي الجنسية. وأكدت قوات «التحالف الدولي» بالفعل مقتل قيادي «داعشي» يدعى إبراهيم القحطاني، في غارة جوية نفذتها قوات التحالف و«قسد».
وفي 17 فبراير، نفذت دورية تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، مدعومة بالطيران المروحي التابع لـ«التحالف الدولي»، عملية مداهمة وإنزال جوي على منزل بين بلدتي الصبحة وابريهة في ريف دير الزور الشرقي بالتزامن مع قطع للطرقات. وأوضح «المرصد» أن القوات المهاجمة دعت عبر مكبرات الصوت المستهدف لتسليم نفسه (يدعى مهند السراي الفدغم)، إلا أنه رفض فاندلع اشتباك انتهى بمقتله. والفدغم أحد القياديين في «داعش»، وسبق أن جرى اعتقاله مرات عدة وأطلق سراحه. وفي اليوم ذاته، نفذ التحالف عملية أمنية برفقة «قسد» وبمشاركة طيران التحالف، استهدفت قيادياً في «داعش» يدعى حمزة المحصي ما أدى إلى مقتله وجرح 4 من القوات الأميركية المشاركة في العملية.
أما بالنسبة إلى العمليات في مناطق البادية السورية، فقد أشار «المرصد» إلى «عمليات متواصلة» يقوم بها «داعش» وتتمثل بشن هجمات ونصب كمائن واستهداف قوات النظام والميليشيات الموالية لها، سواء في بادية الرصافة ومحيط جبل البشري بريف الرقة أو محور إثريا ومحاور أخرى بريف حماة الشرقي، بالإضافة إلى بادية السخنة وتدمر بريف حمص الشرقي، وبادية دير الزور، فضلاً عن الحدود الإدارية بين الرقة ودير الزور. ووثق «المرصد» 17 عملية نفذها مقاتلو التنظيم وخلفت مقتل 27 من عناصر قوات النظام والميليشيات الموالية لها، من ضمنهم 2 من الميليشيات الموالية لإيران. وبالإضافة إلى ذلك، سجل «المرصد» مقتل 80 مواطناً بينهم سيدة بهجمات التنظيم في البادية.
وتوزعت العمليات على النحو الآتي، حسب إحصاء «المرصد»: 7 عمليات في دير الزور أسفرت عن مقتل 5 عسكريين بينهم 2 من الميليشيات التابعة لإيران، و6 عمليات في حمص، أسفرت عن مقتل 77 مدنياً بينهم سيدة على الأقل، و15 من العسكريين، وعمليتان في حماة أسفرتا عن مقتل 3 مدنيين، وعمليتان في الرقة أسفرتا عن مقتل 7 من العسكريين.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أشارت إلى مقتل عشرة مدنيين وإصابة 12 آخرين يوم الاثنين بانفجار لغمين أرضيين من مخلفات تنظيم «داعش» في محافظة حماة بوسط سوريا، وفق ظاهرة تزداد خصوصاً في موسم جمع الكمأة. وأفادت «سانا» بأنه «خلال توجه مجموعة من المواطنين للبحث عن فطر الكمأة في الأراضي التابعة لقرية المستريحة في ريف السلمية الشرقي، انفجر لغم من مخلفات إرهابيي تنظيم (داعش)، ما أدى إلى استشهاد تسعة مواطنين وإصابة اثنين آخرين». وفي وقت لاحق، انفجر لغم ثانٍ من مخلفات التنظيم المتطرف في المنطقة ذاتها، وفق «سانا»، ما أدى إلى مقتل مواطن وإصابة عشرة آخرين بجروح متفاوتة أثناء بحثهم عن الكمأة.
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية، من جهتها، إلى أن «داعش» سيطر بدءاً من عام 2014 على بلدات وقرى عدة في ريف حماة الشرقي، قبل أن يتم طرده منها عام 2017، وتُقطف الكمأة عموماً بين فبراير وأبريل (نيسان)، وتباع بسعر مرتفع، ما يفسر إقبال المواطنين في المناطق الريفية على جمعها لبيعها في ظل ظروف اقتصادية صعبة بعد 12 عاماً من الحرب، حسب الوكالة الفرنسية. ويباع الكيلوغرام الواحد في أسواق دمشق بسعر يراوح بين خمسة وعشرة دولارات، وفق جودته.
وجاءت الحادثة بعد عشرة أيام من مقتل 68 شخصاً، في هجوم نفذه عناصر من التنظيم أثناء جمع الكمأة في منطقة صحراوية في شرق محافظة حمص المجاورة، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
ووثق «المرصد» منذ مطلع الشهر الحالي مقتل 112 شخصاً بينهم 92 مدنياً خلال جمع الكمأة، في هجمات شنها عناصر التنظيم أو انفجار ألغام من مخلفاته.
وتعد الأجسام المتفجرة وضمنها الألغام من الملفات الشائكة المرتبطة بالحرب السورية المستمرة التي توشك على إنهاء عامها الثاني عشر. ولا يبدو خطر التصدي لها سهلاً في بلد يشهد نزاعاً معقداً أودى بنحو نصف مليون شخص، واتبعت خلاله أطراف عدة استراتيجية زرع الألغام في مختلف المناطق.
وتشكل الألغام المتروكة في أراضٍ زراعية وبين المناطق السكنية خطراً دائماً على المزارعين والمارة ورعاة الماشية.
المصدر: الشرق الأوسط