تسير الأغنام في مسار واحد لا تحيد عنه، شعارها: (الشاردة لها الذئب)، تحذر الشاةُ صاحبتها بقولها: “إنما يأكل الذئب القاصية”، هذا ما عليه أغلب المجتمعات، الإصطفاف للتحيز التأكيدي، فالمؤمن لا يسمح لأذنيه إلا (أذكار الصباح، وآيات القرآن، وخطبة الجمعة)، بينما كان النبي يستمع ويشاور أصحابه، بل كان يستمع لمناوئيه، ولولا ذاك لما نزل قوله تعالى: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ)، فالصبر لا يأتي إلا بعد الاستماع للخصم، فهل لدينا مقدرة الصبر على الاستماع للآخر؟، لماذا لا ننزع القطن ونستمع للمخالف؟، قلبت صفحات الإنترنت وانتخبت الاستماع لمن يخالفني في التفكير، فاكتشفت كيف يفكر الآخر؟، علمت وجهة نظر الغير، واكتشفت بعض الأخطاء التي يسير عليها من يقبل ثقافة القطيع!!
لماذا نتهاتر بطريقة الاتجاه المعاكس؟، الذي لا يسمع الواحد فيه لأخيه، هل غفل المتحاور أن نصف الانتصار في الاستماع؟، فلنستمع للمختلف لنصل إلى (كلمة سواء)، التحيز للقطيع هو شغلنا الشاغل، لون واحد وفقط، رغم مكانة النبي إلا أنه كان كثير الاستماع، حتى انتقده البعض واصفًا أياه بـ (الأذن)، كناية عن الاستماع، فرد القرآن بقوله: (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْر)، فالمرء له أذنان ولسان واحد، ومع ذلك نتكلم ضعف ما نسمع، أليس العكس هو الصحيح؟، لا ندعو فقط للسماع بل للاستماع لنغمات خارج السرب.
أغلب المجتمعات لسان حالها: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ)، ماذا لو كانت المسيرة خاطئة؟، ينقلب إليك الجوابُ خاسئًا وهو حسير: “مستحيل أن تخطأ البوصلة”، نقول: استمع للمخالف لك، لتكتشف ما لم تكن قد اكتشفته من قبل، للأسف لا نملك سوى منهج إبليس ذو الأنا المتعملقة الذي يقول: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ)، كثير منا لا يبدأ عزفَ سيمفونيته إلا بنغمة: (أنا، أنا، أنا)، الأنانية والإستعلاء، ذات المنهج الفرعوني: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)، لا يأخذ من الشافعي إلا نصف الكوب: (رأيي صواب)، وإذا ازدادَ تحيزهُ لقطيعهِ سيصر: (وصوابي لا يحتمل الخطأ)، رمانا المتنبي بدائه (أنا الذي) ثم انسل، فيا ترى هل سنتوارى عن القطيع؟، أم نتشبث بقول: “أنا ومن بعدي الطوفان”!!