شكلت “ثورة تشرين” في 2019 أملاً كبيراً للعراقيين في الخروج من محنتهم المستمرة منذ احتلال العراق في 2003، وحتى الآن، كما أنها اعتبرت في سياق الموجة الثانية من ثورات الربيع العربي الطامحة للتغيير والخلاص من الفساد والطغيان والاحتلالات.
الحوار التالي مع الشاب الثائر عدي الزيدي أحد أعضاء اللجنة المنظمة لثورة تشرين وأحد قادتها الشجعان، الذين يعطوننا الأمل بعراق حر عربي، وفيه يضعنا في آخر تطورات ثورة تشرين وما أفرزته من نتائج على الأرض خصوصا في الانتخابات الأخيرة.
1_ ماهي قراءتكم لنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وما أسفرت عنه من انحسار لقوة الجماعات المدعومة ايرانياً(الولائية).؟
ج_ 1 هذا الامر كان متوقعاً فقد انحسرت شعبية ما نطلق عليهم بالعراق لقب (ذيول ايران) بعد ثورة تشرين، التي كانت ثورة وعي بحق، وكذلك بعد الاجرام الذي قامت به المليشيات بحق الشعب العراقي بحيث وصل بهم الحال الى اعدام أي مواطن ينتقد ايران، أو يتحدث عن عمالتهم، لذلك فقد نبذهم الشارع كما نبذ قبلهم القاعدة وداعش.
2_ ترشح للانتخابات الأخيرة وفاز بها بعض رموز (ثورة تشرين) هل هذه المشاركة تمثل تغييراً في شكل حراككم أم أنه تعدد في أساليب العمل وأدواته…؟؟
ج_ 2 الذين ترشحوا في الانتخابات كان رأيهم ان التغيير لا يمكن أن يتم الا من خلال اقتحام العملية السياسية، وزج الوطنيين فيها، وهذا رأيهم وقد احترمناه نحن المقاطعون، والذين نؤكد أن التغيير لا يمكن أن يحصل الا بثورة تطيح بالفاسدين وأذناب ايران، وبالمحصلة فان طريقنا واحد وهو التغيير.
3_ نعيش هذه الأيام ذكرى انطلاقة “انتفاضة” أو “ثورة تشرين”، أين تضعون هذه الثورة في سياق المواجهة مع الفساد والتدخل الخارجي، ماقبلها ومابعدها.؟
ج_ 3 ثورة تشرين أحرقت الأرض تحت أقدام الفاسدين وأحزاب ايران، التي كانت تظن أن الشعب العراقي خانع وصامت، وبأنه لن يمسهم بسوء، كونهم يمثلون المذهب والمرجع، فهم يستغلون الرموز الدينية لخداع البسطاء من الناس، الا أن ثورة تشرين كانت نقطة فاصلة بين اللا وعي والوعي، وأصبح مابعد ثورة تشرين غير ما قبله، والناس نبذتهم، والدليل ماحصل لأتباع ايران في الانتخابات الأخيرة، التي جرت قبل أيام، وكيف انحسر تمثيلهم وانخفض عدد مقاعدهم من 132 مقعداً في الدورة الماضية الى أقل من 50، الآن، رغم وجود التزوير، ومع الميلشيات بشكل خاص، أو تحديداً، فقد انخفض تمثيلهم من 53 مقعداً الى 16 مقعد، وهذا بحد ذاته نصراً كبيراً يسجل لثوار تشرين، وعملهم ونضالهم.
4_ قدمت (ثورة تشرين) العشرات بل المئات من الشهداء، هل تعتبرون نتائج الانتخابات الأخيرة نتيجة حراككم وفعلكم المستمر أم هناك عوامل أخرى.؟
ج_ 4 دماء الشهداء أنارت لنا درب الحرية، وما جرى من خسارة الفاسدين، ومعهم المليشيات، للانتخابات الأخيرة ماهي الا بداية النصر وسنكون أوفياء لهذه الدماء الزكية، وسننتصر على ايران وأحزابها وأول ما سنفعله هو تشييد نصب تذكاري كبير لشهداء تشرين في كل محافظات العراق، اضافة الى العاصمة بغداد، لتذكير الأجيال بالتضحيات الجسام التي قدمها الشهداء من أجل حرية العراق وشعبه.
5_ لماذا تأخرتم حتى الآن في الإعلان عن برنامجكم السياسي، ورؤيتكم الشاملة لواقع ومستقبل العراق.؟
ج_ 5 نحن بالمحصلة ثوار نذرنا أنفسنا لتحرير بلادنا، ولسنا سياسيين ولا انقلابيين، ولن يكون على الاقل لمحدثكم وتنسيقيته (اللجنة المنظمة لثورة تشرين) أي تدخل في الشأن السياسي بعد النصر، لأننا سنعود لمزاولة أعمالنا ونترك الدولة لرجالها كي يحكموها، وهناك أكاديميون ورجال سياسة، ثوار، نظموا أنفسهم ولديهم برنامج متكامل لما بعد التحرير سيعلن في الوقت المناسب (سياسي_ مدني_ أمني_ اقتصادي، والأهم يتضمن الإقرار بحقوق الانسان بعامة، وحقوق المرأة والطفل على وجه الخصوص، إضافة للعلاقات الدولية).
6_ هل تأثرت (ثورة تشرين) بالربيع العربي، وماهو موقفكم من ثوراته، خصوصا الثورة السورية.؟
ج_ 6 الربيع العربي له ماله وعليه ما عليه، ونعتقد أن هناك أجندة خارجية تدخلت لاجهاضه، وبالأخص في سورية، والتي كنا ندعم ثورتها معنوياً واعلامياً، لانها ثورة شعب يبحث عن حريته وكرامته التي سلبتها منهم عائلة فاسدة لا تقل عمالة لايران من الأحزاب الفاسدة التي تحكم العراق، وعلى المستوى الشخصي فقد دفعت ثمن مواقفي الداعمة للثورة السورية حيث اعتقلت في دمشق عام 2012، واودعت بأسوأ معتقلات الأسد، ومنها فرع المخابرات الجوية وفرع فلسطين، سيء الصيت، وخرجت من هناك بأعجوبة حيث شاهدت بأم عيني التعذيب الذي يتعرض له الشباب السوري، وهناك من مات منهم أمامي، وأتذكر على سبيل المثال الدكتور عبد الرحمن الحلبي الذي مات وهو يئن من الألم بقربي.!
7_ لماذا بقي حراك (ثورة تشرين) متركزا في الجنوب والعاصمة ولم يمتد ليشمل عموم مناطق العراق.؟
ج_ 7 حراك تشرين انطلق في جنوب العراق كون من يحكمنا هم من يدعون أنهم يمثلون الجنوب، ونحن من طالب اخوتنا في غرب العراق وشماله أن لا يخرجوا للتظاهر والتضامن معنا، خوفا عليهم من بطش المليشيات، وكون خروجهم سيحسب على أنه خروج طائفي، وكذلك لأن مناطق غرب العراق قد دمرت وأهلها مابين مهجر ومغيب ومعتقل، ولم نشأ أن نحملهم فوق طاقتهم، وقلنا لهم بثقة مطلقة نحن قادرون عليهم.
8_ تواجهون التدخل الايراني ومشروعه في العراق، وكان لشعاركم (ايران …برا برا…) صداه في عموم المنطقة، هل لكم صلات مع قوى الثورات العربية التي تواجه، مثلكم، المشروع الايراني.؟
ج_ 8 هذا النداء هو صرخة مدوية ورسالة الى العالم أجمع، وبالخصوص أمريكا، التي سلمت العراق الى ايران على طبق من ذهب، وللأسف لايوجد تواصل أو تماس مع الثوارت العربية، أو الرافضين للاحتلال الايراني بشكل مباشر، الا أنه تصلنا بيانات الثوار في الاحواز وكذلك سورية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وأعتقد أننا بحاجة الى ثورة عربية جامعة لردع ايران وتحرير العواصم العربية الأربع من احتلالها.
9_ هل نحن على أبواب مرحلة جديدة من الصراعات أفرزتها الانتخابات الأخيرة، أم على أبواب مرحلة من الاستقرار السياسي، خصوصا في ظل تهديدات القوى الخاسرة باللجوء الى العنف.؟
ج_ 9 المرحلة القادمة ستكون صراع قوي مابين الخاسرين والفائزين، وشعارنا سيكون “اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا منهم سالمين”، فنحن سنكون متفرجين حتى يسقط أحدهم الآخر وبعدها ننفض عليهم بثورة عارمة تطيح بحيتان الفساد.
10_ باعتبارك أحد رموز (ثورة تشرين) وقادتها هل أنت متفاءل بمستقبل العراق، هل سيعود للعراق وجهه التاريخي الإشعاعي والتنويري.؟
ج_ 10 أنا لست بقائد انما ثائر، فقادة تشرين هم شهداءها الأبرار، ونحن نتطلع لاعادة العراق أولا الى حضنه العربي، وعودته كبلد قوي ذو سيادة يفخر بتاريخ تليد، وبلد كان بالأمس القريب يخيف الطامعين ويواجه بشدة كل من تسول نفسه المساس بالأمة العربية، وإن شاء الله سيعود العراق قوياً مهاباً وبوابة حارسة للأمة العربية في وجه الطامعين .