رغم إعلان تحالف “الإطار التنسيقي” في العراق ما يصفه بانتهاء حالة الانسداد السياسي في البلاد، إثر قرار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر الخروج من العملية السياسية، واستقالة نواب كتلته المتصدرة في الانتخابات من البرلمان، إلا أنه لغاية الآن لم تخض قوى التحالف، المدعوم من إيران، أي مفاوضات رسمية مع الكتل والأحزاب السياسية العربية السنّية والكردية، أو النواب المستقلين والكتل المدنية، لتشكيل الحكومة الجديدة.
وبات فعلياً الآن تحالف “الإطار التنسيقي” هو الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب، بعد حصوله على غالبية مقاعد نواب الكتلة الصدرية، ما يجعله الفاعل الأساسي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، إلى جانب تمرير أي قرار أو مشروع قانون يريده.
وخلال اليومين الماضيين، تحدث أعضاء في “الإطار” عن عزمهم على تعديل قانون الانتخابات الحالي، وإعادته إلى نظام الدائرة الواحدة في كل محافظة، وليس الدوائر المتعددة.
لا لقاءات بين “التنسيقي” وباقي الكتل السياسية
وحول آخر تطورات المشهد السياسي، أكدت مصادر برلمانية في العاصمة بغداد، لـ”العربي الجديد”، عدم عقد أي لقاء سياسي رسمي بين قوى “الإطار التنسيقي” وباقي الكتل السياسية حول ملف تشكيل الحكومة، مع استمرار تعثر تقريب وجهات النظر بين الحزبين الكرديين في إقليم كردستان العراق (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) حيال الاتفاق على مرشح رئاسة الجمهورية.
وما زال رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني يصر على ترشيح وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد لمنصب الرئاسة، بينما يصر “الاتحاد الكردستاني”، بزعامة بافل الطالباني، على ولاية ثانية للرئيس الحالي برهم صالح.
وقال نائب بارز في تحالف “الإطار التنسيقي”، لـ”العربي الجديد”، إن التحرك من قبل التحالف “لم يبدأ بعد، لوجود حاجة لإجراء مزيد من التفاهمات بين قادة الكتل المنضوية ضمن الإطار التنسيقي ذاته حول الحكومة بذاتها”.
وأقر بوجود ما وصفه “بتباينات في الرؤية داخل التحالف حيال كيفية إدارة المرحلة المقبلة من المفاوضات، والمخاوف من استفزاز مقتدى الصدر ما قد يؤدي لتحريك الشارع”.
التواصل مع الصدر
وأكد أن بعض الأطراف داخل التحالف اقترحت العمل على “التواصل مع زعيم التيار الصدري، من أجل ضمان عدم وقوفه ضد أي حكومة تتشكل، وضمان عدم المساس بالمسؤولين العاملين في المؤسسات الحكومية الحالية المنتمين للتيار الصدري”
واعتبر النائب في تحالف “الإطار التنسيقي” أن “كل القوى السياسية الشيعية تدرك خطورة بقاء مقتدى الصدر خارج حراك تشكيل الحكومة الجديدة، ولهذا، فإن محاولة إقناع الصدر بالموافقة على بعض شروطه ما زالت مستمرة من بعض الأطراف السياسية من قوى الإطار التنسيقي”.
شروط “السيادة” للدخول في المفاوضات
في المقابل، أكدت مصادر سياسية في تحالف “السيادة”، الممثل السياسي للعرب السنّة في العراق، وجود لائحة طويلة من الشروط التي يطالب التحالف بتنفيذها قبل الدخول في أي مفاوضات رسمية.
وأوضحت أن من أبرز الشروط ملفات الحقوق والانتهاكات في مناطق شمال وغرب البلاد، وأبرزها ملفات النازحين وإعمار المدن والكشف عن مصير المغيبين، وتعويض الأهالي المدمرة منازلهم وملف الاعتقالات والسجون. ويطالب التحالف بضمانات بشأن تنفيذ تلك الشروط، إلى جانب إعادة النظر بالتوازن داخل مؤسسات الدولة، الأمنية والخدمية على حد سواء.
وفي السياق، قال العضو البارز في تحالف “الإطار التنسيقي” النائب أحمد الموسوي، لـ”العربي الجديد”، إن “أي مفاوضات رسمية بين القوى السياسية حول تشكيل الحكومة الجديدة، لم تنطلق حتى هذه اللحظة، لكن هناك أجواء بشأن بدء تلك الحوارات بين كل الكتل، وهناك تواصل بين الأطراف السياسية للبدء بالمفاوضات”.
وأكد أن “الأيام القليلة المقبلة ستشهد انطلاق المفاوضات الرسمية بين القوى السياسية بشأن تشكيل الحكومة، وهذا الأمر ستشارك فيه كل الأطراف من دون تهميش وإقصاء أي طرف سياسي، بما في ذلك النواب والجهات المستقلة”.
وبيّن الموسوي أن “تشكيل الحكومة الجديدة، وفقاً للمعطيات الحالية، من المتوقع أن تبدأ خطواته بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى (منتصف يوليو/تموز المقبل)، وبعد مباشرة مجلس النواب العراقي فصله التشريعي الجديد، والوقت المتبقي كافٍ لحصول توافق على تشكيل حكومة تجمع كل الأطراف السياسية”.
شروط “الديمقراطي الكردستاني” بشأن الحكومة
من جهته، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، لـ”العربي الجديد”، إن حزبه أبلغ قوى “الإطار التنسيقي”، شروطه بشأن تشكيل الحكومة، وهي “الشراكة الحقيقية والتوازن الحقيقي مقابل المضي بهذه العملية”، وفقاً لتعبيره.
وبيّن عبد الكريم أن “انعقاد جلسة البرلمان الاستثنائية يوم الخميس الماضي، كانت بعد الموافقة على شروطنا من قبل قوى الإطار التنسيقي. لكن حتى هذه اللحظة لم تنطلق المفاوضات الرسمية بين القوى السياسية بشأن تشكيل الحكومة، والأيام القليلة المقبلة قد تشهد هذا الحراك بشكل رسمي، وستكون هناك زيارات متبادلة بين كل الأطراف”.
وأضاف: “إننا سوف نعمل، من خلال الحوارات والمفاوضات وتشكيل الحكومة الجديدة، على المطالبة بحقوق إقليم كردستان، والعمل على إنهاء الخلافات والملفات العالقة بين القوى السياسية وتطبيق الدستور لحسم أي خلاف بين بغداد وأربيل”.
وعن هذا الوضع، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن “تأخير القوى السياسية للحوارات والمفاوضات الرسمية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، يدل على أن هذه القوى تدرك جيداً صعوبة تحقيق أي نجاح بهذا الأمر مع انسحاب زعيم التيار الصدري من هذه الحوارات والمفاوضات”.
صعوبة تشكيل الحكومة من دون موافقة الصدر
وبيّن الشريفي أن “كل المعطيات تؤكد صعوبة مضي الأطراف السياسية بعملية تشكيل الحكومة الجديدة من دون وجود موافقة من الصدر على شكل الحكومة ورئيسها، وحتى وزرائها، ولهذا فإن الكتل توقفت عن هذا الأمر بعد عملية أداء النواب البدلاء عن الصدريين اليمين الدستورية”.
وأضاف أن “لجوء القوى السياسية إلى قضية حل مجلس النواب والذهاب نحو انتخابات مبكرة ما زال أمراً وارداً جداً، وقادة الإطار التنسيقي بدأوا يلمّحون إلى ذلك، بعد إدراك صعوبة المضي بتشكيل الحكومة الجديدة من دون الصدر. ولهذا لا مفاوضات رسمية بخصوص تشكيل الحكومة إلى حين إيجاد حلول تُقنع الصدر بدعم الحكومة الجديدة، أو ربما حصول اتفاق نحو الانتخابات المبكرة”.
المصدر: العربي الجديد