تشكل العشيرة في العراق عقداً اجتماعياً ذا وظيفتين، اقتصادية ونفسية. والعشيرة هي في أساسها الأول بنية بيولوجية تقوم على رابطة الدم والنسَب، وتعيد هذه الوظيفة إنتاج نفسها بشكل أحكام وأعراف وتقاليد وسلوكيات قائمة على التجانس العصبوي ضد العناصر الخارجية. وبذلك تمثل العشيرة درجة من درجات التطور السوسيولوجي عبر التاريخ، لكن مع ظهور الدولة انتقل الضبط الاجتماعي من العشيرة إلى الدولة، إذ إن النشاط الاقتصادي أصبح عابراً للعشائر والقبائل.
وشكّلت النزاعات العشائرية في العراق إحدى أهم المشكلات التي واجهت حكام البلاد على مدى تاريخ الدولة العراقية، ما شجع الحكومات المتعاقبة، على ضم العشائر إلى العملية السياسية وإشراكها في القرار السياسي، وسُمح لها في ما بعد بالتسلح والمشاركة في الأحزاب والسلطة وامتلاك النفوذ السياسي.
نظام العشائر في العراق
عندما تعرض العراق للاحتلال البريطاني في عام 1914، ولدى دخول البريطانيين إلى مدينة البصرة وضعوا فيها نظاماً للعشائر في عام 1916، وحين وصلوا بغداد أسسوا نظاماً عاماً أُطلق عليه اسم نظام “دعاوى العشائر” في عام 1918. وكان هذا النظام يمنح شيخ العشيرة السلطة في القضايا التي تحصل في الريف العراقي.
ويشكل الشيخ مع مجموعة من وجهاء العشيرة “لجنة” فإذا حصلت جريمة أو اعتداء أو قتل، فاللجنة هي مَن يقرر “الدية” أو “الفصل” وقد يهجَّر المعاقَب من المنطقة لفترة معينة. وترجع اللجنة بحكمها إلى الحاكم البريطاني الذي يمتلك السلطة التامة لتعديل أو نقض أو الموافقة على هذا القرار. ويعد هذا القانون أول قانون سُنّ للعشائر العراقية خلال فترة الانتداب البريطاني. وعُرفت العشائر العراقية بمشاركتها في الثورات والانتفاضات التي شهدها العراق تاريخياً.
عودة العرف العشائري
في ظل شعب مدجج بالسلاح مثل الشعب العراقي، له تاريخ طويل في خوض الحروب على مدى 50 عاماً، برزت مراكز قوى متنفذة تمثلها العشيرة، هيمنت على بقية السلطات لتصبح الركن الوثيق الذي يلجأ إليه الفرد حفاظاً على نفسه وكيانه من غياب القانون.
ويفسّر الدكتور فارس كمال نظمي، الباحث في مجال علم النفس، أسباب عودة العرف العشائري للهيمنة في العراق، على أنها انتكاسة لفكرة التطور الإنساني، معتبراً أن “المفارقة هي حدوث كل ذلك في ظل الدستور العراقي لعام 2005”. ويشير إلى أن الدولة “تمنع الأعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الإنسان”، إذ إن “الوقائع اليومية تشير إلى عجز عميق في وظيفة الدولة حيال تغول الطابع العشائري، خصوصاً في قضايا المرأة، إذ نشهد انتهاكاً شديداً لحقوقها في العمل والزواج والدراسة”.
تنافس سلطة القانون مع سلطة العشيرة
وتُعد العشيرة مؤسسة اجتماعية تؤمّن التواصل بين الناس والمساعدة في ما بينهم، ولا يمكن أن تكون قوة عسكرية قامعة تركن إلى قانونها الخاص. ويقول الباحث الأكاديمي، الدكتور أحمد عبد العال، بهذا الشأن إن “الدولة التي تبني مؤسساتها القانونية والاجتماعية بشكل صحيح ستحل مشكلات المواطن، وبالتالي لن تكون هنالك حاجة إلى (الفصل) أو اللجوء إلى العشيرة لأخذ الحق أو الحماية من الخطر”.
ويعتمد العنف العشائري على طبيعة ثقافة المجتمع وعلى سلطة القانون ومدى قوته وتأثيره الفاعل. وعادةً ما تتنافس سلطة القانون في المجتمع العراقي مع سلطة العشيرة، فكلما ضعفت سلطة القانون قويت سلطة العشيرة. المجتمع العراقي ذو أصول عشائرية، وقوة العشيرة تسود في ظل غياب سلطة القانون، لتسيير شؤونه ويركن الأمر إليها.
وتابع الباحث عبد العال “تحكم العراق أكثر من منظومة: الدولة، والمؤسسة الدينية، والعشيرة. هذه الكيانات موجودة منذ تأسيس الدولة العراقية حتى يومنا هذا. تتباين قواها ومراكز نفوذها، حسب الوضع السياسي العام، وعندما نقول سلطات ثلاث فنحن نقصد ذلك بالمعنى الحرفي، لأن لكل واحدة منها اقتصاداً مستقلاً، وقوة مستقلة، وقوانين مستقلة أيضاً. فعندما تظهر سلطة الدولة يخف تأثير السلطتين الأخريَين كما يحصل في الأنظمة القمعية والديكتاتورية. وعندما انهار النظام الديكتاتوري انهارت معه مؤسسات الدولة، وهيمنت سلطة المؤسسة الدينية والعشائرية. وفي فترة من الفترات أصبحت العشيرة أقوى من الدولة نفسها ومن المؤسسة الدينية ومن القانون”.
واستطرد عبد العال قائلاً “يمنع قانون الدولة إطلاق النار، ويحرمه الفقه الديني لأنه يتسبب بإزهاق الأرواح، وصدرت فتاوى كثيرة بهذا الشأن، لكن أبسط عراضة عشائرية لتشييع متوفى أو حفل زفاف، يرافقها مشهد لإطلاق النار وبمختلف الأسلحة، في تحدٍّ واضح لسلطتَي الدولة والمؤسسة الدينية”.
في المقابل، عقب الشيخ المحامي صادق عبد الحسن نصيف (شيخ عام قبيلة بني لام) بهذا الخصوص، أن “البصرة والعمارة تعانيان نزاعات عشائرية متكررة، تخلّف على أثرها ضحايا، بين قتلى وجرحى، لأسباب قد تكون اقتصادية، عبر فرض سيطرتها ونفوذها على الشركات الموجودة في أراضيها وتستخدم الأسلحة المتوسطة والثقيلة، ويصعب على الدولة فرض الأمن بشكل تام، لضعف السلطة التنفيذية إضافة إلى ثقافة المواطن البسيطة”.
ولا يختلف رأي القاضي سالم روضان الموسوي عما سبق، إذ يرى أن “السبب في تفاقم تلك الظاهرة هو ضعف الدولة بكل مفاصلها من دون استثناء، والدعم الذي تلاقيه تلك المجاميع العشائرية من بعض الأحزاب المتنفذة التي تملك فصائل مسلحة توظَّف تحت عنوان الدكة العشائرية”.
المحاصصة بين الجماعات السياسية
وتُعزى أسباب ازدياد حالات النزاعات العشائرية إلى ضعف السلطة التنفيذية التي تطبق القانون، ويصرح الباحث في مجال علم النفس، فارس كمال نظمي أن “ما يحدث في العراق اليوم من عودة الطابع العشائري للهيمنة على مجريات الحياة الاجتماعية والسياسية سببه فشل الدولة الوطنية في تحقيق الحماية والأمن والضبط الاجتماعي، نتيجة التقاسم المحاصصاتي بين الجماعات السياسية القابضة على السلطة بعد عام 2003، الذي حوّل الدولة إلى غنيمة للتقاسم من جهة، كما حوّل المكونات الاجتماعية إلى هويات سياسية متصارعة من جهة أخرى. كل ذلك تزامنَ مع نشاط اقتصادي ريعي طفيلي أعاد الاعتبار لفكرة العشيرة بسبب ضعف (أو غياب) النشاط الاقتصادي المنتج العابر للعشائر والأرياف والمدن”.
أسباب النزاعات العشائرية
من جهة أخرى، عزا الباحث الاجتماعي، عبد الواحد مشعل، أسباب اندلاع النزاعات العشائرية إلى “وقوع حالات تهديد أو ظلم على فرد أو جماعة مما يضطر البعض إلى اللجوء إلى عشائرهم، من دون القانون لعدم ثقتهم بعدالته. كما أن النزاعات في المناطق ذات الامتداد العشائري قد تكون أسبابها بسيطة، منها ما هو عائلي يخص المرأة من زواج أو طلاق أو خلافات على مستحقات مالية، أو بسبب نزاع على ملكية سيارة، أو ماشية. وتكثر النزاعات بسبب المشاجرة بين الأطفال، وغالباً ما يذهب أبرياء ضحية تلك النزاعات، التي تخلف وراءها سلسلة مطالبات بالثأر وتكون فتيل نزاع لا ينطفئ”.
وعلى خلفية هذا الموضوع تعلق الباحثة الاجتماعية، ندى العابدي، وتضيف أسباباً أخرى للخلافات العشائرية، إذ تقول إن “المجتمع العراقي غير مستقر وتوالت عليه حروب وهزات منعت الكثير من الشباب من الحصول على تعليم كافٍ، ونشأت عن ذلك أمية جديدة بين الشباب، كما خلَّفت ظروف الحرب عدداً كبيراً من العاطلين عن العمل، وأيتاماً وأرامل، كل تلك العوامل بالإضافة إلى حالات العنف التي يتعرض لها الشباب باستمرار، سواء من خلال القتل أو التهجير أو الانفجارات أو النزوح، وانتشار مشاهد القتل والعنف المتداولة في وسائل التواصل المتعددة، وحتى مشاهد العنف على مستوى الحياة العامة، كل ذلك يجعل من شخصية الفرد ممتلئة بالعنف، فيؤمن بالقوة كلغة سائدة. وطالما أن القانون غير قادر على حمايته، فقوته هي التي تصنع لنفسها مبرراً وقانوناً. وكذلك أسهم تعدد الأحزاب في العراق في استقطاب عدد كبير من الشباب ليصبحوا جزءاً منها، ما مكّنهم من حيازة السلاح”.
القانون أمام الخلافات العشائرية
وأوضح القاضي، سالم روضان الموسوي، أن “لا وجود وصف لجريمة اسمها نزاع عشائري، وإنما جرت العادة على إطلاق هذه التسمية على ردود الأفعال الجماعية تجاه فعل معيّن بذاته، فإن معظم جرائم القتل تواجَه باحتجاج من ذوي المجني عليه تجاه الجاني وذويه وعشيرته”. وأضاف أن “وجود نص قانوني يؤكد بأن كل فعل يقوم به الأشخاص يُعد جريمة إذا كان يجرّمه القانون، مثالاً على ذلك فعل إزهاق روح إنسان، فإن القانون وصفه بأنه جريمة قتل وفقاً لأحكام المادة 405 وما بعدها، من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل”.
واستطرد “فإذا كان فعل القتل تم بواسطة شخص واحد أو عدة أشخاص فإنه فِعل قتل يعاقب عليه القانون، من دون الالتفات إلى ما إذا كان الفعل من جراء نزاع عشائري أم نزاع فردي، وهو جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات شديدة وكذلك فعل التهديد فإنه جريمة يعاقب عليها القانون، سواء قام شخص بعينه أو جماعة تمثل عشيرة أو أي تجمع بشري فإن الفعل يشكل جريمة يعاقب عليها القانون”.
نصّ عليه الدستور ولم يصدر بقانون
وذكر الموسوي أن “قانون العشائر بقي قائماً إلى حين قيام ثورة عبد الكريم قاسم، ولم يصدر بعده أي قانون، إلا أنه في عام 2005 ورد في الدستور العراقي في المادة 45 الفقرة الثانية منه: تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية وتهتم بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون، ويعزز قيمها الإنسانية النبيلة بما يساهم في تطوير المجتمع ويمنع الأعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الإنسان. هذا نص في الدستور، وقد ذكره المشرع العراقي، ولم يصدر أي قانون حتى الآن ينظم شؤون العشائر العراقية”.
وعلق الشيخ العام، شياع جاسم محمد الحسن، شيخ عشيرة البهادلة، عضو لجنة حل النزاعات في مديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية، قائلاً “لم تولِ الدولة أهميةً لهذا الأمر، بينما نحتاج إلى الصرامة في توجيه الحساب والمعاقبة، وكان من الأجدى تسليم السلاح إلى الدولة كي يعيش المواطن بأمان، فالمواطنون لا يشعرون بالراحة بسبب حالات النزاع والرمي العشوائي التي تتسبب بخسائر في الأرواح وسقوط ضحايا من الأطفال والنساء والرجال، والسلطة التنفيذية بعيدة ولا تصغي لرأي أحد وهذه مسؤولية الدولة، أما نحن كعشائر فلدينا ضوابط تمنع إطلاق النار وتمنع الدكات العشائرية، ومن جانبنا يُحاسب عليها الفاعل ويؤدَّب”.
ومن وجهة نظر علم الاجتماع، قال الباحث الاجتماعي، عبد الواحد مشعل، إن “العشيرة فقدت بنيتها السياسية مع إلغاء قانون العشائر في عام 1959، وأصبحت بنية اجتماعية تؤدي واجباتها بصفتها مجتمعاً أهلياً، إلى أن جاء التغيير في عام 2003 فعادت العشيرة إلى المشهد العراقي ووصل الأمر تدريجاً لأن تعيد بنيتها السياسية، ولكن ليس بالصيغة الأصلية للعشيرة التقليدية، إذ ضاعت سنن عشائرية عدة وارتقى مشيخة العشيرة متطفلون لا يفقهون كثيراً بأصول العشائر، فأصبح النزاع ينشب بأي لحظة ولأي سبب، وإن كان غير منطقي”.
يجيز القانون العراقي احتفاظ كل أسرة عراقية بقطعة سلاح خفيفة بعد تسجيلها لدى السلطات المعنية، غير أن العراقيين يحتفظون بموجب الأعراف القبلية بكثير من الأسلحة في منازلهم، بينها في بعض الأحيان قذائف صاروخية. ويرى الباحث الأكاديمي، أحمد عبد العال، أن في “كل نزاع أو جريمة أو حادثة قتل جنائية أو إرهابية تجد قبالتها ثلاثة أنواع من العقوبات: دية شرعية، أو حكماً جنائياً، أو فصلاً عشائرياً. وأي نزاع عشائري يبدأ من خرق واحدة من هذه التراتبية. إذ تمتلك بعض العشائر الملايين من قطع السلاح، وأطناناً من العتاد والذخيرة، وأبسط نزاع يبدأ من إطلاق مسدس مروراً بالأسلحة المتوسطة والثقيلة”. وأصبحت مشاهد الاشتباك بهذه الأسلحة “طبيعية”، يمكن ملاحظتها في كل محافظات العراق وصولاً إلى قلب العاصمة بغداد.
ولأن العشيرة منظومة اجتماعية فمن الطبيعي أن نجد بين أفرادها العالِم والطبيب وأستاذ الجامعة، ومن الطبيعي أن نجد بين أفرادها منتسباً عسكرياً يحمل سلاح الدولة ليقاتل به باسم العشيرة.
الدكة العشائرية
تطور موضوع “الدكة العشائرية” وصدر بيان طلب من قضاة التحقيق تطبيق قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لعام 2005 في هذا الشأن، بسبب قلق المواطنين وتعرض حياتهم للخطر. لذا بدأ قضاة التحقيق بتكييف هذا الموضوع مع قانون مكافحة الإرهاب، من خلال مادة عقابية يصل حكمها إلى السجن المؤبد أو الإعدام أحياناً، للحدّ من استفحال موضوع الدكّات العشائرية، وفق ما أكده شيخ عشيرة لام. وأضاف “لا يلجأ الشيوخ الأصلاء إلى الدكة العشائرية وهو موضوع حُرِّم (بين الشيوخ أصحاب الحظ والبخت). وذلك حتى قبل صدور قانون مكافحة الإرهاب، لأنها ترهب الطفل والمرأة والمريض، ويجري هذا العرف في الريف بإطلاق نار في الهواء تنبيهاً للعشيرة بعد إرسال الوسطاء، فإن لم يستجيبوا يبدأ طالب الحق بإطلاق النار للتنبيه فقط، وتتدارك العشيرة الأمر بالسرعة الممكنة. ويطبق شيوخ العشائر القانون وسيادته ضد هذه العملية”.
أما القاضي الموسوي فتحدث عن إسهام مجلس القضاء الأعلى الذي “أصدر إعماماً اعتبر فيه الدكة العشائرية بمثابة جريمة إرهابية، وفقاً لقراره المتخَذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 سعياً منه للحد من هذه الظاهرة”.
تسييس العشائر
واخترقت الأحزاب الإسلامية الحاكمة البنى العشائرية لتستثمرها في توطيد سلطتها، سواء عن طريق الانتخابات أو عن طريق الهيمنة السياسية والاجتماعية المباشرة، فتحولت العشيرة من بنية يجمعها رابط النسب والدم إلى بنية سياسية اقتصادية مؤطرة بنزعة دينية أو طائفية معينة. وهذا ما يفسر الانتشار الهائل للسلاح لدى العشائر، وتحولها إلى قوة منافسة لمؤسسات الدولة الأمنية بل متسلطة عليها في حالات كثيرة.
في السياق، علّق الدكتور نظمي على تطور نظام العشيرة واستثماره سياسياً وتغلغلها في مفاصل المؤسسات أن “الأحزاب الدينية هادمة لفكرة الدولة الوطنية، وتستثمر العشيرة لمصالحها، إذ أصبحت العشيرة تشجب سلاح بعض التنظيمات السياسية الدينية، التي تمارس دوراً سياسياً علنياً من جهة ودوراً مسلحاً غير معلن عبر تغلغلها في نسيج العشائر وتحويلها إلى بنية حامية لها”.
نفاذ القانون من دون محاباة
بسبب انفلات الوضع الأمني، أثّرت النزاعات في السلم المجتمعي، ما حمل المواطنين الذين بدأوا يشعرون بالقلق إلى اللجوء إلى العشيرة كوسيلة للحل. وعلى أثر ذلك وردت في بيانات مراكز الشرطة، آلاف الحوادث، منها الاغتصاب والطعن والتهجير وقد تصل إلى القتل، ناهيك بـ”جلسات الفصل” والديات التي أصبحت مرهقة للمجتمع، وهي عادات وأعراف سيئة سببها قلة الثقافة والوعي.
ورأى الموسوي أن “الحل الأمثل لهذه الأزمة الأمنية بأن تنهض الدولة بواجباتها في فرض القانون وإنفاذه على الجميع من دون محاباة، إضافة إلى حصر السلاح بيد الدولة، وتطبيق القانون عبر الأحكام القضائية الرادعة”. ويشدد على أن “ما هو موجود لغاية الآن لم يشكل أي ردع جاد يحد من الظاهرة، التي تنتشر في مراكز المدن بعدما كانت في المناطق الريفية والبعيدة عن مراكز المدن الحضرية”.
وأضاف أنه “يبقى للمحكمة من خلال قضاتها سلطة تقدير جسامة فعل التهديد بواسطة المجموعات العشائرية وحسب ظروف كل قضية. وصدرت أحكام باعتبار تلك الأفعال جرائم إرهابية وتُطبّق عليها أحكام المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لعام 2005، بينما نجد أحكاماً أخرى تعتبرها تهديداً اعتيادياً وتطبق عليها أحكام المادة 430 وما يليها من قانون العقوبات النافذ”. فالعشائر في العراق فقدت بنيتها السياسية مع إلغاء قانون العشائر في عام 1959، وأصبحت بنيةً اجتماعيةً تؤدي واجباتها بصفتها مجتمعاً أهلياً حتى جاء التغيير سنة 2003، فعادت العشيرة إلى المشهد العراقي ووصل الأمر تدريجاً لأن تعيد بنيتها السياسية، ولكن ليس بالصيغة الأصلية للعشيرة التقليدية.
المصدر: اندبندنت عربية