المجتمع الرأسمالي المعاصر يتسم بالصفات التالية:
نقل الصناعات بانواعها الثقيلة والمتوسطة والخفيفة من البلدان الراسمالية الى الصين وبعض البلدان النامية .
هذا ما ادى لتحويل المجتمع الراسمالي الى مجتمع خدمات ( اقتصاد البنوك والاسواق التجارية).
و هذا ما ادى الى الغاء الطبقة العاملة في البلدان الراسمالية و لم يعد للطبقة الرأسمالية الحاكمة اي تحد.
لم يعد هناك وجود للديمقراطية لان كل الاحزاب متماثلة في برامجها ما عدا فوارق طفيفة يتم تضخيمها قبيل الحملات الانتخابية و يقوم الاعلام بتوجيه الراي العام لانتخاب حزب ما و كل قيادات هذه الاحزاب هي واجهة للمصالح الراسمالية الكبرى و هم ليسوا حكاما بل ممثلين لمصالح اصحاب الثروات الكبرى مثال ذلك عندما نجح توني بلير على راس حزب العمال البريطاني ( اليساري ) قام بسياسات اكثر يمينية من سابقته مارغريت تاتشر المحافظة .
بعد الغاء غطاء الذهب على العملات اصبح البترو- الدولار هو العملة العالمية الرئيسية و تقوم امريكا بطبع تريليونات من هذه العملة الورقية التي لا قيمة لها الا بالهيمنة العسكرية شبه المطلقة على العالم و هذا ما يمكن امريكا ( و هي اكبر دولة مَدينة بالتاريخ ) بتخطي ازماتها الاقتصادية بطبع الدولارات دون اي حساب او رادع و على الدول النفطية و باقي دول العالم تغطية هذا الاستنزاف من ثرواتها و مواردها .
بعد تخطي عقبة غطاء الذهب للعملات بدأ الالغاء التدريجي للعملات الورقية و استبدالها ببطاقات الائتمان لتتحول الثروات الى ارقام في حسابات البنوك و بالتالي يسهل التحكم في ثروات الافراد و الشعوب الاخرى من خلال التحكم باسعار عملاتها في عمليات المضاربة التي تحصل في بورصات العالم مما يمكن الدول الغنية من خلق الازمات الاقتصادية في اي بلد في العالم كما حدث سابقا في ماليزيا على سبيل المثال .
تحول العالم الى دول غنية تزداد غنى و شعوب فقيرة تزداد فقرا بسبب حكامها الذين فرضوا عليها من قبل الدول الغنية و الذين يقومون بضخ ثروات هذه البلاد ( الفقيرة ، الغنية بثرواتها ) الى البنوك الغربية مقابل بقائهم بالحكم اطول مدة ممكنة الى ان يصار الى استبدالهم بحكام آخرين عندما تقتضي الضرورة .
هيمنة منطق القوة في العلاقات الانسانية و الدولية و لم يعد هناك مكان للعدل او المساواة كي تستطيع امريكا على سبيل المثال التعامل مع منظمات صنفتها سابقا منظمات ارهابية او دعم الحكام الديكتاتوريين و الاطاحة بالانظمة الديمقراطية و التآمر على ثورات الشعوب المطالبة بالحرية و الديمقراطية اذا اقتضت مصالحها ذلك .
توقف الاغنياء عن قتال بعضهم و اصبحت الحروب بينهم تدار بالوكالة بواسطة الدول النامية و التي هي في كل الاحوال سوق السلاح لشركات السلاح الكبرى .
حصول تغييرات ديمغرافية هائلة في العالم و يجري تحريك و تهجير و ابادة الملايين من البشر و تفتيت دول و مجتمعات و خلق دول جديدة في ظل سياسة الفوضى الخلاقة .
صعود الشعبوية و العنصرية في المجتمعات الغربية مما يطلق رصاصة الرحمة على ما تبقى من الديمقراطية و حقوق الانسان في هذه البلدان .
هيمنة الاسلاموفوبيا على الخطاب الغربي لتتحول الى ممارسات منهجية و خطاب مقبول من قبل الراي العام الغربي الذي اقتنع بان الاسلام دين الارهاب مع ان العكس هو الصحيح و تقوم مخابرات الدول الغربية بخلق منظمات اسلامية متطرفة مثل القاعدة و داعش التي تقوم بعمليات ارهابية عند الطلب بما يخدم المصالح الغربية او تقوم بتبني عمليات ارهابية تقوم بها مجموعات محلية مرتبطة باجهزة المخابرات الغربيةً.
خلق الازمات العالمية بشكل منهجي و مستمر ابتداء من كذبة الميلينيوم قبيل عام ٢٠٠٠ و التي كلفت البشرية عشرات المليارات انتهت في حسابات شركات الكمبيوتر الكبرى الى كذبة 11/9 والى كذبة انفلونزا الطيور و انفلونزا الخنازير حيث باعت شركة ادوية يملكها دونالد رامسفيلد مضادات لفيروس انفلونزا الطيور بعشرات المليارات من الدولارات لم يتم استخدامها و جرى اتلافها لاحقا بعد انقضاء مدتها .
ظهور شركات كبرى في العالم تقوم على الخدمات في العالم الرقمي مثل امازون و اوبر و غيرهما و كذلك ظهور العملات الرقمية التي لا وطن لها و لا اقتصاد يدعمها، فهي عملات في العالم الافتراضي الوهمي استطاعت ان تجد لها مكانا في اسواق البورصة .
هيمنة العلاقات الاجتماعية في العالم الافتراضي على العلاقات الاجتماعية الحقيقة مما يؤدي الى انهيار علاقات الاسرة و المجتمع و قد عززت ازمة الكورونا هذا التوجه و اصبحت هناك احتفالات و مظاهرات و مؤتمرات افتراضية و حتى احزاب افتراضية .
تناقص عدد الافراد في المجتمعات الغربية بسبب تنامي النزعات الفردية و ثقافة الرفاهية التي لا تناسبها الالتزامات الاسرية و مسؤوليات تربية الاولاد و تزايد العلاقات المثلية مما ادى الى شيخوخة هذه المجتمعات و اعتمادها على استقبال مهاجرين شباب من الدول النامية سواء كانوا يدا عاملة او بكفاءات عالية و ذلك لتغطية العجز في عدد السكان بنفس الوقت كسب هؤلاء المهاجرين كشباب اصحاء لم ينفقوا على تربيتهم و لا على تعليمهم و هذا ما سوف يؤدي الى تنامي العنصرية و الشعبوية في هذه البلدان .
هذه ملامح من المجتمع الغربي ما بعد الحداثة و كل فقرة منها هي مجال واسع للبحث و الدراسة .
الصورة قاتمة جدا و تدعو لليأس فيما يتعلق بالبلدان النامية فهي ما زالت البقرة الحلوب التي يهيمن عليها حكام مأجورون يستنزفون ثروات البلاد الى البنوك الغربية و تخسر خيرة ابنائها في الهجرة الى البلاد الغنية . و تقدم ابناءها الى محرقة الحروب بالوكالة و محرقة التغييرات الديمغرافية .