تستمر الحرب في أوكرانيا لليوم الـ54، وتشهد تطورات ميدانية، اليوم الاثنين، أبرزها بدء القوات الروسية هجوما جديدا في الشرق الأوكراني، كانت كييف ودول أوروبية تحذر منه في الأيام الماضية، في حين كثفت موسكو من غاراتها غربا.
هجوم روسي جديد في الشرق
وقالت قيادة القوات المسلحة الأوكرانية الاثنين، إنها لاحظت مؤشرات على أن روسيا بدأت هجوما جديدا متوقعا في شرق البلاد.
وأكدت زيادة شدة الهجمات في أجزاء من منطقتي دونيتسك وخاركيف.
وأضافت قيادة القوات المسلحة في منشور على “فيسبوك”، أن القوة العسكرية الرئيسية لروسيا تركز على السيطرة على منطقتي دونيتسك ولوجانسك بالكامل.
غارات جوية غرب أوكرانيا
وأدت ضربات جوية روسية الاثنين، إلى مقتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص في مدينة لفيف في غرب أوكرانيا، بعد أن قصفت موسكو أهدافا في جميع أنحاء هذا البلد، وحشدت قواتها لشن هجوم شامل في شرقه.
وجاءت الضربات الجوية في لفيف بعد ساعات فقط من اتهام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي موسكو بأنها تريد “تدمير” منطقة دونباس الشرقية بالكامل، على الحدود مع روسيا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، إنها قصفت 16 هدفا عسكريا في مواقع مختلفة في أنحاء أوكرانيا.
وقال حاكم منطقة لفيف ماكسيم كوزيتسكي على مواقع التواصل الاجتماعي: “اندلعت حرائق نتيجة الضربات. وما زالت فرق الإطفاء تسعى إلى إخمادها. ولحقت أضرار جسيمة بالمنشآت”.
وفي الجنوب، واصلت روسيا تقدمها للاستيلاء على مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة، حيث كانت آخر القوات الأوكرانية فيها تستعد لمعارك حاسمة.
وتعهدت أوكرانيا بالقتال والدفاع عن هذه المدينة الاستراتيجية، متحدية الإنذار الروسي للمقاتلين داخل مصنع آزوفستال للفولاذ المحاصر بإلقاء أسلحتهم والاستسلام.
تبادل السجناء
وبث التلفزيون الرسمي الروسي الاثنين، شريط فيديو لمن وصفهما بأنّهما “بريطانيان” أُسرا وهما يقاتلان من أجل أوكرانيا، وطالبا رئيس الوزراء بوريس جونسون بالتفاوض لإطلاق سراحهما.
وطالب الرجلان بأن يتم تبادلهما مقابل فيكتور ميدفيدشوك رجل الأعمال الأوكراني المقرّب من الرئيس فلاديمير بوتين الذي اعتقل أخيراً في الدولة الموالية للغرب.
وعلى الإثر، بثت أوكرانيا مقطع فيديو يظهر فيه ميدفيدتشوك يدعو إلى تبادله مقابل إجلاء المدنيين والقوات من ماريوبول.
وقال في الفيديو الذي نشرته أجهزة الأمن في كييف، وهو يرتدي ملابس سوداء وينظر مباشرة إلى الكاميرا: “أريد أن أطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تجري عملية تبادلي مقابل مقاتلين أوكرانيين وسكّان ماريوبول”.
وفي حين كانت العديد من المدن الكبرى تحت الحصار، وفقا لرئيس الوزراء دينيس شميهال، لم تسقط واحدة -باستثناء خيرسون في الجنوب- وتمت إعادة السيطرة على أكثر من 900 بلدة ومدينة، نافيا بذلك سقوط ماريوبول.
وسيسمح الاستيلاء على ماريوبول لروسيا بأن يكون لها جسر بري بين شبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014 والمنطقتين الانفصاليتين المدعومتين من موسكو في شرق أوكرانيا.
وفي الشرق، حثّت السلطات الأوكرانية السكان في إقليم دونباس على التوجه غربا للهروب من هجوم روسي مرتقب واسع النطاق للسيطرة على منطقتيه في دونيتسك ولوغانسك.
وقال زيلينسكي: “القوات الروسية تستعد لشن هجوم في شرق بلادنا في المستقبل القريب. تريد القضاء على دونباس وتدميرها”.
وقال حاكم لوغانسك سيرغي غيداي إن الأسبوع المقبل سيكون “صعبا”.
قتلى في خاركيف
وقال مكتب المدعي العام المحلي في بيان إن شخصين قُتلا في قصف على مدينة خاركيف الأوكرانية اليوم الاثنين.
ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من هذه المعلومات.
مسؤول أمريكي: ماريوبول محل نزاع
وقال مسؤول دفاعي أمريكي كبير، الاثنين، إن مدينة ماريوبول الساحلية بشرق أوكرانيا لا تزال محل نزاع، حيث يبدو أن روسيا أرسلت تعزيزات إلى أوكرانيا في الأيام الأخيرة.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته للصحفيين وفق “رويترز”: “تقييمنا هو أن ماريوبول لا تزال محل نزاع… (إنها) لا تزال تحت التهديد من الجو، من الضربات الصاروخية والقنابل التي يتم إسقاطها من الجو، وبالطبع المدفعية”.
وأضاف المسؤول أن هناك نحو 76 كتيبة تكتيكية روسية في جنوب وشرق أوكرانيا حاليا، بزيادة نحو 11 في الأيام الأخيرة.
وتتبنى بذلك أمريكا الرواية الأوكرانية بأن المدينة لم تسقط، في حين تؤكد موسكو أنها باتت تسيطر بالكامل على ماريوبول.
تدريب الأوكرانيين على مدافع هاوتزر
وقال المسؤول الأمريكي ذاته، إن الجيش الأمريكي يتوقع أن يبدأ تدريب الأوكرانيين على استخدام منظومة المدفعية هاوتزر في الأيام المقبلة.
وأضاف أن التدريب سيقام خارج أوكرانيا.
وسبق للولايات المتحدة أن دربت القوات الأوكرانية في الولايات المتحدة على الطائرة المسيرة “سويتش بيد”.
القتلى المدنيون
إنسانيا، أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، مقتل ما لا يقل عن 2072 مدنيا وإصابة 2818 آخرين في أوكرانيا، منذ شن روسيا عمليتها العسكرية أواخر شباط/ فبراير الماضي.
وذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان، أن 4 ملايين و934 ألفا و415 شخصا لجأوا إلى الدول المجاورة، أكثر من نصفهم إلى بولندا، بين 24 فبراير الماضي، و17 نيسان/ أبريل الحالي.
وأشارت إلى لجوء مليونين و780 ألفا و913 شخصا إلى بولندا، و743 ألفا و880 شخصا إلى رومانيا، و461 ألفا و954 إلى المجر.
وبيّنت أن مئات الآلاف من الذين عبروا نحو دول الجوار، توجهوا بعدها إلى بلدان أوروبية أخرى.
وفي 24 شباط/ فبراير الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية “مشددة” على موسكو.
غوتيريش يدعم مسار إسطنبول
وأكد أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، “دعمه المستمر لعملية إسطنبول فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا”.
جاء ذلك في بيان أصدره المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، الاثنين، بشأن المكالمة الهاتفية التي جرت الأحد بين الأمين العام والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال البيان الذي اطلعت عليه وكالة “الأناضول”: “أعرب الأمين العام (خلال المكالمة الهاتفية) عن دعمه المستمر لعملية إسطنبول فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا مؤكدا الحاجة إلى فتح ممرات إنسانية لتوزيع المساعدات وإجلاء الناس”.
وكان الرئيس التركي بحث هاتفيا مع غوتيريش، الأحد، الأزمة الأوكرانية واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى واعتداءاتها على المصلين الفلسطينيين.
وشهدت إسطنبول نهاية أذار/ مارس الماضي مباحثات بين الوفدين الروسي والأوكراني، إثر جهود دبلوماسية تركية ترمي لإنهاء الحرب وإحلال السلام بين طرفي الأزمة.
أرقام النزوح واللجوء
وفرّ أكثر من 4,9 ملايين أوكراني من بلدهم منذ بدأت القوات الروسية قبل 54 يوما غزوها لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير، وفق الأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وأعلنت المفوضية الاثنين، أنّ 4934415 لاجئا أوكرانيا بالتحديد غادروا بلدهم، أي بزيادة قدرها 65396 شخصاً مقارنة بالحصيلة الإجمالية المعلنة الأحد.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فرّ نحو 215 ألف شخص غير أوكراني من البلد. وكان مسار العودة إلى بلدانهم الأصلية محفوفاً بالصعوبات أحياناً.
وهؤلاء هم بأغلبيتهم طلّاب وعمّال ومهاجرون، وهم ليسوا مواطنين لا من أوكرانيا ولا من البلدان التي وفدوا إليها.
ولم تشهد أوروبا مثل هذا التدفق للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.
وتشكل النساء مع الأطفال نحو 90 في المئة من الذين فرّوا من أوكرانيا، علما بأنّ السلطات الأوكرانية لا تسمح بمغادرة الرجال ممن هم في سنّ القتال، أي ما بين 18 و60 عاما.
وتقدّر المنظمة الدولية للهجرة عدد النازحين داخل أوكرانيا بنحو 7,1 ملايين.
وقالت المفوضية الأممية، إنّ “اللاجئين الوافدين من أوكرانيا، وهم بأغلبيتهم من النساء والأطفال، يواجهون خطر التعرّض للاستغلال الجنسي والاغتصاب والاتجار بالبشر على نحو متزايد”.
وأوضحت: “عناصرنا في الميدان عند النقاط الحدودية وفي مواقع أخرى وهم يتّخذون تدابير احتياطية”.
وفي المجموع، اضطر أكثر من 12 مليون شخص إلى مغادرة ديارهم، إمّا من خلال عبور الحدود إلى البلدان المجاورة أو من خلال النزوح إلى مناطق أخرى في أوكرانيا.
ودُفع ثلثا الأطفال الأوكرانيين إلى ترك منازلهم، بما يشمل هؤلاء الذين ما زالوا في مناطق أخرى من البلد.
وقبل الحرب، كانت أوكرانيا تضمّ أكثر من 37 مليون نسمة في الأراضي الخاضعة لسيطرة كييف. ولا يشمل هذا المجموع سكّان شبه جزيرة القرم (الجنوب) التي ضمّتها روسيا إلى أراضيها في 2014 أو المناطق الشرقية الخاضعة للانفصاليين الموالين لروسيا منذ السنة عينها.
وتحتضن بولندا أكبر عدد على الإطلاق من اللاجئين الأوكرانيين.
وفرّ إليها نحو 2,8 مليون لاجئ أوكراني (2780913 شخصا تحديدا)، أي حوالي ستة من كلّ عشرة منذ بداية الحرب، وذاك حتّى تاريخ 18 نيسان/ أبريل، وفق مفوضية شؤون اللاجئين.
ويكمل عدد كبير منهم طريقه إلى دول أوروبية أخرى.
وكانت بولندا تضمّ قبل الحرب قرابة 1,5 مليون عامل أوكراني مهاجر.
وبلغ عدد من لجأوا إلى روسيا 522404 أشخاص بتاريخ 18 نيسان/ أبريل.
وذكرت مفوضية شؤون اللاجئين أيضا أنّه بين 18 و23 شباط/ فبراير، عبَر 105 آلاف شخص من الأراضي الانفصالية الموالية لروسيا في دونيتسك ولوغانسك (شرق أوكرانيا) إلى روسيا.
المصدر: عربي21