عزز قرار إيران مساعدة روسيا خلال غزوها المستمر لأوكرانيا علاقتها مع الكرملين وحقق مكاسب مادية، لكنه أدى أيضا إلى مزيد من التوتر الدبلوماسي مع أوروبا وزاد من أزمة شرعية النظام الإيراني الحاكم داخل البلاد.
بتلك الخلاصة استهل الباحث جورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لـ”Gulf States Analytics”، وهي شركة استشارية حول المخاطر الجيوسياسية مقرها بواشنطن، تحليلا نشره منتدى الخليج الدولي وترجمه “الخليج الجديد”.
وأضاف كافيرو أنه كما استفادت إيران من دعمها للحرب الروسية (المستمرة منذ 24 فبراير/ شباط 2022)، فإن هناك أيضا تكاليف دفعتها أيضا، وأكبرها هو تدهور العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه.
وبعد عام واحد من الغزو الروسي، بحسب كافيرو، نمت الشراكة الإيرانية الروسية وتضاءلت إمكانية إعادة إحياء اتفاق طهران والغرب لعام 2015 بشأن برنامج إيران النووي.
وهذا الاتفاق كان يفرض قيودا على برنامج إيران النووي للحيلولة دون أن تنتج أسلحة نووية، وذلك مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه في 2018 وأعادت فرض العقوبات، فتوقفت إيران عن الالتزام ببنود عديدة في الاتفاق.
وأردف كافيرو أنه في حين أن إيران قد تحقق مكاسب مالية، لاسيما من خلال بيع أنظمة أسلحتها وخاصة الطائرات بدون طيار والصواريخ، إلى روسيا، فقد أدى الغزو إلى عزل إيران ودفع العديد من الدول الأوروبية إلى وقف المفاوضات بشأن طهران، باستثناء تلك المتعلقة بضمان استمرار العقوبات الغربية عليها.
تحول أوروبي
بشكل كبير، تحولت آراء صانعي السياسة في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، والعواصم في جميع أنحاء القارة ضد إيران، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى دعم طهران لحرب الرئيس الروسي فلاديمير لحرب ضد أوكرانيا، وفق كافيرو.
وأوضح أنه بينما أيدت العديد من الحكومات الأوروبية قبل 2022 تجديد خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، أدت مساعدة إيران لروسيا ضد أوكرانيا إلى أن معظم مؤيدي الاتفاق النووي السابقين فقدوا شهيتهم لإحياء الاتفاق.
وقال علي فايز، مدير المشروع في مجموعة الأزمات الدولية، لمنتدى الخليج الدولي: “يبدو بالتأكيد أن الإيرانيين قد قللوا من شأن رد الفعل العنيف الذي ستطلقه مساعدتهم العسكرية لروسيا في أوروبا”.
ومتفقة مع فايز، رأت باربرا سلافين، الزميلة في مركز ستيمسون بواشنطن والمحاضرة في الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، أن طهران “دفعت ثمنا باهظا في أوروبا” لدفاعها عن الكرملين.
وقالت: “إلى جانب القمع الوحشي للاحتجاجات (الشعبية في إيران) منذ مقتل (الشابة) مهسا أميني (داخل مركز للشرطة في سبتمبر/ أيلول 2022)، أدى الدعم الإيراني لروسيا إلى نفور الحكومات والشعوب الأوروبية وزيادة الدعوات إلى أوروبا لمعاقبة الحرس الثوري الإيراني واستدعاء السفراء من طهران”.
واستطردت: “الأوروبيون أيضا معادون بشكل متزايد لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة”.
تآكل شرعية النظام
ووفق خبراء، فإن دعم النظام الإيراني لروسيا أدى إلى تفاقم أزمة شرعية النظام نفسه داخل إيران.
وأضافت سلافين أن “هذا التعاون المتنامي بين روسيا وإيران لا يحظى بشعبية في إيران وسيؤذي النظام الإيراني، خاصة إذا كان يُنظر إلى روسيا على أنها تخسر الحرب في أوكرانيا”.
وخلال الحرب العراقية الإيرانية بين 1980 و1988، بحسب كافيرو، أطلق جيش صدام حسين المئات من صواريخ “سكود” التي حصل عليها من الاتحاد السوفيتي على المناطق الحضرية المكتظة بالسكان في إيران، مما تسبب في مقتل الآلاف من المدنيين.
وأوضحت سلافين أنه إلى جانب المشاكل الاقتصادية الإيرانية والاحتجاجات المستمرة على مستوى البلاد على مقتل مهسا، فإن انحياز طهران للكرملين “يزيد من تآكل ما تبقى من شرعية النظام الإيراني”.
المصدر | جورجيو كافيرو / منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد