انقسام في صفوف المعارضة والموالاة وبري ينتظر التوافق للدعوة إلى جلسة تصويت ثانية. لم تحمل الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان أي مفاجآت، فقد أتت نتائجها وفق التوقعات بعد الاتصالات بين مختلف الكتل السياسية عشية انعقادها، ليخفق النواب الخميس، 29 سبتمبر (أيلول)، في انتخاب خلف للرئيس ميشال عون، قبل أكثر من شهر بقليل من انتهاء ولايته وفي ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة تعصف بالبلاد.
واحتلت الورقة البيضاء المركز الأول في التصويت مع 63 صوتاً، مقابل 36 صوتاً للنائب ميشال معوض، و11 صوتاً لسليم إده، و12 صوتاً أخرى، حملت 10 منها إسم “لبنان”، وأخرى إسم مهسا أميني، الشابة التي أدت وفاتها في طهران إلى موجة احتجاجات عارمة ضد النظام الإيراني المتشدد، والأخيرة عبارة “نهج رشيد كرامي”، رئيس الوزراء اللبناني الراحل.
وانطلقت الجلسة في الساعة الـ 11 قبل الظهر بالتوقيت المحلي، بعد توافر النصاب بحضور 122 نائباً من أصل 128، وغياب ستة نواب، هم سليم الصايغ وستريدا جعجع وفؤاد مخزومي ونعمت افرام بداعي السفر، وهم كانوا ليصوتوا لمعوّض لو حضروا، وابرهيم منيمنة لإصابته بفيروس كورونا، ونجاة صليبا.
ويتطلب فوز أي مرشح ما لا يقل عن 86 صوتاً في جولة التصويت الأولى، و65 صوتاً في الجولة الثانية.
انقسام الموالاة والمعارضة
وسجلت انقسامات عميقة بين أعضاء مجلس النواب في صفوف المعارضة كما في صفوف الموالاة.
الفريق الموالي لـ “حزب الله” والذي يضم بشكل أساس “حركة أمل” و”التيار الوطني الحر” بزعامة النائب جبران باسيل، و”حزب الطاشناق” وعدداً من المستقلين، عجز عن الاتفاق على مرشح واحد حتى اللحظة، فاختار الاقتراع بورقة بيضاء، لتفادي إظهار سليمان فرنجية بموقع الضعيف، وهو المرشح الأبرز في صفوف هذا الفريق لكنه لا يحظى بتأييد “العونيين”.
كذلك فشلت قوى المعارضة في توحيد صفوفها خلف مرشح واحد. وفيما نال معوض أصوات كل من حزب “القوات اللبنانية” و”الكتائب” وعدد من المستقلين، اختارت كتلة “النواب التغييريين” التي تضم 13 نائباً، التصويت لمصلحة سليم إده، نجل السياسي اللبناني الراحل ميشال إده.
وحتى مساء الأربعاء، كان من المتوقع أن يصوّت “التغييريون” للنائب السابق صلاح حنين، لكن بحسب معلومات “اندبندنت عربية”، وبعد جلسة مسائية شهدت انقساماً داخل التكتل الذي اعتبر بعض نوابه أن حنين يعد من اصطفاف فريق “14 آذار”، اختارت الكتلة التصويت لإده باعتباره شخصية من خارج الاصطفاف التقليدي للأحزاب اللبنانية.
وجاء اختيار إده على الرغم من رفضه خوض السباق الرئاسي، إذ أكدت مصادر “اندبدنت عربية” أن الأخير طلب من “النواب التغييريين” عدم تسميته، لكن التكتل أصرّ على التسمية للحفاظ على وحدته وتفادي الظهور بصورة الفريق المنقسم.
الأوراق الأخرى
وفيما لم يعرف بعد من النائب الذي وضع إسم مهسا أميني، علمت “اندنبدنت عربية” أن كلاً من النائب الماروني عن جزين شربل مسعد والنائبين السنيين عن صيدا أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، اقترعوا بأوراق بيضاء، علماً أن هؤلاء يعتبرون من النواب الموالين للفريق “السيادي”، أي من معارضي فريق “الممانعة” بقيادة “حزب الله”.
أما الأوراق الـ 10 التي حملت إسم “لبنان”، فوضعتها مجموعة من النواب السنة الذين من المتوقع أن يسيروا إلى جانب الأحزاب “السيادية” في السباق الرئاسي. كما عُلم أن النائب كريم كبارة هو الذي اقترع بورقة “نهج رشيد كرامي”.
تطيير النصاب وانتظار التوافق
وفي سيناريو بدا وكأنه معد مسبقاً، بدأ نواب من “حزب الله” و”الطاشناق” و”حركة أمل” الانسحاب بهدوء من المجلس بعد انتهاء جولة التصويت الأولى، حتى أفقدوا الجلسة نصابها، إذ بقي 85 نائباً فقط داخل المجلس فيما يتطلب التصويت حضور 86 نائباً.
وبسرعة، أعلن بري اختتام الجلسة من دون أي مساع لإدخال نائب واحد يوفّر النصاب ويتيح إطلاق جولة تصويت ثانية.
وبعد رفع الجلسة، قال بري رداً على سؤال عن موعد الجلسة التالية لانتخاب رئيس، “عندما يتم التوافق على رئيس سأدعو إلى جلسة مقبلة لمجلس النواب”.
معوض: خياري السيادة والإصلاح
وفي تصريح عقب انتهاء الجلسة، أكد معوض أن خياره هو “السيادة والدولة والإصلاح والمصالحة والوفاق بين اللبنانيين من دون استقواء”، مضيفاً “لا يمكن أن يبنى التوافق على السلاح أو فرض أيديولوجيات، ولا يمكن أن يبنى إلا تحت سقف الدولة اللبنانية، وخياري هو إعادة ربط لبنان بالشرعية العربية والدولية”.
وتثير الانقسامات في البرلمان مخاوف من فراغ طويل في سدة الرئاسة، علماً أن ولاية عون (88 عاماً) والتي امتدت على ست سنوات، تنتهي في الـ 31 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وبموجب النظام السياسي المعمول به في لبنان والقائم على التوزيع الطائفي، ينبغي أن يكون الرئيس مسيحياً مارونياً.
ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهياراً اقتصادياً صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم، خسرت معه العملة المحلية نحو 95 في المئة من قيمتها، ويرافق الأزمة شلل سياسي يحول دون اتخاذ تدابير تحد من التدهور وتحسن نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من 80 في المئة منهم تحت خط الفقر.
المصدر: اندبندنت عربية