أثار كاريكاتور نشرته الصحيفة الألمانية زود دويتشه تسايتونغ، الأربعاء الماضي، يصور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنف معقوف، وهو الصورة النمطية المنتشرة عن اليهود، سجالاً وانتقادات ونقاشات حول حرية التعبير وما اعتبره البعض معاداة للسامية.
كاريكاتور زيلينسكي، وهو يهودي، الذي نشرته “زود دويتشه تسايتونغ”، اعتبر كثيرون أنه يظهره يهودياً قوياً وقبيح الأنف يخاطب منتدى دافوس الاقتصادي، ما فتح السجال مجدداً حول “معاداة السامية” في بعض الصحف الألمانية. انتقادات عدة انهالت على الكاريكاتور، وتناسى مطلقوها شراستهم في الدفاع عن حرية التعبير حين نشرت صحف ومجلات غربية رسوماً مسيئة لنبي الإسلام محمد.
تأكيد الصحيفة الألمانية أنها لم تقصد سوءاً بما نشرته لم يتقبله منتقدوها، وسط حالة تأييد غير مسبوقة لزيلينسكي، وانتقاد خافت لـ”عجرفة واستعلائية مخاطبة الغرب”، كما همست بعض الصحف الأوروبية الشمالية، في ذروة مخاطبة الرجل برلمانات واجتماعات عالمية، وذلك لم يحمِها من مزيد من الهجوم والاتهامات بمعادة السامية.
رئيس تحرير كبرى الصحف الألمانية بيلد، بول رونزهايمر، أعاد نشر الكاريكاتور الذي وصفه بـ”البشع” وبأنه يعبر عن “بروباغندا (دعاية) روسية”، وعن “حزب النازية الجديدة في ألمانيا”.
وأضاف رونزهايمر أن الرسم لم يكن مصادفة، فزيلينسكي يهودي وجرى “عرضه بطريقة معادية للسامية، مطابقة لما جرى في القرن الماضي، باعتبار اليهود هم الأثرياء والمتحكمين والدافعين العالم نحو الحروب”.
ومن جهته، انتهز مدير مركز ترانس أتلانتيك للأبحاث والكاتب المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، دانيال شاومنثال، الفرصة ليصوب على الصحف الألمانية، وتحديداً “زود دويتشه تسايتونغ”، باعتبارها تعتمد نفس نهج صحيفة دير شتورمر (الصحيفة الرسمية للحزب النازي الألماني لأكثر من عشرين سنة) في رسومها الكاريكاتورية حين يتعلق الأمر باليهود.
خلط شاومنثال عن قصد بين انتقاد الصحافة لدولة الاحتلال وفكرة رفع كرت معاداة السامية بوجه منتقديها.
ونوه في هذا الاتجاه بأنه “حين تنظر صحيفة زود دويتشه تسايتونغ إلى شخصية يهودية بارزة أو تفكر بالدولة اليهودية، فإنها يجب أن تصوره في كاريكاتور كما فعلت دير ستورمر، بأنوف كبيرة أو كوحوش تتحكم بالعالم وتهدد السلام”.
عادة تُصنف “زود دويتشه تسايتونغ” أنها أقرب إلى اليسار ويسار الوسط. إلا أنها لم تسلم من انتقادات الوسط ذاته بسبب الكاريكاتور.
السجال حول الصحافة لم يتوقف عند ذلك الحد، بل أخذ منحى اعتبر أن الصحيفة الألمانية تعكس مواقف الحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني الحاكم مع اليسار، بزعامة المستشار أولاف شولتز. إذ طرأت سجالات كثيرة حول مواقف شولتز من الحرب في أوكرانيا، واتُهمت برلين بالتردد والخوف من روسيا في عدم إعلانها عن دعم كييف بالكامل، وأن الرسم “محاولة لشيطنة زيلينسكي”، وهو ما حاولت الذهاب إليه الأمينة العامة للجالية اليهودية في ألمانيا ميكايلا إنغلماير.
ويحاول مؤيدو دولة الاحتلال الإسرائيلي استعادة شريط سنوات ماضية من الرسوم الكاريكاتورية، للدلالة على وجود “معاداة سامية من اليسار”.
المصدر: العربي الجديد