قالت هيئة التفاوض السورية، اليوم الأربعاء، إنها ترفض آلية “خطوة مقابل خطوة” وأي مبادرات أخرى لا تؤدي بشكل عملي وواضح إلى تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالانتقال السياسي في سورية، فيما أكد رئيسها أنس العبدة أن موقفهم هذا جرى توضيحه “بشكل منهجي وموضوعي وشفاف لشعبنا”.
وأضاف العبدة في تصريح لـ”العربي الجديد”: “أبلغت المبعوث الدولي (غير بيدرسون) في لقائنا البارحة في إسطنبول بالقرار والأسباب التي أوجبت هذا القرار”، مشدداً بالقول: “نحن في الهيئة نراجع بشكل دوري مستجدات العملية السياسية بكافة محاورها، ومنها مسار اللجنة الدستورية، وكافة الخيارات مطروحة على الطاولة”.
وتابع قائلاً: “نحن نستقوي بشعبنا وثورتنا في وجه كل الضغوط، وموافقتنا على الانخراط في العملية السياسية لا تعني الموافقة على كل ما يتم طرحه علينا”، لافتاً إلى أنّ “الذي نسعى له، حل سياسي عادل يُنهي معاناة شعبنا، والتنفيذ الكامل للقرار الدولي 2254، وتحقيق الانتقال السياسي الذي هو الهدف الأساسي للعملية السياسية”.
“آلية خطوة بخطوة”
في الأثناء، قالت هيئة التفاوض السورية: “نرفض آلية الخطوة بخطوة، والخطوة مقابل خطوة، كما نرفض أي مبادرات أو آليات لا تؤدي بشكل عملي وواضح إلى التنفيذ الكامل والصارم للقرار 2254 (2015)، تمهيداً للوصول إلى الهدف الأساس له، وهو تحقيق الانتقال السياسي”.
ويضع القرار الأممي 2254 الصادر عام 2015 خريطة طريق لعملية الانتقال السياسي في سورية، وإنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة تُمنح سلطات تنفيذية كاملة، وعدة نقاط أخرى، أبرزها مراجعة الدستور وتنظيم انتخابات بإشراف الأمم المتحدة.
وقالت الهيئة إنها درست الطرح الذي قدمه المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، تحت مسمى “الخطوة بخطوة وخطوة مقابل خطوة”، وخلصت إلى أن هذه المقاربة تقدم حوافز للنظام السوري.
وكان المبعوث الأممي قد أشار عقب مباحثاته مع وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد في دمشق، الأحد الماضي، إلى أن “هناك فرصة جادة لبحث إمكانية تطبيق مقاربة خطوة بخطوة بهدف بناء الثقة”.
وأضاف بحسب ما نقلت عنه صحيفة “الوطن” الموالية للنظام: “بكل تأكيد ناقشنا المسار السياسي، اليوم يمكن القول إن هناك فرصة لإعادة إطلاق المسار السياسي”.
وأوضحت الهيئة أن “هدف العملية السياسية الذي يعمل وفقه فريق الأمم المتحدة ينحصر في التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2245 والمبني على القرارات السابقة، خصوصاً القرار رقم 2118 وملحقه الثاني بيان جنيف 30-06-2012″، مضيفة: “أي جهود أممية ينبغي أن تكون في إطار تنفيذ قرارات مجلس الأمن المذكورة أعلاه فحسب، وجوهر قرارات مجلس الأمن بخصوص سورية، وهدفها الرئيس تحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل”.
وأكد بيان الهيئة أنه “لا ينبغي أن تخرج أي مقترحات أو جهود أممية عن سياق التفويض الممنوح لها بتفعيل المفاوضات وإنجاز تقدم ذي قيمة، وغير قابل للعكس بخصوص باقي السلال في القرار 2245”.
وشدد البيان على أنه “لا يمكن القبول بإعطاء حوافز مادية أو سياسية أو دبلوماسية للنظام مقابل تنفيذ بنود إنسانية كان هو المسبّب الأساسي فيها، فضلاً عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان التي ارتكبها وما زال يرتكبها هذا النظام”.
وقال البيان إن “القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي يقتضيان مساءلة ومحاسبة المتسببين بتلك الجرائم والانتهاكات، لا السماح لهم باستخدامها كوسيلة ابتزاز للمجتمع الدولي من أجل إغفالها وجني المكاسب منها، لأن ذلك سيكون بمثابة موافقة على تكرار واستمرار هذه الجرائم والانتهاكات التي تُعمّق معاناة الشعب السوري”.
وأشار البيان إلى أن “إعطاء النظام حوافز بعد إثبات تعطيله ورفضه للعملية السياسية في جنيف، سيدفعه إلى المزيد من التعنت، وإعاقة تنفيذ القرارات الدولية، لأن النظام سيعتبر سياسة التعطيل وضرب عرض الحائط بالقرارات الأممية بمثابة وسيلة يستخدمها تكراراً لجني المزيد من التنازلات والالتفاف على القوانين الدولية وإعاقة تحقيق العدالة التي ينشدها الشعب السوري”.
وكان بيدرسون قد أكد في زيارته الأخيرة لدمشق طرحه آلية “خطوة بخطوة”، وبحسب مراقبين، هذه الآلية تنص على أن يرفع المجتمع الدولي بعض العقوبات عن نظام بشار الأسد مقابل تقديمه تنازلات في القضايا الإنسانية، وخاصة موضوع السماح بوصول المساعدات من طريق المعابر.
ويحذر هؤلاء من أن المقاربة الجديدة للمبعوث الأممي تمنح النظام فرصة التنازل في الموضوع الإنساني بهدف عدم تقديم تنازلات مؤثرة في الملف السياسي، ويمنح النظام فرصة لعدم تطبيق القوانين الدولية المتعلقة بالانتقال السياسي.
المصدر: العربي الجديد