لا يزال ملف بيع الأسلحة من كازاخستان إلى أوكرانيا عنواناً ضاغطاً على العلاقات بين موسكو وأستانا البلدين الجارين والحليفين. أستانا تواصل رفد أوكرانيا بالإمدادات العسكرية، التي تصل أنباؤها وتفاصيلها إلى الجانب الروسي بشكل متواصل.
معلومات صحافية روسية تسرب بين الحين والآخر، عن جهات من دولتي تشيكيا وسلوفاكيا، تشتري القذائف المخصصة للدبابات وتلك الخاصة بمدافع الهاون وقاذفات صواريخ وناقلات الجند المدرعة، إضافة إلى أسلحة أخرى متنوعة تشتريها من الكازاخستانيين على الرغم من إعلان أستانا منذ شهر آب/ أغسطس الفائت أن تلك العمليات «توقفت بشكل اختياري» في محاولة لطمأنة التساؤلات الروسية. لكن ذلك لم يحصل حقيقة.
وتتهم الأوساط الروسية حليفتها كازاخستان بالسعي خلف المال، كما تذكر تلك التقارير الصحافية أنه منذ صدور قرار «الوقف الاختياري» عن أستانا، هناك من وضع مخططات مختلفة لتصدير الأسلحة بسرية تامة، خصوصاً تلك المخصصة للاستخدام المزدوج، وذلك حتى لا يكتشف أمر «الشريك الأهم» و«الشريك الأمين» في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي تتزعمها موسكو.
في التفاصيل، فإن شركةKazspetsexport الكازاخستانية الحكومية قامت في كانون الأول/ديسمبر الفائت بالاتفاق مع وزارة الصناعة وتطوير البنى التحتية في كازاخستان، ببيع قرابة 20 ألف زي شتوي من تلك التي تستخدمها قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى شركات أمريكية وعبر شركة أخرى مجرية. وبدورها قام الشركات الأمريكية بتسليم تلك البدلات على الفور إلى القوات الأوكرانية المسلحة، عن طريق بولندا.
كما تكشف المعلومات الصحافية أن نائب المدير العام للشركة المذكورة، شارك بشكل مباشر في تلك الصفقة، على الرغم من معرفته المسبقة أين سينتهي المطاف بتلك الملابس العسكرية (أوكرانيا). وتتهم موسكو هذا الشخص، الذي يبدو أنه شخصية نافذة ومعروفة في البلدين (روسيا وكازاخستان) بأنه «عدو لروسيا يعمل في منصب نائب رئيس شركة مملوكة من الدولة الكازاخستانية». وتضيف أنه برغم ذلك لم يكن الشخص الوحيد في الشركة المتورط في هذه العمليات.
توجه الصحف الروسية العتب واللوم إلى «الحلفاء» الكازاخستانيين، وتعتبر أن ما يقومون به «قبيح جداً» وأن إنكار تلك الصفقات ما عاد ينفع لأن السلطات الروسية تملك جميع المستندات التي تثبت حدوثها (توردها بشكل مفصل على المواقع من خلال روابط وصور). كما تقول الصحف أن ثمة العديد من العقود تُحضر على الطريق مستقبلاً وفقا لهذا المخطط الخفي، وهذا ليس إلا تصميمياً كازاخستانياً من أجل تزويد «أعداء روسيا» بكل ما هو ضروري للعمليات العسكرية.
«المال ليس له رائحة» هو الشعار الذي ترفعه الصحف والمواقع الروسية في وجه كازاخستان، وتعدد في الوقت نفسه أسماء شركات أسلحة ومعدات عسكرية كبرى شاركت في تلك الصفقات، مثل Kazspetsexport و Kazakhstan Engineering أو تلك الشركات الأصغر مثل: ARCG Group و Robus و s.r.o. و Bastion و Kaztechnologies بالإضافة إلى المرافق الكازاخستانية الرسمية التي كانت محطات لتلك العمليات.
كما تعتبر الأوساط الروسية أن «قواعد اللياقة الأساسية» التي لم تتخلَ عنها موسكو حتى في أصعب الأوقات تجاه حليف عرق مثل كازاخستان، داست عليها أستانا وتجاهلتها، معتبرة في الوقت نفسه أن هذه التطورات ليست إلا درساً تكتسبه موسكو اليوم حول «وعود الحلفاء والشركاء» من الجمهوريات الشقيقة والسابقة في الاتحاد السوفييتي السابق، كما أنه فرصة للتمييز بين «الحليف الحقيقي من ذاك المزيف» في الصراع «من أجل مستقبل أوراسيا بأسرها، ومن ثم من أجل البشرية» مذكرة في الوقت نفسه بأن ممثلين عن الشعب الكازاخستاني يشاركون في القتال إلى جانب الجيش الروسي «بكرامة» بينما أبناء وطنهم في البلد الأم (كازاخستان) البعيدة آلاف الكيلومترات، يتسببون لهؤلاء بـ»شعور الخزي والعار» من خلال تلك التصرفات.
وعليه، فإن هذه المعلومات كلها تكشف بشكل لا لبس فيه، أن العلاقة بين الدولتين الجارتين التي تفصلهما حدود بطول 7590 كلم، وصلت إلى ما يشبه الحائط المسدود. كما يبدو أن الطلاق بينهما، واقع واقع… لا محال!
كاتب لبناني
المصدر: القدس العربي