الثورة السورية والحلفاء  

محمد سعدو

مع تزايد محاولات التطبيع مع النظام السوري والتوجه نحو  إعادة العلاقات مع نظام الأسد يتبادر أذهان الكثير من السوريين أبناء هذه الثورة وكثير من المعنيين في الشأن السياسي السوري حول ماهية هذا الانعطاف وكذلك مسارات دولية أخرى قد لا تتساوق مع مصالح الشعب السوري وتطلعاته في الخلاص من نظام الاستبداد في دمشق، مع بدء محاولات تعويم هذه السلطة التي باتت في حكم المنهارة اقتصاديًا و أمنيًا وسياديًا .

تشير آخر تطورات المشهد السوري بعد مجمل التصريحات التركية الأخيرة التي بدت جادة في المضي نحو إعادة فتح العلاقات مع النظام إلى أن هذه التحركات التي يراها كثير من المحللين بأنها  غير نابعة من رؤية ونية واضحة في فتح هذه العلاقات مع الأسد، باعتبار أنه أصبح منبوذًا دوليًا وإقليميًا،  لكنها نتيجة المصالح السياسية التي تراها أنقرة ربما ضرورات آنية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، لكن أيضًا وبكثير من التساؤلات المطروحة التي بقيت حاضرة حول حقيقة هذا الانعطاف السريع والذي لا يجده البعض الآخر سببًا كافيًا في الموقف التركي بهذا الشكل عطفا على ان الخطوات التركية منذ بداية الثورة وحتى الآن مازالت ثابتة ومناصرة للمعاناة السورية أمام حالات الخذلان المستمرة لما يجري لسورية .

تبقى هذه التساؤلات حبيسة كل ثائر سوري منجدل في صيرورة العمل الوطني الحر لإنهاء وجود سلطة الأسد ولاشك أن هذه التساؤلات وجلد الذات تعيدنا إلى المربع الأول وإلى أسباب التخلي والانسلاخ الدولي الحقيقي عن قضية هذا الشعب، في خلاصه من هذا الألم. ولماذا يحصل هذا التغيير النسبي لدى الحليف الوحيد و الاكثر قربًا ودعمًا لتطلعات الشعب السوري.

وردًا على سؤالنا حول حقيقة الموقف التركي قال الباحث في مركز الحوار السوري أحمد قربي ” أن السبب المباشر والأساسي في ذلك هو عدم نشوء جيب في شمال شرق سورية، والتهديد الذي يشكله مشروع الpyd على المنطقة بالإضافة إلى الخلافات الأميركية التركية اللاحقة وتغير أولويات أنقرة الحالية في الملف السوري وقضية الانتخابات الرئاسية التي طرأت على المشهد “

وعن سؤالنا حول أسباب خسارة الثورة السورية يقول قربي ” إن الظروف الدولية المركبة وأسباب ترتبط في عمل قوى الثورة والمعارضة وضعف أدائها السياسي وعدم وجود تمثيل سياسي واضح ونشوء داعش فيما بعد كلها أسباب أساسية ساهمت في خسارة الحليف الأخير للثورة بالإضافة إلى أسباب أخرى منها الخلاف الخليجي الخليجي وتبدل أولويات الإدارة الأميركية والاستدارة نحو الشرق إلى جانب التدخل العسكري الروسي والإيراني في سورية” .

وحول مستقبل الثورة السورية اليوم بعد الخطوة التركية الأخيرة يرى قربي بأن” الخيارات تكاد تكون محدودة لأسباب تعود إلى أن السياق الدولي الحالي لايساعد قوى الثورة والمعارضة بخيارات كبيرة ممكن أن تشكل رافعة كدور عربي أو أميركي مثلًا، إلا أن هذه الأدوار والخيارات غير موجودة اليوم ” وأضاف قربي مشيرًا إلى ” الدور الأميركي الذي كان هناك تعويل كبير عليه بعد الغزو الروسي لأوكرانيا أن يحاول الضغط على موسكو في الملف السوري والذي  لم يحصل بكل أسف بعد انتهاج سياسة فصل الملفات وبالتالي المستقبل غير واضح حاليًا والخيارات ماتزال محدودة، وقد يكون السيناريو الأرجح حاليًا هو استمرار الجمود الحالي وبقاء الأمور على ماهي عليه، وهذا سيترافق مع ازدياد العزلة السياسية لقوى الثورة بمعنى أن الثقل السياسي والعسكري سيتراجع كثيًرا لأن هذه الاستدارة المفاجئة نحو دمشق ستكون على حساب قوى الثورة والمعارضة”.

 

المصدر: إشراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى