قد يعتقد الكثيرون أن توقيف إذاعة “بي بي سي” هو حدث هامشي و لا يستحق التوقف عنده او الاهتمام به اكثر من حجمه. لكنه حسب رأيي حدث مهم جدا و يستحق التوقف و التأمل و التفكير.. ليس لقيمة هذه الاذاعة او مشروعها او دورها او تاريخها و إرثها.. بل لأنه جرس الإنذار الذي ينبه بأن العالم من حولنا قد تغيير فعلا و أصبحت مراحل التطور أسرع مما كان يتوقعه معظم البشر..
إنه النداء الاخير للالتحاق بالمقصورة الاخيرة في القطار السريع بل فائق السرعة و لأن فواته لا يجدي معه ملاحقته بأي وسيلة تقليدية..
إن العالم الذي كنا نعرفه و تعودنا عليه قد انهار أو انه قيد الانهيار و أن عالما أو عوالم جديدة تظهر قد تبدو لنا غريبة او معقدة.. و لكنها الحقيقة القادمة التي لابد من التأقلم معها بأسرع ما يمكن بدلا من البكاء على الاطلال
إن هذا التغير ليس كالتغيرات السابقة التي زامنت عصر النهضة او الثورة الصناعية او الثورة التكنولوجية او الثورة المعرفية في العقود السابقة و التي رغم جذريتها و حداثتها فقد كانت تطويرا او تحديثا للبنى القديمة
أما التغيير الحالي و القادم فهو مختلف و جذري لدرجة الهدم التام حتى القواعد العميقة للبنى القديمة و اشادتها بشكل مختلف تماما
فالعالم بعد عقدين او ثلاثة سوف يكون عالما مختلفا تماما عما ألفناه و عرفناه
و ربما أكثر المجلات التي سيطالها هذا التغيير
هي الاعلام و التعليم
فوسائل الاعلام الجديدة و تقنياتها و اساليبها ستكون مختلفة تماما بشكل لا تجدي معه أية عملية تطوير او تحديث للمؤسسات او الكيانات الضخمة القائمة..
و التعليم سيكون التغير فيه أكبر و اشمل بعد التطورات التكنولوجية و المعلوماتية المتراكمة التي ينفع معها شكل و اساليب المدارس و الجامعات الحالية و كل طرائق التعليم و التدريس الحالية
و حتى هناك شك كبير حول دور المدرس او ضرورة وجوده اصلا في المستقبل القريب..
اعلم ان ذلك قد يكون عصياً على التصور لدينا الآن.. لكنه التطور القادم في قطار الحقيقة المستقبلية التي ستدهس كل من لا يستطيع التأقلم مع متطلباتها
إن ذلك سينطبق ايضا على معظم المجالات أيضا بما فيها السياسة و الاحزاب و البرلمانات و الحكومات.. سيكون لها اشكال و ادوار مختلفة تماما
جرس الانذار اطلق و من لا يستطيع أن يأخذ مكانه الصحيح سيندم كثيراً و سيورث ندامته للاجيال القادمة.
المصدر: صفحة بسام شلبي