اعتقلت الشرطة العسكرية التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” في منطقة درع الفرات الناشط السوري المعارض محمود الدمشقي على خلفية اتهام وجهه إلى “جيش الإسلام”، أحد مكونات الفيلق الثالث، بالتستّر على عنصرين متهمين بالمشاركة في ارتكاب مجزرة التضامن التي تكشفت فصولها بعد تسريب شريط فيديو يوثقها نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية قبل نحو أسبوعين.
وذكرت مصادر إعلامية سورية معارضة أن إدارة الشرطة العسكرية التابعة للجبهة الشامية، التي تقود الفيلق الثالث وتهيمن على قيادة الجيش الوطني السوري المعارض، قامت بنصب كمين للناشط محمود الدمشقي أسفر عن اعتقاله بعدما جرى إيهامه أن المطلوب هو سماع شهادته حول الاتهام الذي وجهه إلى جيش الإسلام.
وأكدت المصادر أنه جرى تسليم الناشط الدمشقي إلى غرفة عمليات “عزم” التي تعتبر “الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام” من أبرز مكوناتها، حيث تم إجبار الناشط على الكشف عن بيانات حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أعقاب ذلك تم نشر بوست على صفحته في موقع “فايسبوك” يبرئ “جيش الإسلام” من تهمة المشاركة في مجزرة التضامن.
وجاء في البوست أنه “تقوم بعض المواقع الإلكترونية ببث إشاعات كاذبة على أن غرفة “عزم” وإدارة الشرطة العسكرية والجبهة الشامية متورطة بحماية شبيحين لنظام الأسد المجرم، وهذا ما انفيه بشكل قاطع”. وتابع: “أؤكد من خلال متابعتي للقضية التعاون الكبير من الجهات المذكورة للكشف عن ملابسات القضية وحرصهم على سير عملية التحقيق بكل نزاهة ومصداقية”.
وكان الناشط محمود الدمشقي قد كشف عن وجود عنصرين تابعين لـ”الجيش الوطني السوري” متهميْن بالمشاركة بارتكاب مجزرة التضامن، في منطقة درع الفرات تحت حماية شقيقهما الذي يتولى منصباً قيادياً في “جيش الإسلام”. والعنصران اللذان لم يسمهما الدمشقي في منشوره الاتهاميّ هما قاسم ويزن القعدان، وشقيقهما القيادي هو حسام القعدان المعروف بلقب أبو عبدالرحمن نصر. وطلب الناشط في منشوره من الشرطة العسكرية التحقق من صحة كلامه وفتح تحقيق في القضية.
وتبين بالفعل أن قاسم ويزن القعدان موجودان في منطقة عفرين التي يسيطر عليها “الجيش الوطني السوري” بدعم تركي، حيث لم تستطع سلطات الأمر الواقع في تلك المنطقة التكتم على الاتهام الذي وجهه الناشط الدمشقي فاختلقت مسرحية استدعاء العنصرين والتحقيق معهما قبل إخلاء سبيلهما. وقد حرصت قيادة الفيلق الثالث التي يتبع لها شقيق المتهميْن حسام القعدان على التوضيح أن وجود المتهمين في عفرين لا يعني أنهما موجودان تحت حماية أي شخص، في محاولة واضحة لتبرئة ساحة جيش الإسلام من التهمة الموجهة إليه.
وأثارت القضية تفاعلات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت نتيجتها انكشاف أدوار الأشقاء القعدان في عدد من القضايا التي تثبت على الأقل أن قاسم ويزن كانا يعملان تحت إمرة “جيش الإسلام” عبر التواصل مع شقيقهما حسام وينفذان أوامره رغم انتسابهما إلى قوات الجيش السوري. ومن أبرز تلك القضايا حادثة محاولة اغتيال القيادي المعارض أبو اليمان في بلدة غباغب في محافظة درعا، حيث أكدت شهادة الشهود أن يزن القعدان هو من نفذ العملية بواسطة زرع عبوات ناسفة بالتنسيق مع شقيقه قاسم بعد تلقيهما أوامر للقيام بذلك من شقيقهما القيادي في “جيش الإسلام” حسام. وقد تم إلقاء القبض على يزن بعد فشل عملية الاغتيال ولكن سرعان ما أفرج عنه بعد صفقة أجرتها شقيقته كندا مع قيادات المعارضة دفعت بموجبها ما يقارب مليون ليرة سورية في ذلك الحين أي ما يعادل 3 آلاف دولار أميركي.
وفي عام 2014 قام قاسم القعدان بالتوسط لإجراء صفقة تبادل أسرى بين فصيل “أسود السنّة” التابع لـ”جبهة ثوار سوريا” والعامل في مدينة خان الشيخ في غوطة دمشق الغربية، والفرقة الرابعة، وذلك بعدما تمكن فصيل “أسود السنّة” من اعتقال أحمد القعدان شقيق قاسم الذي تبين أنه على علاقة وثيقة مع زهير الأسد قائد أركان الفرقة السابعة في الغوطة الغربية.
والجدير بالذكر، أن هذه الصفقة اعتبرت الأولى من نوعها التي يبادل فيها النظام أحد عناصره من الجنسية السورية بمجموعة من المعتقلين، حيث كانت هناك عدة صفقات تبادل سابقة جرت بينه وبين قوات المعارضة، لكنها كانت دائماً إما بعناصر إيرانية أو من “حزب الله” اللبناني.
وكان “جيش الإسلام” أثناء تواجده في الغوطة الشرقية قبل أن ينتقل إلى الشمال السوري إثر التسوية التي أجريت في المنطقة، يتفاخر على الدوام بقدرته على اختراق أجهزة النظام الأمنية، ومن أبرز الأمثلة على مثل هذا التفاخر إصداره بياناً يتبنى فيه عملية تفجير خلية الأزمة أواخر عام 2012 من خلال تجنيد عنصر أمني يعمل في مقر الخلية حيث قام العنصر بزرع متفجرات “السي فور” تحت طاولة اجتماع أعضاء الخلية قبل تفجيرها وهرب العنصر، بحسب البيان الذي صدر عن “جيش الإسلام” في ذلك الحين.
وقد سبق للناشط محمود الدمشقي أن تعرض للاعتقال عام 2020 على خلفية انتقاده ضباط “الجيش الوطني السوري” بسبب وضعهم العلم التركي على ملابسهم عوضاً عن علم الثورة السورية. وقد حكم الدمشقي نتيجة ذلك بالحبس لمدة ثلاثة اشهر.
المصدر: -النهار العربي