بعد متابعة الحوار التلفزيوني الذي أجراه رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون على قناة الجزيرة خلال وجوده في قطر، سرعان ما تبادر إلى الذهن هذا السؤال: ماذا كان الهدف من وراء تلك الرحلة إلى دولة قطر؟ هل كانت عبارة عن زيارة رسمية أم هي مجرد نزهة؟ والسبب الذي أدى إلى خلق هذا النوع من التساؤلات هو إجابات فخافة الرئيس على ما وُجِّه إليه من أسئلة.
حيث إنه ردّاً على سؤال عن مشاركته في الفعالية الرياضية التي وُجِّهت الدعوة من أجلها أجاب فخامته أنه بالطبع لم يأتِ من أجل الفوتبول، وردّاً على سؤال إذا ما كان قصده من هذه الزيارة تكليف سموّ أمير قطر بالتوسط من أجل ترميم العلاقة بين لبنان ودول الخليج كانت إجابته مبهمة إلى حد يفهم منها أنه لم يأتِ أيضاً من أجل هذا الهدف.
ورداً على سؤال هل أتى لطلب مساعدةٍ ما، أجاب بأنه لم يأتِ أبداً من أجل ذلك، لكن لا مانع من قبول أية مساعدة تقدمها دولة قطر! لكنه لم يوضح من هي الجهة التي ستستفيد من هذه المساعدة في حال حصولها؛ هل هي الدولة اللبنانية أم تياره السياسي الذي على عتبة الانتخابات النيابية؟
خصوصاً بعد تأكيده أنه لن يترك لبنان في فراغ بعد نهاية ولايته، إذ لمَّح إلى احتمال بقائه على كرسي الرئاسة في حال رغب مجلس النواب بذلك، لكن لم يوضح ماذا سيفعل إذا لم يرغب مجلس النواب فيه بذلك، بحيث يبقى احتمال أن يهتم ببستان جده كما صرح ذات يوم!
الشيء الوحيد الذي حدده عون بوضوح هو دعوة دولة قطر للاستثمار في لبنان، فهل يظن فخامة الرئيس أنه تبقى في لبنان بيئة استثمارية جاذبة خصوصاً بعد تبشيره بأن لبنان دخل في جهنم؟ وبعد تلك البشرى آلت الأوضاع في لبنان إلى انهيارات فظيعة في كافة المجالات بحيث لم يتبقَّ غير الاستثمار في مجال دفن الموتى مجزياً.
من هنا لا يمكن اعتبار هذه الرحلة لعون زيارة رسمية، فهل هي نزهة؟ نشك أيضاً في ذلك لأن الرئيس بدا متعَباً خلال تلك المقابلة.
لكن الغريب أن من علق على تلك الرحلة تعامل معها على محمل الجد خصوصاً الأمير السعودي سطام بن خالد آل سعود، حيث اعتبر إهانة رئيس جمهورية لبنان من قبل صحافي سعودي أمراً عادياً لأن من فعل هذا هو صحافي وليس وزيراً، ويفهم من كلام الأمير أنه يمنع على من هو في رتبة وزير الشتم واللعن لكن يحق لغيره ذلك، وهذا الجواب سيزيد حتماً من عدد متابعي الأمير، فهنيئاً له على هذا الإنجاز!
لكنه نسي أن الوزير قرداحي عندما أدلى برأيه الذي اتخذوا منه حجة لمقاطعة لبنان لم يكن وزيراً حينها؛ وبالتالي تصرفَ وفقاً لرخصة الأمير.
لكن بالنسبة لنا المشكلة في تصريح الوزير قرداحي أنه انتقد ما يجري في اليمن علماً بأنه من أشد المؤيدين للنظام السوري الذي قتل وشرّد شعبه! ويقال إنه حصل على منصبه كوزير بعد ترشيحه من قبل النظام السوري، بحسب تقارير صحفية، أي كان من حصة الرئيس الأسد في حكومة الرئيس ميقاتي، ولهذا السبب تغاضى عن رؤية الجرائم التي يستطيع رؤيتها بالعين المجردة، وبحث بالمنظار عن جرائم بعيدة ليتحدث عنها.
أما عن الوزير شربل وهبي فإنه عندما وصف الصحافي السعودي بالبدوي كان ذلك في سياق عنصري اعتدنا عليه من المصابين بمتلازمة اللبنَنَة، لكن لو أتى كلامه في سياق طبيعي لكان فخراً لنا أن نكون بدواً عرباً.
على كل حال كان من الأفضل أن يتذكر فخامة الرئيس خلال تلك المقابلة أن الشكوى لغير الله مذلة.
وفي الختام يمكن القول بأن رحلة الرئيس إلى قطر لم تكن زيارة رسمية وليست بأي حال نزهة، بل هي مجرد رحلة لا معنى لها؛ مما يجعلنا نتذكر الرحالة جحا الذي سُئل مرة عن رأيه في دونكيشوت فابتسم وقال: “الحكمة في وقتنا هذا، وسط بين الجنون والخرف”.
المصدر: عربي بوست