تحدثنا سابقاً عن الجغرافيا السياسية وأنها قدر، وأن الحروب والكوارث التي تصيب منطقة تتضرر فيها المنطقة الجغرافية كلها، وليس من السهولة بمكان تلافي ذلك، ولهذا هناك مفردات تتحدث بين الدول عن المصير المشترك، ودول الجوار والجيوسياسي، وعشنا معاً في مساحة تعادل مساحة فرنسا ما بين سورية وتركية، كارثة القرن التي حصلت في عشرة ولايات تركية وثلاث محافظات سورية، وللزلزال تاريخ في هذه المنطقة، حيث تتلاقى الصفيحة الأرضية العربية مع صفيحة الأناضول ونقطة التلاقي الخط الواصل بين مرعش وإنطاكيا وهي مركز الزلزال الأساسي الذي ضرب المنطقة، وتُعد الزلازل أحد أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً والتي يمكن أن تضرب أي مكان في العالم وفي أي وقت. وهي ناتجة عن إطلاق الطاقة المخزنة في القشرة الأرضية، بتحرك الصفائح الأرضية مما يؤدي إلى حدوث موجات زلزالية يمكن أن تسبب أضراراً وتدميراً وخسائر في الأرواح على نطاق واسع.
ولقد كان البشر على دراية بالزلازل منذ آلاف السنين. تم العثور على أدلة على آثار الزلازل في الحضارات القديمة لدى البابليين والمصريين واليونانيين والرومان.
وعلى سبيل المثال، حدث أول زلزال مُسجل في تاريخ البشرية في عام 1831 قبل الميلاد في مدينة أوروك في بلاد ما بين النهرين القديمة (العراق حاليًا). وكان لدى الإغريق، على وجه الخصوص، فهم ثري بالزلازل كما كان لديهم إله للزلازل هو بوسيدون الذي كان يُعتقد أنه يتسبب في حدوث الزلازل من خلال ضرب الأرض بشوكته الثلاثية.
وفي القرن السادس ضرب الزلزال مدينة أنطاكية وكان من أعنف الزلازل في التاريخ القديم. وتشير التقديرات إلى أن الزلزال بلغت قوته حوالي 7.0 درجات ويعتقد أنه تسبب في وفاة أكثر من 250 ألف شخص.
ثم زلزال حلب في عام 1138م ضرب هذا الزلزال مدينة حلب في سورية وتقدر قوته بنحو 7.5 على مقياس ريختر. تسبب في أضرار واسعة النطاق ويعتقد أنه قتل أكثر من 230 ألف شخص، مما يجعله واحد من أكثر الزلازل فتكًا في التاريخ.
وكذلك زلزال اليابان الحديث وغيره، ومايزال العلم عاجز عن تحديد موعد محدد لهذه الظاهرة، وتبقى التحليلات بدائرة الضرب بالنجوم والتنجيم.
ولأن العلم عجز عن تحديد موعد الزلزال لجأ إلى تحسين جودة البناء والذي للأسف بدولنا حيث تنتشر المحسوبيات، والفساد الإداري والمالي فينعكس الفساد على حساب حياة الناس، وهذا لابد أن يجعلنا نقف وقفة جادة لتقدير ما توصل له العلم، ولوضع حد للفساد والإفساد، ولملمة جراحنا بظل هذه المحنة العظيمة التي عشناها بأهوالها وآثارها والتي قد تدوم لعقد من الزمن، وقد أثبت السوريون القدرة على تضميد جراحهم بأنفسهم، وآن الأوان كي يعيدوا تنظيم صفوفهم وقيادتهم لكسر هذا الانسداد السياسي، وليصنعوا حياتهم هم ولا ينتظرون أن تصنع لهم.
وهم في محنتهم عاشوا ذروتها بمفردهم، لكننا سنحرص على صناعة حياتنا بأنفسنا وعلى العلاقة والمصير المشترك مع الأخوة الأتراك ونحن اليوم في المحنة سواء، والضحايا لم تفرق بين جنس ولون وعرق.
الرحمة لكل الضحايا والشفاء لكل المصابين والسلامة للبلدين الشقيقين.
المصدر: إشراق