اللجنة الدستورية: الطريق مسبق النتيجة

د. زكريا ملاحفجي

منذ خسارة قوى الثورة والمعارضة لحلب التي أحرقها النظام بالبراميل وفشل ثلاث مشاريع قرارات في مجلس الأمن في كانون الأول/ديسمبر 2016 من تحقيق وقف العدوان الروسي وحرق المدن، جاء بعدها مطلع 2017 وإيقاف الدعم الدولي العسكري عن المعارضة إلى حالة من الهدن والنقاشات التفاوضية بجزئيات تفصيلية، معروفة النتائج والحال مسبقاً حيث ستؤول إليه، فمالم تنله قوى المعارضة بالتفاوض أثناء سيطرة المعارضة على ثلثي سورية وفي ظل الدعم العسكري، لن تناله بعد خسائر المدن السورية، ثم دخلنا بعدها حالة الهدن المحلية والنقاشات السياسية، وفي خطاب بشار الأسد الأخير قال إن وفد اللجنة الدستورية المرسل من طرفه لا يمثل الحكومة السورية.!

أما المجتمع الدولي الذي عجز عن إيقاف الغطرسة الروسية كما عجز عن وقف تهجير أبناء القرى والمدن، هل هو قادر على فرض تطبيق القرارات الدولية؟

إنها قرارات بلا أدوات تطبيق حقيقة، وهذا السجل مع الأسد جعل السوريون غير مهتمين بنقاش دستوري غير ملزم النتائج والتوقيت.

فكانت ثماني جولات دستورية والآن اقتربنا من الجولة التاسعة، فتلتقي فيه الوفود وتتخاصم، مع وفد النظام المعروف دوماً بتقديس الجيش واتهام الآخرين بصنوف أنواع الاتهام.

وأهم عقدة في الموضوع السوري، هي عقدة الأمن والجيش، فهو من حمى وشرعن الاستبداد والديكتاتورية طيلة نصف قرن من عمر سورية، وأصبحت الانتخابات أو الدستور هو حالة شكلية معروفة النتائج، ومجلس الشعب الذي يُقر ولا يقرر لأن أعضاءه أصلاً تصدر بتسميتهم ورقة من (قصر الشعب) في دمشق، وأمام حالة من تغول الأسرة الحاكمة بأدوات الأمن والجيش فقدت المؤسسات التشريعية والقضائية أي سلطة حقيقة في سورية.

ربما الحسنة الوحيدة للنقاش الدستوري كما ذكرت اللجنة الدستورية هو أن للمعارضة الثلث كما للنظام الثلث أي أنك تتساوى مع النظام وثلث للمجتمع المدني، وأن جنيف هي منصة دولية تُسمع فيها صوتك للعالم وتلتقي مع أطراف كثيرة، لكن عملياً بشار الأسد لم يعترف حتى بوفده الذي أرسله، ولم يحقق المسار الدستوري أو سلة الدستور أي خطوات كما هو متوقع، وما زلنا في حالة استعصاء سياسي عسكري تفاوضي بلا أفق واضح والجولات الدستورية هي جولة نقاشات دون جدوى تُرجى.

وأعتقد لن يطول الزمن وتطول الجولات حتى نتحول لشيء آخر غير السلة الدستورية حيث تم التلويح بموضوع الخطوة بخطوة.

 فمالم تتوفر القدرة المحلية والجدية الدولية والظرف الدولي لتطبيق القرارات الدولية وتحقيق تغيير سياسي حقيقي، سنبقى بدائرة الاستعصاء واللاجدوى.

 

المصدر: اشراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى