احتجّ صناعيون سوريون، على نسبة رفع مادة الفيول وطريقة الإبلاغ عن السعر الجديد، محذرين من أنّ مواصلة حكومة الأسد رفع أسعار حوامل الطاقة، سيؤدي إلى إغلاق منشآت صناعية وزيادة هجرة الصناعيين.
ويؤكد الصناعي محمد طيب العلو أنّ خبر زيادة الأسعار وصل إلى أصحاب المنشآت، أمس الاثنين، عبر رسالة نصية على هواتفهم المحمولة محوّلة من اتحاد غرف الصناعة، مبيّناً، خلال اتصال مع “العربي الجديد”، أنّ السعر الجديد وصل إلى مليون و25 ألف ليرة للطن الواحد. (الدولار= 3575 ليرة).
ويعتبر الصناعي العلو أنّ حكومة الأسد “تزيد الضغوط على الصناعيين” ففضلاً عن تراجع الإنتاج والمبيع، بسبب تراجع القدرة الشرائية للسوريين، إضافة إلى غلاء المواد المستوردة الداخلة بالإنتاج، والمعاناة من انقطاع التيار الكهربائي رغم سحب السعر المدعوم سابقاً وارتفاعه أربعة أضعاف، ورفع أسعار الفيول والمازوت، مشيراً إلى أنّه “لم يعد هناك أي دعم للصناعة السورية”.
ويبدأ تطبيق السعر الجديد لمادة الفيول المستخدمة في الصناعة، اليوم الثلاثاء، بعد أن رفعت الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية “محروقات” في حكومة الأسد الأسعار، أمس الاثنين، من 625 ألف ليرة للطن، إلى مليون و25 ألف ليرة.
ويقول الصناعي أسامة زيود، إنّ ارتفاع أسعار حوامل الطاقة بهذه الظروف “غير منطقي”، معتبراً أنّه “من المفترض أن تقوم الحكومة بتخفيض تكاليف الإنتاج للصناعي حتى يستطيع الاستمرار والمنافسة والتصدير، لا أن تحاول أن تعوض الخسائر الموجودة بهذه الارتفاعات”.
ويضيف زيود، في تصريحات نشرتها صحيفة “الوطن” المقرّبة من النظام السوري، “عندما يأتي المستثمر يفاجأ بالأسعار وارتفاعاتها الجنونية ويجد أنّ الأسعار في الدول المجاورة أقل. ما يعني أننا فعلياً لم نحقق أي فائدة”، معتبراً أنّ “المعادلة بهذه الطريقة لن تحقق اقتصاداً ناجحاً” موضحاً أنّ دعم الصناعة “يحتاج إلى بيئة وحاضنة استثمارية وأرض خصبة للاستثمار، إلا أنّ الجميع يعاني من زيادة التكاليف، ورفع أسعار حوامل الطاقة سوف ينعكس على المستهلك وهو الطبقة الأساسية التي تحرك رأس المال”.
ويتساءل صناعيون، هل رفع الأسعار سيؤدي إلى توفرها بالسوق ويقطع الطريق على التجار وتعدد الأسعار، كما هو الحال مع مادة المازوت التي ارتفع سعر الليتر منها على الصناعي، في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، إلى 1700 ليرة سورية لكنه غير متوفر ويستجره الصناعيون بسعر 3 آلاف ليرة لليتر الواحد.
ويبرر الصناعي السوري عاطف طيفور، قرار حكومة الأسد برفع سعر الفيول اليوم بقوله إنّ “ارتفاع الأسعار يأتي مترافقاً مع التضخم وسعر الصرف وصعوبة التوريدات”، معتبراً، خلال تصريحات صحافية، اليوم الثلاثاء، أنّ “توفير المادة أهم من سعرها لأنّ فقدان المواد من الأسواق يخفض الإنتاج ويسبب خسارة بالإنتاج والمبيعات للصناعي”، مضيفاً أنّ “هذه المعادلة مهمة لجهة تأمين المادة، خاصة أن الارتفاع أصبح دورياً والمشكلة الأساسية تكمن بعدم توفر المواد”.
وكانت حكومة بشار الأسد قد رفعت، العام الماضي، سعر طن الفيول من 510 آلاف ليرة إلى 620 ألف قبل الرفع الجديد، علماً أنّ سعر طن الفيول عام 2020 لا يزيد عن 333.5 ألف ليرة سورية.
ويقول المتخصص عبد القادر عبد الحميد، في تصريحات سابقة لـ”العربي الجديد”، إنّ رفع سعر مادة الفيول “يتناسب مع تراجع الإنتاج وزيادة استهلاك محطات توليد الكهرباء الحكومية لهذه المادة، فضلاً عن أنّ الفيول يستورد اليوم ونظام الأسد ينسحب من تمويل المشتقات النفطية”.
ويضيف عبد الحميد، أنّ أول رفع لسعر مادة الفيول تزامن مع انطلاق الثورة، ففي أكتوبر/تشرين الأول عام 2011، رفعت حكومة الأسد سعر المادة من 8500 ليرة للطن إلى 13 ألف ليرة، ومن ثم إلى 16 ألف ليرة عام 2012 ومن ثم 20 ألف ليرة وهكذا تواصل الرفع، رغم أنّ الفيول هو البديل عن المازوت بالنسبة للمنشآت الصناعية، وتعي الحكومة أثره على تكاليف الإنتاج وبالتالي رفع الأسعار على المستهلكين.
وحول حاجة سورية من الفيول، وهل ما كان ينتج يسد الطلب المحلي، يقول عبد الحميد، “تاريخياً، منذ كان الإنتاج بنحو 380 ألف برميل، تستورد سورية نحو 40% من الاستهلاك المحلي للفيول، لأنه مطلوب للمنشآت الصناعية وتوليد الطاقة كبديل المازوت”، مقدراً حاجة المنشآت الصناعية لهذه المادة بنحو 936 ألف طن سنوياً.
وتبرر حكومة بشار الأسد رفع أسعار المشتقات النفطية، بعد تحول سورية من منتج ومصدر إلى مستورد، وإلى الخسائر بهذا القطاع وتراجع الإنتاج من 385 ألف برميل عام 2011، إلى أقل من 30 ألف برميل يسيطر عليها نظام الأسد اليوم.
ويستخدم الفيول لتدفئة المنازل، ووقود للشاحنات والسفن، وبعض أنواع السيارات، ولتشغيل مولدات الكهرباء الاحتياطية ، بالإضافة إلى محطات توليد الكهرباء، كما تستخدمه معظم القطاعات الصناعية بسورية، وبمقدمتها صناعات الحلويات والمعجنات وصناعات الزجاج والدباغات.
ويأتي الفيول كأثقل المشتقات النفطية ويستخرج، بحسب مختصين، من التقطير الجزئي للنفط عند درجة حرارة تتراوح بين 370 و600 درجة مئوية.
المصدر: العربي الجديد