كشفت مصادر مقربة من النظام السوري عن وصول وفد من المخابرات التركية إلى دمشق السبت، بينما علمت “المدن” أن المفاوضات بين الجانبين تتركز حالياً حول ملف عودة اللاجئين السوريين من تركيا، بالإضافة إلى مكافحة حزب العمال الكردستاني.
وبينما لم يؤكد أي مصدر رسمي من الجانبين المعلومات التي تحدثت عن عقد هذا اللقاء، قال مصدر مقرب من الحكومة التركية إن الاجتماعات على مستوى المسؤولين الفنيين والتقنيين من المخابرات السورية والتركية مستمرة بكل الأحوال، وقد زادت وتيرتها بعد اللقاء العلني الأول بين مسؤولي الأجهزة الأمنية الذي استضافته دمشق في أيلول/سبتمبر 2022.
المصدر الذي أشار إلى عدم وجود معلومات لديه حول وصول وفد من المخابرات التركية إلى العاصمة السورية الأحد، رأى أن الأهم هو مضمون هذا النوع من اللقاءات، مؤكداً أنها تحقق تقدماً على طريق التعاون بين الجانبين.
وحول طبيعة هذا التعاون في ما يتعلق بعودة اللاجئين من تركيا، خاصة وأن أنقرة لا ترحل السوريين إلى مناطق سيطرة النظام حتى الآن، كشف المصدر عن وجود خطة تركية لإعادة قسم منهم من خلال المعابر الحدودية التي يسيطر عليها النظام، وتحديداً معبر كسب.
وحسب المصدر فإن أحد الملفات الأساسية في نقاش الوفود الفنية من مخابرات الطرفين هو ضمان سلامة هذا القسم من العائدين، من خلال التأكد من أنهم غير مطلوبين لأي جهة أمنية، أو اسقاط التهم التي تتم ملاحقتهم بناء عليها طالما أنها غير جنائية قبل إعادة أي منهم إلى الأراضي السورية.
مناطق المعارضة لا تكفي
وأضاف المصدر: “إن هذا التوجه جاء بعد اقتناع صانع القرار التركي أن الشريط الحدودي الذي تسيطر عليه المعارضة لا يمكن أن يتسع للعدد الذي تخطط أنقرة لإعادته إلى سوريا، وأن التقديرات تشير إلى امكانية عودة ما بين 250 ألفاً إلى 500 ألف من اللاجئين السوريين إلى مناطق سيطرة النظام، الأمر الذي سيساعد أيضاً في ابعاد تهمة المساهمة بالتغيير الديموغرافي عن هذه الخطة، من خلال عودة هذا القسم إلى مكان اقامتهم الذي هجروا منه”.
وتابع: “حتى القسم الآخر من اللاجئين السوريين الذين يفترض أن يعودوا إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، تجري مفاوضات بخصوصهم بما يشمل أمن هذه المناطق وضمان عدم تعرضها لأي استهداف، إلى جانب التأكد من أن أياً منهم لا ينتمي لمنظمات إرهابية”.
ومنذ العام 2021 دأبت الحكومة التركية على التأكيد أنها بصدد إعادة قسم من اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها، بينما تزايدت وتيرة التصريحات التي تشدد على ذلك خلال الأشهر الماضية مع اقتراب موعد الانتخابات العامة، حيث يجري الحديث عن عودة أو إعادة بين مليون ومليون ونصف من بين نحو 3.5 مليون لاجئ سوري في تركيا.
خطة مخالفة
لكن حقوقيين وسياسيين سوريين كثراً يعتقدون أن مثل هذه الخطط لن يكون ممكناً تطبيقها، نظراً لموقف المجتمع الدولي الرافض لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم قبل انجاز حل سياسي، على الرغم من ترحيل السلطات التركية المئات منهم شهرياً.
المحامي الفلسطيني-السوري أيمن أبو هاشم أكد أنه من الناحية القانونية فإن إجبار اللاجئين على العودة إلى بلاهم في ظل استمرار الظروف التي دعتهم إلى الفرار منها، يعتبر خرقاً ل”مبدأ عدم الإعادة القسرية” الوارد في القانون الانساني الدولي، وهو مبدأ موجود في كافة المعاهدات الدولية ذات الصلة، بما فيها معاهدة حماية اللاجئين.
ويقول في تصريح ل”المدن” تعليقاً على الخطة التركية: “كل استطلاعات الرأي وكذلك المعطيات تؤكد أن اللاجئين السوريين في تركيا لا يريدون العودة إلى سوريا في الوقت الحالي بسبب المخاطر المحتملة التي تنتظرهم على يد النظام، وبالتالي فإن العودة ستكون قسرية وغير قانونية، وإذا ما أصرت تركيا على تطبيقها فستكون سابقة على مستوى العالم وفضيحة قانونية وسياسية”.
أما عملياً فإن أبو هاشم، العضو في المبادرة الوطنية السورية، وهو تجمع سياسي معارض للنظام، يرى أن هذه الخطة غير قابلة للتطبيق بسبب الموقف الغربي الرافض لإعادة اللاجئين السوريين، وتحديداً موقف الولايات المتحدة.
ويضيف: “سبق تركيا في هذا التوجه لبنان الذي كررت حكوماته مراراً نيتها إعادة اللاجئين السوريين، إلا أن فيتو واشنطن على ذلك وتمسكها مع الاتحاد الأوربي برفض التطبيع ومنع إعادة الاعمار وإجبار اللاجئين على العودة قبل التوصل لحل سياسي، أعاق خطط بيروت بهذا الخصوص، وهو ما سيحدث مع تركيا التي لا يمكن حسب توقعاتي أن تتجاوز ذلك”.
وتؤكد جميع المعطيات على أن أحد الأسباب الأساسية في التوجه التركي للتطبيع مع النظام السوري هو الرغبة في تنفيذ خطة لإعادة قسم من اللاجئين المقيمين على الأراضي التركية استجابة للرأي العام الذي يغلب عليه المطالبة بذلك.
المصدر: المدن