وجّه يحيى الحجار، القائد العام لحركة «رجال الكرامة» في السويداء (جنوب سوريا)، رسالة إلى النظام السوري خلال اجتماع قبل يومين جمع كيانات عدة من السويداء، بينهم أعضاء من مجلس الشعب (البرلمان) وشيوخ من الطائفة الدرزية وشخصيات دينية وسياسية واجتماعية ووجهاء محليون في السويداء، طالب فيها بـ«إيصال صوت وحق الناس إلى المعنيين». وقال، إن «حق السويداء مهدور عند الدولة السورية». وذكر، أن «أهالي السويداء دائماً أهل نخوة وكرامة وأن الدولة مقصرة بحق السويداء وأهلها، لكن الكيل فاض والتحمّل بات صعباً، بعد أن ساءت أحوال الناس في السويداء وعموم سوريا وباتت تعاني من الجوع والعازة وفقدان الأمن والأمان؛ وهذا جله يعود على عاتق الدولة ومسؤوليتها».
وأكد، أنهم ما زالوا يدعون إلى «الصبر والتهدئة»، لكنهم غير راضين عن الأوضاع الراهنة، ولن يبقوا «مكتوفي الأيدي، وأن المنطقة مقبلة على تغير»، وأنهم «قادرون على التغيير والتصحيح إذا تطلب الأمر».
وتعتبر حركة «رجال الكرامة» أكبر وأبرز الفصائل المحلية المسلحة في محافظة السويداء، تأسست عام 2013 على يد الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس، وأعلنت أهدافها بشكل وواضح وعلني، وهي «حماية السويداء وأبنائها من جميع التهديدات والمخاطر ومن جميع الأطراف، وردع الفساد والفاسدين». وكان السبب الرئيسي لتأسيس الحركة هو معارضة تجنيد أبناء السويداء في الجيش السوري بعد اندلاع الحرب السورية من مبدأ قاله مؤسس الحركة وحيد البلعوس «دم السوري على السوري حرام». ولاقت مبادئ الحركة وأهدافها تأييد المجتمع المحلي، خاصة الشباب، مع استمرار الأحداث السورية. أبرز محطات «رجال الكرامة» كانت أولى التجارب العسكرية التي شاركت فيها حركة «رجال الكرامة» معركة دير داما شمال غربي السويداء، ضد تنظيم «جبهة النصرة»، ونجحت فيها الحركة في طرد عناصر «النصرة» من البلدة. وسقط خلال هذه المعركة 12 قتيلاً، بينهم 7 من رجال الكرامة. وكانت هذه المعركة بالنسبة للحركة مفصلية كونها شعرت بالخطر الحقيقي على السويداء؛ ما دفعها إلى ترتيب صفوفها، وشهدت إقبالاً من متطوعين محليين من أبناء المحافظة ساهم في بداية زيادة أعداد قواتها، بعد عدم المشاركة المباشرة من قوات النظام في المعركة، واتهامها بالتقاعس في تلك المرحلة عن مساعدة السويداء من هجوم التنظيم الإرهابي.
وفي سبتمبر (أيلول) 2015، اغتيل مؤسس «رجال الكرامة» الشيخ وحيد البلعوس في تفجير لموكبه، وتوجّهت أصابع الاتهام إلى الأجهزة الأمنية في السويداء بعملية اغتياله. وتصاعدت بعدها وتيرة المعارضة لرغبات قوات النظام والأجهزة الأمنية في السويداء. كما أنها تمكنت من صد أكبر هجوم لتنظيم «داعش» الإرهابي على السويداء في تموز 2018، وطردت التنظيم من القرى والبلدات التي دخلها بريف السويداء الشرقي وارتكب فيها مجازر بحق المدنيين راح ضحيتها ما يزيد على 250 ضحية، بينهم نساء وأطفال، حينها تعالت الأصوات في السويداء باتهام قوات النظام بتسهيل هجوم «داعش» على السويداء بعد نقل عناصر التنظيم الإرهابي من مناطق جنوب دمشق إلى بادية السويداء. وفي مناسبات عدة وقفت الحركة ضد قوات النظام السوري، حيث يعتبر أبناء السويداء أن وجود الحركة وتعاملها المرن مع كل الأطراف أبعد عمليات التجنيد الإلزامي وحملات المداهمة والاعتقال التعسفية التي كانت تحدث في مناطق سورية أخرى. كما أنها تتدخل بشكل مباشر عند وقوع أي حادثة فيها مظلومية لأبناء السويداء، وساهمت في حل العديد من المسائل والقضايا دون تصعيد عسكري مع قوات النظام السوري.
وتوسع نشاط الحركة في المحافظة وتعددت تشكيلاتها العسكرية وباتت تنتشر في معظم مناطق السويداء. ويعد قوامها اليوم 1500 – 2000 عنصر من أبناء السويداء، ينضوون تحت 25 – 30 بيرقاً (البيرق هو عبارة عن رايات تاريخية حملها أبناء السويداء منذ معاركهم ضد الاستعمار العثماني والفرنسي، وكل منطقة لها البيرق الخاص بها وبمجموعتها). ومنذ تأسيس الحركة كانت ذاتية التسليح ولم تتبع لأي جهة موالية للنظام السوري أو المعارضة، ولم تقف حركة رجال الكرامة ضد خيارات أبناء السويداء، وخاصة النابعة من رغبتهم المطلقة، سواء الذين التحقوا بالجيش السوري أو القوى الأمنية، أو الرافضين للذهاب للخدمة العسكرية، أو المعارضة، أو طروحات التسوية السابقة في المحافظة، فالحركة ترفض الفرز على أساس الرأي السياسي كما ترفضه على الأساس الطائفي؛ لذا كانت الحركة نُصرة للمظلومين سواء كانوا معارضة أو موالاة، وفق تصريح سابق للمكتب الإعلامي للحركة لـ«الشرق الأوسط»، كما أنها قبلت التهدئة والتفاوض مع جميع الأطراف السورية، باستثناء الجماعات الإرهابية مثل «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش».
المصدر: الشرق الأوسط
