كشفت مصادر سورية معارضة ل”المدن”، أن التعهدات التي قدمها شركاء تركيا في “مسار أستانة” من أجل ثني أنقرة عن شن عملية عسكرية جديدة ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال سوريا، تشمل تزويدها بالمعلومات التي تسهل استهداف قادة من حزب العمال الكردستاني الذين يتواجدون في شمال وشمال شرق سوريا، وهو الأمر الذي سبق وأن تعهد به شركاؤها الغربيون في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
هجمات تركية
وكان لافتاً تصعيد القوات التركية من هجماتها الجوية في مناطق سيطرة “قسد” خلال الأيام الماضية، وآخرها عملية أدت إلى مقتل ثلاث قياديات في حزب العمال المصنف على لوائح الإرهاب السبت، نتيجة غارة بطائرة مسيّرة قرب القامشلي.
وأقرت “قسد” بمقتل قائدة وحدات مكافحة الإرهاب سلوى يوسف، المعروفة بالاسم الحركي جيان تولهلدان، والقيادية العسكرية جوانا حسو، المعروفة بالاسم الحركي روج خابور، والمقاتلة في وحدات مكافحة الإرهاب رُها بشار، المعروفة بالاسم الحركي بارين بوطان.
وبالتزامن مع ذلك، قالت مصادر إعلامية محلية وشهود عيان إن قوات قسد بدأت بتنفيذ عملية إعادة تموضع وانتشار في مواقع مختلفة، وخاصة في شرق الفرات، تشمل إخلاء بعض المواقع والحواجز، بالإضافة إلى إقامة تحصينات.
ونشرت شبكات محلية منها “فرات بوست” أن قسد أخلت خلال الساعات ال48 الماضية مقراتها في كل من بلدتي الرغيب والحوايج بريف دير الزور الشرقي، إضافة لسحب الحواجز العسكرية منها. وأضافت الشبكة أن حاجز الشلوف المعروف باسم (حاجز المؤسسة) تمت إزالته واستبدل بحاجز جديد في مدخل البلدة من جهة مدينة الشحيل.
ولا يستبعد الباحث في مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي مثل هذه التفاهمات، لكنه يعتقد بأن روسيا وإيران تفضلان أن تكون بالشراكة مع قوات النظام السوري.
ويقول في تصريح ل”المدن”، إن “النظام وطهران أبديا انفتاحهما، من خلال تصريحات سابقة لوزيري خارجيتهما، على إعادة تفعيل اتفاقية أضنة الموقعة بين دمشق وأنقرة، والتي تسمح للجيش التركي بالتوغل داخل الأراضي السورية لملاحقة كوادر حزب العمال، لكن بالتعاون مع جيش النظام، وبالتالي لا يمكن توقع أن روسيا وإيران يمكن أن يقدما لتركيا أكثر من ذلك، أو ما يجعلها قادرة على صنع فارق كبير يعزز نفوذها على الأراضي السورية”.
رد قسد
لكن اللافت أنه وبعد الإعلان عن مقتل القياديات الكرديات الثلاث نتيجة الغارة التركية، ردت قسد باستهداف مخيم للنازحين على أطراف مدينة عفرين بريف حلب الشمالي الأحد، ما أدى لوقوع إصابات بين السكان.
وأثار هذا القصف التساؤلات حول موقف كل من روسيا وإيران، والولايات المتحدة أيضاً، تجاه هذا النوع من الرد الذي تلجأ إليه قسد، خاصة مع حديث مصادر “المدن”، عن أن التعهدات التي قدمتها هذه الدول لتركيا، تشمل عدم تمكين القوات الكردية من الرد على مناطق مدنية، سواء داخل تركيا أو في مناطق نفوذها على الأراضي السورية.
ويؤكد عاصي أن قسد تستفيد من هامش المناورة الذي يوفره لها تعدد الحلفاء، وثقتها بأنهم جميعاً يحتاجون إليها على الأقل في الوقت الحالي، وبالتالي “حتى مع وجود هذه التفاهمات والتعهدات فإنها تبادر إلى تجاوزها وهي مطمئنة نوعاً ما”.
ويشير عاصي إلى اتفاقات سابقة وقعها الأتراك مع الأميركيين والروس، تنص على إبعاد التنظيمات الراديكالية الكردية في سوريا عن حدودها الجنوبية لمسافة 30 كيلومتراً، لكنها مع ذلك بقيت دون تنفيذ بسبب عدم وجود إرادة من موسكو وواشنطن بتنفيذهما لأسباب مختلفة، بينها أن روسيا تربط ذلك بالانتهاء من معالجة ملف إدلب، وكذلك بالمساحة التي يحق لتركيا التواجد فيها عسكرياً داخل سوريا، ناهيك عن ملف الطرق التجارية الدولية إم-4 وإم-5 التي تضغط موسكو لإعادة تشغيلها، إلى جانب فتح المعابر مع مناطق سيطرة النظام.
لطالما واجهت التفاهمات والاتفاقات بين الدول المتدخلة في عقباالقضية السوريةت كثيرة أدت إلى فشل تطبيقها، أو عدم تطبيقها بشكل كامل، نتيجة تباين المصالح بين هذه الدول والخلافات التي تحكم تدخلها في سوريا، وهو ما يجعل حتى التفاهمات التي تم التوصل إليها في قمة طهران، التي جرت في 19 تموز/يوليو، عرضة لمواجهة المصير نفسه.
المصدر: المدن