شكل الانسداد السياسي الذي يعاني العراق منه منذ إجراء الانتخابات المبكرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حجر عثرة في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة والمطلوبة لتجاوز التراكمات التي خلفها الجمود السياسي لا سيما بعد تعطيل إقرار قانون موازنة العراق لسنة 2022.
وأكد باحثون اقتصاديون أن “الأزمة السياسية في العراق وتأخير تشكيل الحكومة وعدم إقرار الموازنة، ليست جديدة، لكن الوضع العالمي هذه المرة هو المختلف، خصوصاً الحرب الروسية – الأوكرانية التي ألقت بظلالها على العالم أجمع وتسببت بنقص مخزون القمح العالمي ما يهدد بمجاعة عالمية، وأيضاً العراق”.
حجر عثرة
واعتبر الباحث الاقتصادي بسام رعد أن “المعضلة الاقتصادية للعراق هي بالحقيقة معضلة سياسية، فالاقتصاد العراقي مخرّب نتيجة تراكم الأحداث والحروب والصراعات ما أدى إلى اختلال هيكل الإنتاج، وبات ضعف الإنتاج بقطاعات الصناعة والزراعة والخدمات واضحاً وملموساً”، مضيفاً، “يشكل الانسداد السياسي الحالي حجر عثرة أمام استغلال الإيرادات المرتفعة المتأتية من ارتفاع أسعار النفط عالمياً في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة لتجاوز التراكمات السابقة بالإضافة إلى إسهامه في تعطيل مشروع قانون الموازنة العامة، الذي يعتبر الوثيقة الأساسية لمالية الدولة، إذ يعكس الوجه الاقتصادي والمالي والسياسي وخطة الحكومة لسنة مالية، وبالتالي أثّر هذا التعطيل على انسيابية عمل الإدارات الحكومية في تنفيذ برامجها وخططها”.
كما سيودي هذا الانسداد السياسي إلى التأثير سلبياً على مستوى الأداء الاقتصادي لما يترتب عليه من تأثير في مناخ الاستثمار والحدّ من تدفقات الاستثمارات وعزوف الشركات المحلية والعالمية عن ضخ رؤوس الأموال والاستثمار في بيئة غير مستقرة سياسياً واقتصادياً، بحسب الباحث الاقتصادي الذي أشار، أيضاً، إلى أنه “كلما كان المجتمع يتمتع بمستوى مرتفع من الاستقرار السياسي، فإن ذلك يسهم في توفير البيئة الملاءمة لنشاط الأعمال، ومن ثم، زيادة معدلات الاستثمار، وبالتالي ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي”.
تأثيرات كبيرة على حياة الناس
في المقابل، رأى الباحث الاقتصادي صالح لفتة أن الانسداد السياسي له تأثيرات كبيرة على حياة الناس خصوصاً في الجانب الاقتصادي إذ يعتمد معظم الاقتصاد العراقي على الدعم الحكومي الذي بدوره يكون عاجزاً عن إقرار الموازنة العامة للدولة التي يخصص جزء منها للوظائف في القطاع الحكومي، لتقليل البطالة الكبيرة من أصحاب الشهادات الدراسية، وكذلك إطلاق المشاريع التي تخلق فرص عمل جديدة، ما يتسبب بركود اقتصادي عام، ونوه إلى أن “الأزمة السياسية في العراق وتأخير تشكيل الحكومة وعدم إقرار الموازنة، ليست جديدة، لكن الوضع العالمي هذه المرة هو المختلف، خصوصاً الحرب الروسية – الأوكرانية التي ألقت بظلالها على العالم أجمع، وتسببت بنقص مخزون القمح العالمي، ما يهدد بمجاعة عالمية العراق ليس بمنأى عنها، إذ يستورد معظم احتياجاته المحلية من القمح، وسيصطدم بعدم وجود مورّدين أو أن الأسعار مرتفعة، وبالتالي تنعكس محلياً على المواطن خصوصاً الطبقات الفقيرة”.
أزمة غذاء
في السياق نفسه، أكد الخبير الاقتصادي علاء الفهد أن العالم مقبل على أزمة غذاء بسبب التغير المناخي من جانب والحرب الروسية ـ الأوكرانية من جانب آخر، ما أدى إلى تسابق الدول على تخزين المواد الغذائية والاتجاه إلى تقليل قيمة صادراتها منها مع رفع حجم الاستيراد لإيجاد خزين استراتيجي لها، وقال الفهد في تصريح صحافي إن “تأثير الأزمة السياسية في العراق على حساب الاقتصاد الوطني، سيكون مدمّراً وكبيراً، وسوف يؤدي إلى إيجاد أزمة غذاء مع ارتفاع نسب التضخم والبطالة والفقر في حال عدم التحرك السريع والجاد في الملف الاقتصادي وإبعاده عن التأثيرات السياسية”، وأضاف أن “قانون الأمن الغذائي والأمور الاخرى التي تخصّ الاقتصاد يجب أن تبعد عن الخلافات السياسية والرجوع بها إلى الخبراء الاقتصاديين الذين قدموا العديد من المبادرات، وقد أكدوا استعدادهم تقديم المشورة إلى الحكومة ومجلس النواب، وبما يصبّ في صالح الشعب العراقي للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تهدد البلاد”.
المصدر: اندبندنت عربية