الحدث الفلسطيني اليوم هو الحدث، لأنه الحدث الذي لا تشوبه شائبة. هو الفارق بين الحق والباطل، بين الصحيح والخطأ، بين الانحراف والصواب، بين التخاذل والهوان من جهة، وبين العزة والكرامة من جهة أخرى.
الحدث الفلسطيني لا يقبل بطبيعته أنصاف الحلول، وهو كذلك على الجانبين، جانب أصحاب الحق، وجانب المعتدي، جانب الفلسطيني، وجانب الصهيوني.
وحينما تشع تجليات الحدث في شهر رمضان المبارك، شهر الصوم والصبر ومجاهدة النفس فإن الرسالة المنبثة منه يكون لها مغزى خاصا، ويكون لمشاهد مقاومة المحتل، وتتابع الشهداء والجرحى وقع مميز.
استقبل مجاهدو فلسطين هذا الشهر الكريم بسيل من العمليات غيرت موازين المنطقة، وقلبت الطاولة على الجميع فأزالت وهم “إمكانية السلام مع العدو”مع بقاء الاحتلال، ومع بقاء هذا الكيان، المبني وجوده على العدوان والاغتصاب والتزوير.
من قبل، كان الموقف من فلسطين أرضا وشعبا، هو عنوان كل موقف صحيح، وكان الموقف من المقاومة: الارتباط بها، ودعمها، والايمان بخيارها، كان هو الفاصل في التفريق بين المواقف.
ورغم كل عمليات التطبيع، ومخازيها، وكل التحالفات التي بنيت عليها قفزا فوق هذه القضية.
ومن بعد يبقى هذا العنوان هو الحقيقي وهو الأصيل.وهو المغروس في عمق الأرض، وفي عمق وجدان الأمة وفكرها وضميرها.
** كيف يستطيع مسلم أن يقف في صلاة التراويح الرمضاني ويتلو قوله تعالى ” سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله”، دون أن يستحضر أمام عينيه، وفي قلبه وعقله هذا المسجد والقدس الشريف، وفلسطين، وهي تحت الاحتلال، وكذلك الفلسطينين المرابطين نيابة عن المسلمين جميعا في هذا البلد المبارك، وفي هذا المسجد المقدس؟
** كيف يمكن للعربي أن يشعر في هذا الشهر الفضيل بعزة الإسلام وهو يرى كيف أن الفلسطينيين جميع الفلسطينيين يقفون لوحدهم يتصدون لهذه الهمجية الصهيونية، وهي في جوهرها همجية الغرب الاستعماري، المضمخة بعنصرية تاريخية لا نظير لها.
** كيف يمكن للمسلم أن يعيش روح التضامن التي تشع في رمضان، وتتميز فيه، وهو يرى الفلسطينيين يتصدون لهذا العدو نيابة عن الأمتين العربية والاسلامية، ونيابة عن روح وضمير الانسانية الذي شوهته الصهيونية العنصرية، وهم لوحدهم بعد أن تخلى عنهم النظام العربي والنظام الدولي على حد سواء، وصار هدف النظامين إرضاء المعتدي، ومساعدته في قهر أصحاب الحق والأرض والتاريخ؟
رمضان شهر مراجعة النفس، وإعادة النظر في أعمال وأفعال وأقوال المسلم لإعادة ضبط بوصلتها على الاتجاه الصحيح، وهاهي فلسطين، وهاهي القدس، وهاهو الشعب الفلسطيني، ينير بجهاده ظلام الواقع المر والذليل الذي نعيشه، ليدلنا على اتجاه ضبط حركتنا، فهل نسارع إلى ذلك، حتى نخرج من رمضان مغفورا لنا، وحتى يكون ديمومة استحضار الالتزام تجاه فلسطين، وديمومة الالتزام تجاه مقاومة هذا العدو من دلائل قبول الله لعباداتنا في شهر الرحمة.
لنتذكر أن فلسطين هي العنوان الحقيقي والصادق لمن أراد وجه الله ورضوانه.
رحم الله العز بن عبد السلام وهو القائل:
” أيها الناس من رآني منكم على الجانب الآخر والقرآن فوق رأسي فليرمني بسهمه”.
اللهم بحرمة شهر رمضان لا تجعلنا على الجانب الآخر ، وثبت أقدامنا في فلسطين ومع فلسطين في مواجهة هذا العدو وحزبه وحلفه.