تلعب أبو ظبي دوراً في توسيع العلاقات والمساهمة في عودة المياه إلى مجاريها بين دمشق والدول العربية. فقد زار رئيس النظام السوري بشار الأسد دولة الإمارات العربية المتحدة، والتقى ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ونائب رئيس الدولة، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في أول زيارة له إلى بلد عربي منذ الحرب السورية التي اندلعت في عام 2011.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” أن الشيخ محمد بن زايد رحّب خلال اللقاء الذي جرى في قصر الشاطئ بزيارة الأسد “التي تأتي في إطار الحرص المشترك على مواصلة التشاور والتنسيق الأخوي بين البلدين حول مختلف القضايا، معرباً سموه عن تمنياته أن تكون هذه الزيارة فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا الشقيقة والمنطقة جمعاء”.
واطّلع ولي عهد الإمارات من الأسد على آخر التطورات والمستجدات على الساحة الـسورية. وبحث الجانبان، بحسب الوكالة الإماراتية، “العلاقات الأخوية والتعاون والتنسيق المشترك بين البلدين الشقيقين بما يحقق مصالحهما المتبادلة، ويسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط”.
وأكد الجانبان خلال اللقاء على أهمية “الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية، إضافة إلى دعم سوريا وشعبها الشقيق سياسياً وإنسانياً للوصول إلى حل سلمي لجميع التحديات التي يواجهها”.
وشدد الشيخ محمد بن زايد على أن سوريا “تُعد ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي، ودولة الإمارات حريصة على تعزيز التعاون معها بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو الاستقرار والتنمية”.
لقاء حاكم دبي
وكذلك، التقى الأسد خلال زيارته الإمارات، الشيخ محمد بن راشد. وذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن “الشيخ محمد بن راشد رحّب خلال اللقاء بزيارة الرئيس الأسد والوفد المرافق له، التي تأتي في إطار العلاقات الأخوية بين البلدين، معرباً عن خالص تمنياته لسوريا وشعبها أن يعم الأمن والسلام كافة أرجائها، وأن يسودها وعموم المنطقة الاستقرار والازدهار بما يعود على الجميع بالخير والنماء”.
وأضافت “سانا”، أن “اللقاء تناول مجمل العلاقات بين البلدين وآفاق توسيع دائرة التعاون الثنائي، لا سيما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري والتجاري، بما يرقى إلى مستوى تطلعات الشعبين الشقيقين”.
وغادر الأسد الإمارات، وكان في وداعه في مطار البطين، الشيخ محمد بن زايد.
زيارة مهمة
هذه الزيارة وصفها مراقبون للشأن السوري بالمفاجئة، ولكنها اكتسبت أهميتها لكونها أول زيارة للأسد إلى دولة عربية بعد عقد من الصراع الداخلي عاشته البلاد، تخللها زيارات أعوام (2015 – 2017 – 2021) إلى موسكو الحليف الاستراتيجي لدمشق طوال فترة الحرب التي اندلعت منذ عام 2011 في ظل قطيعة عربية وأوروبية بعد تجميد مقعدها في مجلس جامعة الدول العربية.
في المقابل، عدّ سياسيون في دمشق أهمية تلك الخطوة كونها تكسر طوق العزلة، بين دمشق ومحيطها العربي، متوقعين تكرار تلك الزيارات على المدى المنظور، لا سيما أن الحرب الروسية – الأوكرانية فرضت ترتيب قواعد عمل دولي جديدة، بخاصة بعد اتساع الشرخ بين أوروبا والولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة ثانية.
انطلاقة جديدة للعلاقات
وفي 9 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي قام وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، بزيارة إلى دمشق على رأس وفد إماراتي رفيع المستوى كأول وزير خارجية يزور البلاد طيلة فترة القطيعة العربية، ولقيت الزيارة ترحيباً من الشارع السوري مع تهليل بانطلاقة جديدة للعلاقات عربياً، مثل البحرين وسلطنة عمان، وظل الحديث يدور عن إعادة العلاقة مع مزيد من الدول الخليجية، لكن الأمر لم يحسم بعد.
ولفت رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب السوري، بطرس مرجانة، في حديثه لـ”اندبندنت عربية” النظر إلى كون هذه الزيارة الرسمية “تندرج تحت بند زيارة طبيعية لرئيس سوري باتجاه دولة شقيقة. وتلعب الإمارات دوراً إيجابياً مع أغلب الدول العربية، ومن غير المستغرب أن نشاهد زيارات متبادلة بين مسؤولين عرب وسوريين”.
المعارضة السورية
في المقابل، لم يصدر أي تعليق عن هذه الزيارة من قبل قوى المعارضة السورية، والتي تتخذ من الشمال الغربي السوري مقراً لها، وتسيطر على مساحة واسعة بدعم تركي. وأفاد مراقبون معارضون بأنهم لا يشجعون على هذا التقارب السوري – العربي قبل إيجاد حل سياسي قائم على قرارات مجلس الأمن الدولي 2254 الصادر في 18 ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 الذي يفضي إلى وقف إطلاق نار وإيجاد تسوية بين أطراف النزاع.
وتأتي زيارة الأسد مع حديث عن عودة بلاده إلى الجامعة العربية، حيث يتسلم لبنان رئاسة الدورة 157 لوزراء خارجية العرب، لكن لم يحسم بعد قرار عودتها، ولم يدرج كذلك على جدول الأعمال، ومن جهة مقابلة عاشت العلاقات السورية والإماراتية فترة دافئة بعد عام 2018 عقب فتح سفارة أبو ظبي في دمشق وتوطيد العلاقات الدبلوماسية، مع معلومات تشي بتدخلها كوسيط فاعل لرسم مسارات لعلاقات جديدة مع عدد من الدول العربية، في وقت تعززت فيه الزيارات الرسمية بين البلدين بعد مد جسور الوصل الدبلوماسي، الذي انعكس اقتصادياً، واحتفى معرض “إكسبو دبي 2020” باليوم الوطني لسوريا، وزار وفد اقتصادي رفيع المستوى ترأسه وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، محمد سامر الخليل، دبي، وعقد لقاءات عمل للاستثمار في سوريا.
في المقابل، يرى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السوري، أن العلاقات الاقتصادية تطورت بين دمشق وأبو ظبي، ولا يستبعد دوراً رائداً للإمارات في المشاركة في إعادة الأعمار، لافتاً إلى ما بحثه وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في زيارة سابقة له ناقش فيها قضايا وملفات عديدة منها الإنساني. وأردف: “أن هذه الزيارات تندرج ضمن سياقها الطبيعي لبناء مصالح مشتركة بين الدول العربية”.
خيبة أمل أميركية
في ردها على زيارة الأسد لدولة الإمارات، قالت الولايات المتحدة في بيان إنها “تشعر بخيبة أمل كبيرة وبقلق من هذه المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية” على الأسد.
وقال نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الأميركية “نحث الدول التي تفكر في التواصل مع نظام الأسد على أن تدرس بعناية الفظائع المروعة التي ارتكبها النظام ضد السوريين على مدى العقد الماضي فضلاً عن محاولات النظام المستمرة لحرمان معظم البلد من الحصول على المساعدات الإنسانية والأمن”.
المصدر: اندبندنت عربية