تأتي الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي انبثق من خلفيات قانونية وثقافية وديانات مختلفة، من جميع أنحاء العالم، تم قبوله كعقد مُبرَم بين الحكومات وشعوبها. وقبلت به جميع الدول تقريبًا لاسيما بعد انتهاكات البشرية لكرامة الإنسان في العصور الوسطى ثم جاءت الثورة الفرنسية ثم الحرب العالمية الأولى والثانية، وما كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليكون لولا الحاجة الملحة لدى البشرية ومعاناتها بسبب الانتهاكات الكثيرة.
ففي العقود التي تلت التصديق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948، أصبحت حقوق الإنسان من أكثر الحقوق المعتَرَف بها والمعروفة والمدونة في جميع أنحاء العالم. ومنذ ذلك الحين، شكّل الإعلانُ الأساسَ لنظام موسع يهدف إلى حماية حقوق الإنسان، ويركز على الفئات الضعيفة والشعوب المضطهدة.
لكن من المؤسف جداً أنه على الرغم من مرور كل هذه السنوات على صدور هذا الميثاق الدولي الراقي إلا أن حقوق الإنسان ما تزال منتهكة في بقاع كثيرة من العالم، فما أكثر المظلومين والمضطهدين واللاجئين في العالم، بل وتزداد النكبات واختراق حقوق الإنسان، وهذا نتيجة غياب شعور الإنسان بأخيه الإنسان، غياب الموقف الأخلاقي الدولي من انتهاك حقوق الإنسان، بل العبث واستثمار الأزمات أحياناً.!
وَعَد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بتحقيق الكرامة والمساواة في الحقوق، لكن الذي حصل هو التعرض لاعتداءات مستمرة في السنوات الأخيرة.
وفيما يواجه العالم اليوم تحديات جديدة، ونزاعات متصاعدة، وأوجه تفاوت متفاقمة، وعنصرية وموجات لجوء هروباً من الانتهاكات، حيث بات البحر المتوسط مقبرة اللاجئين الذين يسعون للوصول إلى مكان تُحترم فيه إنسانيتهم.
فنحن نحيا اليوم بخرق وانتهاك كبير لحقوق الإنسان، تمارسه دول ضد شعوبها ودول ضد شعوب أخرى ويتجلى أكبر انتهاك اليوم لحقوق الإنسان في سورية مايجري من السلطات الأمنية والعسكرية القمعية ثم من عدد من الميليشيات الأجنبية والدول التي تدخلت إلى جانب السلطات الإجرامية، ثم الحرب على الشعب الأوكراني وتهجير المدنيين، إلى مناطق كثيرة في العالم في اليمن وإيران ودول كثيرة، ينتهك فيها الأشرار من البشر حقوق الإنسان، والسكوت عن الأشرار هي إساءة للأخيار والضعفاء من بني البشر.
لقد خلق الله الإنسان- ذكراً وأنثى- في أجمل صورة، “ولقد كرّمنا بني آدم” لذا فإن قيمة الإنسان غالية جداً لأنها مستمدة من الله مباشرة، وأجمعت البشرية جمعاء على أن للإنسان حقوق ينبغي صونها وحفظ كرامة الإنسان. ولولا الإحساس بالظلم والآلام والأوجاع والبؤس والحرمان والعذاب لما كانت هناك في العالم حاجة لأفكار عن حقوق الإنسان. والمؤسف أنه أصبحت السمة العامة لدول المركز في العالم والدول القوية هي الإدانة والقلق وبعض عقوبات اقتصادية على مجرمين قتلة، وكأن هذه الدول تشابه المنظمات الحقوقية والإنسانية.!
بل حتى الدول الخمسة في مجلس الأمن بات بعضها سبب خرق الأمن في العالم، وما يحصل في سورية وأوكرانيا مثال صارخ.
لابد أن نصم آذان العالم من أنه يكفي التعدي على الإنسان وانتهاك حقوقه وكرامته، ولابد من وضع حد دولي يتوافق فيه العالم بشكل عملي وليس نظري على احترام حقوق الإنسانية. والسكوت عن الإجرام والانتهاك يجعل الأشرار يتجرؤون على مزيد من الانتهاك في ظل غياب الحزم والعقاب لهؤلاء المجرمين.
المصدر: إشراق