عودة نتانياهو تعيد “الأسئلة الكبرى” للشرق الأوسط

شربل أنطون

كيف ستنعكس عودة بنيامين نتانياهو إلى رئاسة الحكومة على العلاقات الأميركية الإسرائيلية؟ وهل سيتكرر مع بايدن ما حصل بين نتانياهو وأوباما؟ وأي تأثير لعودة نتانياهو إلى السلطة على “حلّ الدولتين” وعلى الملف النووي الإيراني؟.

برنامج “عاصمة القرار” على قناة “الحرة”، طرح هذا الموضوع مع ضيوفه:  ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق، كبير الباحثين في معهد واشنطن. وبول بيلار وهو أستاذ في جامعة جورجتاون في واشنطن، مساعد مدير”وكالة الاستخبارات المركزية” الأميركية سابقاً. كما شارك في جزء من الحوار من تل أبيب، السفير ألون ليئيل، المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية.

العلاقات مع إسرائيل تاريخية ولكن..

خلال اتصال التهنئة، أعاد الرئيس الأميركي جو بايدن التأكيد لنتانياهو على قوة الشراكة الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، القائمة على أساس متين من “القيم الديمقراطية والمصالح المشتركة”. وشدد على دعمه الثابت لأمن إسرائيل، حسب بيان البيت الأبيض.

إلى ذلك أضاف نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، أن “هذه القيم المشتركة هي التي عملت كحلقة وصل قوية بين بلدينا على مدى أكثر من 60 عامًا حتى الآن. إنها التزام بقيمة المجتمعات الديمقراطية المفتوحة، والتسامح، واحترام المجتمع المدني بما في ذلك الأقليات، وهي هويتنا في نهاية المطاف كدولتين ديمقراطيتين”.

ومع ذلك، كان ردّ توم نايدس، السفير الأميركي لدى إسرائيل، قوياً بشأن تصريح أحد الصقور المحتملين في وزارة نتانياهو: “إن واشنطن ستتصدى وستقاوم أي محاولة من قبل الحكومة الإسرائيلية المستقبلية، برئاسة بنيامين نتانياهو، لضم أجزاء من الضفة الغربية أو منطقة الأغوار إلى السيادة الإسرائيلية. إن موقف الولايات المتحدة الأميركية واضح: لا نؤيد الضم، وسنواجه أي محاولة للقيام بذلك، وهذا هو موقف معظم الدول العربية أيضاً”.

يقول بول بيلار إن نتانياهو هو الذي “جمع الائتلاف اليميني المتطرف الفائز في انتخابات الكنيست الإسرائيلي. وبالتالي لن يهتم نتانياهو للخطوط الحمراء الأميركية عند تشكيل الحكومة، بل ستكون أولويته هي الظروف الداخلية الإسرائيلية. وستكون لذلك تداعيات على العلاقات الأميركية الإسرائيلية، خاصة إن أصبح إيتمار بن غفير وزيراً للداخلية مثلاً، فستكون هناك صعوبات في عقد لقاء مباشر بين ين غفير ونظيره الأميركي”.

ويتوقع ديفيد شنكر حصول “مشكلة محتملة في المستقبل غير البعيد” بين إدارة بايدن وحكومة نتاتنياهو. ويضيف أن “إسرائيل تتجه نحو اليمين، وأقصى اليمين، فلا يوجد يسار إسرائيلي حالياً، بل هناك وسط ويمين الوسط”.

وفيما يتعلق بالخشية من مقاطعة أميركية لبعض أعضاء حكومة نتانياهو المستقبلية، يقول مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق، إنه لا بد لنتانياهو من وضع قيود على تصرفات بعض الوزراء، وإن “مثال لبنان سينطبق على التعامل مع حكومة نتانياهو، حيث تتعامل الإدارة الأميركية مع الحكومة اللبنانية دون أن تلتقي مع الوزراء الاعضاء أو المتحالفين مع حزب الله، بل مع المديرين العامين في وزاراتهم،. وربما يحدث ذلك مع بعض وزراء حكومة نتانياهو، فهناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى المقاطعة” برأي ديفيد شنكر، الذي يجزم ” أن المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل لن تتأثر لأن العلاقات بين البلدين استراتيجية وراسخة ولن تؤثر عليها بعض التصدعات، لانها تحظى بدعم الحزبين الأميركيين”.

ويقول السفير ألون ليئيل، المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، إن “حكومة نتانياهو ستهتم أقل بالعالم، وستهتم أقل بالولايات المتحدة وبالأمم المتحدة، وذلك بسبب وجود شركاء نتانياهو من الاحزاب المتطرفة، التي يهمها الداخل الإسرائيلي فقط ، ولذلك يرفضون تولي منصب وزارة الخارجية، ويركزون على وزارة الداخلية والأمن”.

ويتوقع الأستاذ الجامعي الأميركي، ماكس ابرامز، أن “تكون علاقات نتانياهو مع محمد بن سلمان أفضل من علاقات نتانياهو مع بايدن”. ويذهب نداف بولاك أبعد من ذلك قائلاً: “بعد اتصال بايدن بنتانياهو، يمكننا الآن أن نبدأ ضبط الساعة حتى اندلاع أول مواجهة بين إدارة بايدن وحكومة نتانياهو. إنني أعطيها من شهر إلى ثلاثة أشهر”. فيما يعتقد الخبير السياسي الأميركي آدم ميلستين أن “تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل معًا لمواجهة الصواريخ الباليستية الإيرانية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت”.

وفي بيان أثناء استقبال الرئيس الإسرائيلي في الكونغرس،  تقول رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي،  وتشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي: “عبر العقود ، كان الكونغرس الأميركي بمجلسيه وحزبيه فخوراً بالتضامن مع إسرائيل”.

واشنطن واليمين الإسرائيلي.. إزمة إيديولوجية

ينصح دينس روس وديفيد ماكوفسكيفي نتانياهو بعدم تشكيل “حكومة ضيقة مع بن غفير وبتسلئيل سموتريش لانها تهدد العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل”.

ويلاحظ الخبيران الأميركيان أن المستفيد الأكبر من الانتخابات في إسرائيل هو “حزب اليمين المتطرف بقيادة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش”. ويتابعان أن “الخيارات المطروحة أمام نتانياهو ليست بسيطة. فالمسار الأوضح لتشكيل الحكومة يتوقف على تأسيس ائتلاف يميني ضيق. ومثل هذه الحكومة لن تكتفي بجعل بن غفير وسموتريش يتوليان مناصب وزارية رفيعة، بل ستسمح لهما بالحفاظ على توازن القوى داخل الحكومة. وسيكون لذلك ارتدادات سلبية كثيرة داخل إسرائيل وخارجها وصولا إلى واشنطن. وتقدم خدمة لأعداء إسرائيل ومنتقديها حول العالم، وقد تُشنج العلاقات الأميركية الإسرائيلية”. ويختم الخبيران الأميركيان بالقول إنه “سيكون من الحكمة لنتانياهو ألا يشكل حكومة ضيقة القاعدة، بل حكومة ذات قاعدة عريضة تُجسد القيم الديمقراطية لإسرائيل بدلاً من أن تقوّضها”.

وتعتقد افتتاحية الواشنطن بوست أن “إسرائيل تتخذ منعطفاً مقلقاً نحو الديمقراطية غير الليبرالية”. وتجادل الافتتاحية بأن انتخاب الإسرائيليين لليمين بزعامة نتانياهو سيكون “مُحرِجاً لأصدقاء إسرائيل حول العالم خاصة لإدارة بايدن، لأنه يزيد المخاوف حيال مصير حل الدولتين”. ومما يضاعف هذه المخاوف انضمام الحزب الصهيوني الديني المتطرف إلى ائتلاف نتانياهو”.

وتضيف الافتتاحية بأن “نتانياهو تلاعب جزئياً بالاتجاهات غير الليبرالية في المجتمع الإسرائيلي، لأنه يعتقد أن السياسيين اليمينيين المتطرفين يمكن أن يساعدوه في رفض قضية الفساد المرفوعة ضده”. وتختم الافتتاحية بالقول: يبقى الحكم على نتانياهو مرهوناً بالأهمية التي سيعطيها للعلاقات الأميركية الإسرائيلية.

من جهته يقول الخبير الأميركي آرون ديفيد ميلر إن “التحالف اليميني المتطرف الذي – على الأرجح-  ستتشكل منه حكومة نتانياهو سيضرب العلاقات الأميركية الإسرائيلية إن لم يتمكن نتنياهو من السيطرة على وزرائه المتطرفين الذين ستجمعهم حكومة واحدة لأول مرة في تاريخ إسرائيل”.

ويضيف ميلر: “إذا حصلت مشاكل كبيرة نتيجه تحالف نتانياهو الحكومي الغريب ستكون واشنطن محرجة جداً في الدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية”. ويختم المفاوض الأميركي السابق بالقول: “إنه من حسن حظ نتانياهو وبايدن أن مسألتي الاتفاق النووي مع إيران وحل الدولتين ليستا جاهزتين للحل. وبالتالي فإن فتيل انفجار العلاقات الأميركية الإسرائيلية مسحوب الآن”.

وينتقد يوجين كونتوروفيتش تأخر بايدن في تهنئة نتانياهو على فوزه الانتخابي. ويضيف أن” تحالف اليمين الإسرائيلي يحصل على معاملة باردة من بايدن”. وينتقد “اليساريين الذي يتحسرون على نهاية الديمقراطية في إسرائيل حتى قبل بدء التصويت في الانتخابات، فيما لم نسمع كل هذه الضجة ضد حكومة يائير لبيد التي تضم إسلاميين”.

ويختم المحلل الإسرائيلي الأميركي بالقول إن “التحذير من حكومة إسرائيل الجديدة يرقى إلى حد القول إن إسرائيل ستكون محظية في أميركا فقط عندما تنتخب حكومات ذات ميول يسارية”.

سنتعرف في المستقبل القريب على حكومة نتانياهو، وعلى قدرة ورغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي في ضبط أركان اليمين المتطرف في حكومته. وعلى احتمالات أن يتواجه بايدن ونتانياهو حول إيران و”حلّ الدولتين”. وإمكانيات لعب نتانياهو لدور توفيقي بين واشنطن وموسكو بسبب علاقاته المتينة مع بوتين.  فعودة نتانياهو إلى السلطة في إسرائيل تُعيد إلى الواجهة الأسئلة الكبرى في الشرق الأوسط.

المصدر: الحرة. نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى