الخليج وإسرائيل في 2022.. قطر وعُمان خطوة للخلف والكويت تتمسك بالرفض

على خلاف التطبيع الذي يواصل ازدهاره في الإمارات والبحرين، تجد إسرائيل نفسها منبوذة في قطر والكويت وعمان خلال 2022.

وكان مسؤولون إسرائيليون قد أعربوا عن أملهم في أن تحفز “اتفاقات إبراهيم” (اتفاقيات التطبيع) مع كل من الإمارات والبحرين في سبتمبر/أيلول 2020، مزيداً من صور التطبيع مع دول الخليج الأخرى، إلا أن آمالهم تبخرت أمام الدول الثلاث قطر والكويت وعمان.

قطر

ففي قطر، كانت الصدمة الحقيقة لإسرائيل خلال العام 2022، فليس من المبالغة القول إن الفلسطينيين من أكثر الشعوب فرحًا وسعادة بكأس العالم الذي استضافته الدوحة، كون هذا الحدث العالمي أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وكشف عن زيف ادّعاءات إسرائيل عن نجاحها في التغلغل في الوعي العربي، والحصول على القبول من شعوب عربية عديدة، لا سيما بعد تطبيع بعض الأنظمة الخليجية والعربية علاقاتها مع الاحتلال.

ولا تعترف قطر رسمياً بـ”إسرائيل”، وتضع إقامة الدولة الفلسطينية شرطاً لذلك.

وفي بداية نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وقبل انطلاق صافرة كأس العالم في قطر، اتفقت الحكومتان القطرية والإسرائيلية على تنظيم رحلاتٍ جويّة مباشرة بين مطار بن جوريون ومطار الدوحة، لنقل الإسرائيليين الراغبين بمشاهدة المباريات طوال فترة البطولة.

ولمتابعة شؤون هؤلاء المشجعين، تضمّن الاتفاقُ تواجد دبلوماسيين إسرائيليين بشكلٍ مؤقت في قطر، إضافةً لاستقبال الوفود الإعلامية الإسرائيلية ومقارّها المُخصصة للتغطية.

وأجمع قطبا السياسة الإسرائيلية المتنافسان “يائير لابيد” و”بنيامين نتنياهو”، على الترحيب بهذه الخطوة التاريخية، إذ انضمت الدوحة، ولو لفترةٍ مؤقتة، إلى المدن الخليجية المتّصلة جوّاً بالكيان الإسرائيلي.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية روجت في سبتمبر/أيلول الماضي، لمحادثات تجري بين الدولة العبرية وقطر، من أجل فتح قنصلية إسرائيلية مؤقتة في الدوحة، خلال فترة كأس العالم، وهو ما نفته مصادر قطرية، مؤكدةً وصول هذا الطلب عبر الاتحاد الدولي لكرة القدم، إلا أن الدوحة رفضته.

وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني، جددت قطر موقفها الرافض لأي تطبيع مع “إسرائيل”، مشيرة إلى أنه “مرتبط بحل القضية الفلسطينية”.

ورغم التفاؤل الإسرائيلي، إلا أن رياح الشعوب القطرية والعربية جاءت بما لا تهوى سفن إسرائيل، فمع صافرة البداية، هتفت الجماهير العربية، وفي مقدمتها الجماهير القطرية والخليجية، باسم فلسطين في ملاعب الدوحة، وارتفع العلم الفلسطيني عالياً في سماء الخليج العربي.

وتعرّض إسرائيليون عديدون للرفض والإنكار من سائقي سيارات الأجرة وفي المطاعم والكافيهات، حيث كان العرب يرفضون التعامل معهم بأي شكل، وهو ما جعلهم يشعرون بأنهم منبوذون وغير مرحّب بهم.

وأمام ذلك، كتب الإعلام العبري أن “قطر دولة لا ترحب بالإسرائيليين، ولن نتمكن من العودة إليها في المستقبل القريب”، لافتة إلى “الكراهية” التي تعرض لها الإسرائيليون خلال البطولة.

ولفت الإعلام العبري إلى مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل، أظهرت مشاعر الكراهية ضد إسرائيل بين الجماهير القطرية والعربية.

فهذا شاب لبناني أنكر وجود إسرائيل ردا على المراسل الإسرائيلي الذي حاول محاورته خلال البث المباشر، وذاك شاب مصري ادَعى في البداية أنه موافق على إجراء مقابلة مع صحفي إسرائيلي خلال رسالة على الهواء، ليباغته بالقول مبتسما “تحيا فلسطين”، بينما كان الصحفي يتحدّث بفرحة عن وجود نموذج عربي يقبل الاحتلال والتعايش معه.

وذاك شاب قطري أشاح بوجهه فورًا عن الكاميرا حينما علم أن الصحفي الذي يحادثه إسرائيلي، وأولئك الشبان السعوديون الذين رفضوا الحديث مع صحفي آخر، ونماذج أخرى كثيرة، كانت جميعها صفعة لإسرائيل التي عبرت في إعلامها عن صدمتها من هذا كله.

وفي محاولة يائسة لتجنب هذه المعاملة من قبل المشجعين العرب، لجأ الكثير من الصحفيين الإسرائيليين إلى إخفاء هويتهم، والتعريف بأنهم من دول أخرى لتجنب رد فعل المشجعين العرب.

وبعد ذلك، قدمت إسرائيل، للسلطات القطرية، وأيضا لـ”الفيفا” احتجاجا على تعامل القطريين مع الطواقم الإسرائيلية.

وبعيدا عن المونديال، واصلت قطر سلسة إدانتها لجرائم إسرائيل في الضفة، حتى وصل إلى تحميل أمير قطر الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني” في كلمة له، تل أبيب، مسؤولية اغتيال صحفية شبكة “الجزيرة” القطرية “شيرين أبو عاقلة”، في مايو/أيار الماضي.

الكويت

منذ تشكلت الدولة الحديثة في الكويت، كان الموقف الرسمي والشعبي واضحًا من دولة الاحتلال، فقد تأسس في العام 1957 مكتب مقاطعة اسرائيل، وأصدر أمير الكويت في العام 1964 مرسومًا بقانون يحظر التعامل مع إسرائيل، وينص على عقوبات تتراوح بين السجن والإعدام في حال التطبيع.

وما يزال إعلان الأمير الحاكم، في يونيو/حزيران 1967، أن “الكويت في حرب ضد الاحتلال الإسرائيلي وعصاباته في فلسطين المحتلة” سارياً، ويُعتبر أيّ دعم لدولة الاحتلال بمنزلة خيانة.

وفي العام 1971 صدر القانون التشريعي رقم 31 الذي يعتبر إسرائيل دولة معادية.

وكان أمير الكويت السابق “جابر الأحمد الصباح”، قد صرح بأن الكويت ستكون “آخر دولة تطبع مع إسرائيل”.

كما أن الكويت سباقة في إدانة ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين في المحافل الدولية.

واستمر الوضع حتى الآن على هذا الحال، حيث كشف مسح عشوائي في أغسطس/آب، قام به مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث، أن نحو 95% من الكويتيين يعارضون فكرة التطبيع أو التصالح مع إسرائيل أو التجارة معها مادامت القضية الفلسطينية لم تحسم بعد.

وتتوافق أغلب الدراسات والاستطلاعات أن الكويتيين الأشد معارضة للتعامل مع إسرائيل على مستوى الشرق الأوسط.

وتؤكد الكويت باستمرار تمسكها بمقاطعة “إسرائيل” ومنتجاتها ومن يتعامل معها من الشركات والأفراد.

ومصداقا لذلك، انسحب لاعب التنس الكويتي “محمد العوضي” في يناير/كانون الثاني، من بطولة أقيمت في دبي، بعد رفضه مواجهة لاعب إسرائيلي.

وفي فبراير/شباط، ألغت المهندسة والمخترعة الكويتية “جنان الشهاب”، مشاركتها رسميا في معرض “إكسبو دبي 2020″، رفضا للتطبيع مع إسرائيل والاحتفاء بجناحها في المعرض.

كما منعت وزارة الإعلام الكويتية، في فبراير/شباط، عرض فيلم “Death on the Nile” في البلاد، لكون بطلته مجندة سابقة في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وفي مارس/آذار، حققت وزارة الإعلام الكويتية مع فريق برنامج مسابقات، لعرضهم خريطة تشير إلى إسرائيل بدلا من فلسطين عن طريق الخطأ.

قبل أن تجدد في أغسطس/آب، في اجتماع لمؤتمر ضباط اتصال المكاتب الإقليمية لمقاطعة إسرائيل، تمسكها بمقاطعة دولة الاحتلال ومنتجاتها ومن يتعامل معها من الشركات.

وفي نوفمبر/شرين الثاني، فصلت وزارة التربية الكويتية مديرة مساعدة بإحدى المدارس الأجنبية، بعد دعوتها الطلاب للسفر إلى إسرائيل.

وفي ديسمبر/كانون الأول، تقدم مدير عام بنك الائتمان “صلاح المضف” باستقالته رسمياً، وذلك بعد الكشف عن صفقة للبنك مع شركة إسرائيلية.

عُمان

رغم احتفاظ عُمان بسياسة الحياد، وترحيب السلطنة رسمياً باتفاقيتي تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين وبين الاحتلال، فإنها ترفض الانضمام إلى “اتفاقيات إبراهيم”.

وتشترط عمان على الحكومة الإسرائيلية تبني رؤية للسلام الرامي إلى اتخاذ خطوات ملموسة تتلاقى مع تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، بحسب ما قاله وزير الخارجية العُماني “بدر البوسعيدي”، في يونيو/حزيران 2021.

ولعل الحدث الأبرز بين البلدين خلال 2022، كان رفض مسقط مطالب إسرائيلية بفتح الأجواء العمانية أمام طائراتها المدنية، بعدما وافقت الرياض على قرار مماثل خلال زيارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في يوليو/حزيران.

وتحدثت وسائل إعلام أمريكية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن لقاء جمع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض “جيك سوليفان”، ووزير الخارجية “أنتوني بلينكن”، مع وزير الخارجية العماني لمناقشة فتح مجال بلاده الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية.

ووقفاً لموقع “أكسيوس” الأمريكي، فقد أشار مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إلى أن عدم الحصول على إذن من سلطنة عمان باستخدام مجالها الجوي للرحلات المتجهة شرقاً إلى الهند والصين، يجعل الخطوة السعودية بلا معنى.

وحسب المسؤولين، فإن إدارة “بايدن” تحاول منذ يوليو/حزيران، إقناع العمانيين بفتح المجال الجوي أمام شركات الطيران الإسرائيلية، لكن كان لدى مسقط عدة قضايا ثنائية وطلبات من واشنطن أرادت الحصول عليها في المقابل.

لم يقتصر الأمر على ذلك، ففي أواخر ديسمبر/كانون الأول، وافق مجلس الشورى العُماني على إحالة مشروع تعديل المادة الأولى من قانون مقاطعة إسرائيل إلى اللجنة التشريعية والقانونية لإبداء الرأي قبل مناقشة المقترح وإقراره أو رفضه.

والتعديل المقترح “يحظر على جميع الجهات الخاصة أو الأشخاص الاعتباريين أو غيرها التعامل مع إسرائيل في جميع المجالات”.

ويستهدف التعديل البند الأول من القانون، المتعلق بحظر الاتصال بكيانات أو أفراد في دولة الاحتلال.

هذا التعديل تبناه وزير الخارجية العماني “بدر البوسعيدي”، حين قال إن قرار “يعبر عن تطلعات شعب بلاده ودول المنطقة”.

قبل أن يشيد به مفتي السلطنة “أحمد الخليلي”، الذي عبر عن تأييده لمقاطع إسرائيل وتجريم التعامل معها.

المصدر: الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى