يعيش الشعب السوري حالة من التهجير القسري والعسف من نظام قاتل مجرم، استقدم كل شذاذ الآفاق، والدول المارقة، من روس وفرس، وميليشيات طائفية، كان هدفها وما يزال إفراغ سورية من شعبها وإحلال شعوب أخرى محلها تتبع ولاية الفقيه، وتُبخِّر لنظام القتل الأسدي الطائفي. وهو الرد الإرهابي الإيراني الأسدي على ثورة الشعب السوري الذي وقف أواسط آذار/مارس 2011 ليقول لا للاعتقال السياسي، لا لنهب خيرات الوطن، لا للذل والمهانة، والفساد والإفساد الذي بدأ منذ 16 تشرين ثاني/ نوفمبر 1970 يوم سرق حافظ الأسد الوطن السوري وخطف كل شيء جميل فيه.
واليوم إذ تزداد أعداد السوريين المهجَّرين قسريًا اضطرادًا. ويتم إفراغ الجغرافيا السورية من الشعب السوري، وخاصة من انحاز منهم لثورة الحرية والكرامة. حيث قالت عضو لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسورية، (كارين كونينج أبوزيد) أن: “هذا الوقت غير مناسب لأي شخص يفكر في أن سورية بلد مناسب لإعادة اللاجئين، فالحرب ضد المدنيين السوريين ما زالت مستمرة”. وأوضحت أن “التقرير الذي أُعد في الفترة بين 1 من تموز/يوليو 2020 و30 تموز/يوليو 2021، يظهر بأن نظام الأسد يسيطر على 70 في المئة من الأراضي و40 في المئة من عدد السكان. وأضافت أن الحرب والجرائم ضد الإنسانية مستمرة، وأن حالات الإعتقال التعسفي التي يمارسها النظام مستمرة بلا هوادة، وأن اللجنة مستمرة بتوثيق الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سورية”.
وقد توجهت صحيفة (إشراق) بالسؤال التالي إلى بعض المهتمين والمثقفين والأكاديميين: كيف ترون مآلات ومستقبلات السوريين في الخارج؟ وهل تعتقدون بإمكانية عودة اللاجيء السوري إلى وطنه بعد سقوط النظام الأسدي المجرم؟.
الأكاديمي السيد عامر كابلان مدير أكاديمية ريمار البحثية في اسطنبول قال لإشراق ” تزداد أعداد السوريين في المهجر والعودة ستكون على مستوى الأفراد، ولن تكون على مستوى أعداد كبيرة، أو لنسميها موجة العودة إذ لن يكون هناك ما يسمى بموجة العودة الطوعية أو القسرية إلى سورية، لأنه عندما يكون هناك هجرة فهذا يعني أنه لا عودة إلا على مستوى الأفراد، وخاصة في ظل الإستقرار النفسي والإقتصادي الذي يعيشه المهاجر أو اللاجئ في بلد اللجوء رغم الظروف التي يعاني منها من العنصرية أحيانًا، وبعضهم يعاني من أوضاع اجتماعية والبعض الآخر من أوضاع اقتصادية لكن رغم هذه الظروف يعيش في وضع نفسي مستقر أكثر من الذي يعيش في الداخل طبعًا ولا ننسى الأجيال التي ولدت أو الأطفال اللذين ولدوا في الخارج، فهؤلاء لن يستطيعوا التعايش إذا حصلت العودة ثانياً هناك من كانوا في مرحلة الشباب وتعودوا على الإستقرار أيضاً لن يكون هناك عودة لهم وإذا كانت على مستوى أفراد فهي بأعداد قليلة وليست على شكل موجة للعودة”.
ثم قال” أرى أن الأوضاع لن تتطور وتتحسن حتى ولو سقط النظام بسبب التفكك الإجتماعي والإنهيار الإقتصادي والمشكلات التي تواجه سورية في ما يخص الأمن والأمان والعسكرة والتعليم وكثير من المشكلات، فهذه العشر سنوات حصلت فيها فجوة لدى السوريين فلم تواكب هذه الفترة التطورات التي حصلت في العالم والطفرة التكنولوجية والتطور الإجتماعي وبالعكس حصل هناك شقاق على المستوى الإجتماعي، وكذلك انهيار على المستوى الإقتصادي وهذا يزيد الوضع سوءاً، ولا ننسى الإنقطاع الكبير عن التعليم لمن هم في سن الطفولة هذا سيسبب انهيارًا أكثر سوءاً مما هو عليه الآن، وهذا ما حصل طبعاً عبر التاريخ فلو نظرنا إلى الأمور بمستوى أو على قياس تاريخي سنجد أن الأمور تتحسن بعد سقوط النظام بل قد تزداد سوءاً وهذا لا يعني أن النظام جيد ففي حال انهياره ستزداد الأوضاع سوءاً. لا، بل إن الوضع الاجتماعي والواقع الاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني يحتم النتيجة التي ذكرتها”.
وأضاف: ” أزمة العمران أو أزمة السكن ستحصل إذا حصلت هناك موجة عودة وهذا لن يكون لكن إذا حصل سيكون هناك أزمة عمران وستكون عقبة أمام اللاجئ إذا أراد العودة فلن يكون هناك مكان لإقامته بسبب الدمار الحاصل وعدم وجود أبنية جديدة أو عمران جديد وهذا إذا حصل العمل به سيأخد العمران سنوات طويلة، وفي حال هذا فالبناء سيستمر لسنوات طويلة وهذه السنوات الطويلة يكون فيها اللاجئ قد تعود واستقر، وهو مستقر أصلاً في بلد اللجوء وهذا الإستقرار لن يولد عنده الدافع ليذهب ويعيد تأسيس حياته من جديد يعني الأجيال هذه التي تربت في الخارج لن تغامر، وتبني وتؤسس حيواتها من جديد لهذا فالعودة ستكون صعبة”.
أما الأكاديمية الللبنانية السيدة غادة الشموري دكتوراه في العلوم الإجتماعية فقد قالت لإشراق:” رغم أن عدد سكان سورية لا يتجاوز ال24 مليون نسمة إلا أن ثلث اللاجئين في العالم حالياً هم من السوريين! لعل الضريبة الكارثية الأولى والأكبر التي دفعتها سورية منذ بدء الثورة حتى اليوم وبسبب قمع النظام كانت ديموغرافية بامتياز بين قتل وتنكيل ونزوح قسري داخلي وهجرة وترحيل إلى دول الجوار إذ تجاوز عدد اللاجئين ٣،٣ مليون في تركيا وأكثر من مليون لاجئ في لبنان ومليون آخر في أوروبا وحوالي المليون في دول عربية أخرى حتى غدت سورية مهددة في كينونتها وصيرورتها”.
ثم قالت : “هل سيعود اللاجئون السوريون في حال سقوط النظام الحالي أم سيختارون البقاء في الدول التي استقبلتهم؟ هذا السؤال رغم أهمية الإجابة عليه من حيث أنه يتعلق بمستقبل سورية ومجتمعها ومكوناته إلا أنه يطرح إشكاليتين: الأولى إنه حدي مغلق . والثانية أن الإجابة عليه تتطلب دراسة استقصائية ميدانية لعينات ممثلة لكل أطياف اللجوء السوري ولا أعتقد أنها متاحة في الوقت الحالي خاصة وأن مشروعًا كهذا يحتاج إلى فريق عمل متكامل يقوم بمسح شامل ويعمل بشكل متواز في البلدان التي استقبلت “الشتات السوري” خاصة في لبنان وتركيا والأردن والذي نأمل ألا يتحول إلى “تيه” نتيجة الهجمة الممنهجة على هذا البلد.
لهذا السبب أرى أن يكون السؤال عن الآليات التي تجعل من سورية ما بعد الأسد أرض جذب للفارين من ويلات القمع وبلداً نهائياً لكل من بقي في سورية مهما كان انتماؤه” !
وأضافت:” أي مقاربة للإجابة على هذا السؤال لا بد لها من التركيز على بعدين :البعد الأول يتعلق باللاجئين أنفسهم ومدى استعدادهم للعودة. فهناك الكثير من المتغيرات التي تتحكم بخيارات الفرد وتؤثر بقراره في الإستقرار في بلد اللجوء أو العودة إلى بلده الأم. من هذه المتغيرات يمكننا أن نذكر العمر والجنس والمستوى التعليمي ومن ثم تعلقه ببلد الإستقبال من ناحية التعليم أو العمل ونوع السكن إن كان يقيم في مخيم أو في سكن خاص. ثم إن الثورة بدأت منذ ١١ عاماً أي أن هناك جيلاً جديداً قد ولد في الشتات ولا يعرف من سورية وعن الحياة فيها شيئاً.
ثانياً : مدى قدرة سورية ما بعد الأسد على استقبال العائدين الذين فقدوا الأمل بكل أطراف الصراع وإعادة الثقة لهم. من حق هؤلاء العودة إلى مناطقهم التي هُجِّروا منها واسترداد ممتلكاتهم التي استولت عليها قوى الأمر الواقع. كل هذا يتطلب عملًا حقوقيًا منظماً وممولاً لتسهيل استقرار العائدين. ثم إن هناك الناحية الأمنية التي يجب أن يضمنها اتفاق سلام يسمح بعودة الحياة الطبيعية وبممارسة نشاط اقتصادي يؤمن مردودًا يسمح بحياة كريمة. كذلك تأمين عودة النازحين في الداخل السوري والذين يتجاوز عددهم الست ملايين نازح !
تقول إحصاءات الأمم المتحدة أن عدد العائدين إلى بلدانهم من المهجرين قسريًا بعد انتهاء الصراع لا يتجاوز الثلث فهل ستشذ سورية عن هذه القاعدة وتستعيد نسبة أكبر من مهجريها؟
ثم إن العمل على مسامحة وطنية على مستوى القاعدة الشعبية مهم جدًا نظراً لكمية الدم التي سالت وذلك لتتحول عودة اللاجئين والنازحين إلى “فعل” تعايش يقبل بالآخر كشريك كامل في الوطن وهذا هو التحدي الأكبر أمام سورية المستقبل!”.
من جهته فقد قال المهندس والناشط السوري يحيى الخطيب ” سعى نظام دمشق إلى إفراغ سورية من كل معارضي نظامه للحصول على مجتمع متجانس يقبل بسيطرة أجهزته القمعية والخنوع لبسطاره، وساعده بذلك من جلبهم من قوى إرهابية متطرفة (ميليشيات أذرع نظام ملالي طهران) لإحداث تغيير ديموغرافي يحقق طموحها من أجل هلال شيعي فارسي بالمنطقة، وهذا التهجير القسري أدى إلى هجرة من الوطن تزيد عن سبعة ملايين، باتجاه دول اللجوء ونزوح داخلي يزيد عن ثلاثة ملايين، وليطرح السؤال ما هو مصيرهم وماهي التوقعات لعودتهم للوطن، من خلال استقراء لآراء بعض اللاجئين بأوروبا نقول بأن شريحة من لجأ لأوروبا دون العشرين ولم تكن لديه ارتباطات بينية بالوطن فإن 70% منهم لن يعودوا، ولو سقط النظام وجاء نظام وطني ديمقراطي، وأما من لجأ مابين العشرين والخمسين فعودتهم تعادل ال50% وأما ما فوق الخمسين فكانت النتيجة تعادل أكثر من 85% سيعودون. فمعدلات العودة تتعلق بمدى ارتباط ووعي المواطن لدور الوطن باستكمال شخصيته، ولا علاقة للموالي للنظام أو معارضته بالقرار”.
أما الناشط السوري السيد ياسر النمر فقال: ” الهجرة هروب من واقع صعب لا يمكن الإستمرار معه لعدم تأمين أولويات الحياة والضغط المعنوي وكبت وكم للأفواه مع تهديد دائم بالإعتقال أو التصفية دون سابق إنذار .أما التهجير القسري المفروض على الأحرار والمعارضين للمستبد الظالم وأهلنا الذين لا قبل لهم بتحمل الإهانة والذل من ضباع جائعة(سلطة أمنية وشبيحة ومرتزقة غرباء ) تحميهم ذئاب مكلومة تملؤها الرغبة بالإنتقام والثأر لهزائمهم عبر التاريخ حتى الحديث منه من العرب وكل العرب ولتكن العراق وسورية البداية وذلك عن طريق أذنابهم الخونة الطائفيين واستغلال ضعفهم بثبيت تسلطهم على سدة السلطة على أن يكونوا شركاء معهم بالتنكيل بأغلبية المغانم اختباءً وراء مراقد وأضرحة مصطنعة مما دعا حكام إيران لاعتبار سورية ليست إلا المحافظة ٣٥ وهذا مبرر للتهجير القسري في الجنوب السوري لإحلال الإيرانيين كبديل وتغيير ديموغرافية المنطقة للسيطرة على الحجر والبشر بحرب لا هوادة فيها بحجة القضاء على الإرهاب ووضع سد يمنع أي تحرك عسكري باتجاه فلسطين وبذلك يضمنوا استمراريتهم ورضى الأميركان والصهيونية معًا وبقتل ممنهج لكل من يفكر بالتحرك بحجة الإرهاب وتثبيت دعائم الملكية المشتركة للبلد بمقولة (سورية الأسد لولد الولد ولو خربت البلد) .
ومعنى هذا تقسيم سورية بين الأميركان والأكراد وترك الساحل السوري للروس يتصرفون فيه كما يريدون والكل متفقون على الحفاظ على أمن إسرائيل وزعزعة الأمن والاستقرار السوري بشرعنة النهب والسلب لثروات البلد وقمع أهلها تحت سمع ونظر المجتمع الدولي حيث تم التهجير واقتسام مناطق وثروات البلد والضحية كان شعب غلب على أمره فإما محتسب وإما مهجر والكل يسعى وبحسب قدراته للعودة للوطن ومنهم من ارتضى حياة الوداعة المزعومة في المهجر يقتاتون على الفائض من الفتات لا بارك الله فيهم ورجال يعملون على تحسين مواقعهم واثبات بأنهم يرتقون والى أعلى المراتب العلمية والاجتماعية وهم بانتظار نداء الوطن. إن عهد آل الأسد وطغمته قد زال وبعودة آمنة لبلد محرر وحر ليلملموا شتاتهم ويعودوا لبنائه مجددًا بسواعدهم وعقولهم مجتمعين متضامنين لرفعته عاليًا بين الأمم كما كان في خمسينيات القرن الماضي وأحسن، ودولة سيادتها قادرة على حماية جميع مواطنيها على اختلاف توجهاتهم دون تدخل من أي جهة كبيرة أو صغيرة تنعم بالحرية والعدالة متسلحة بوعي ذاتي للدفاع عن ثرواتها ومواطنيها والسير بهم إلى مستقبل واعد وحياة حرة كريمة ضمانتها سواعد الأبناء بعون الله عودة حرة كريمة.”.
المصدر: إشراق