واكب الحصار والقصف من قبل النظام الأسدي وفرقته الرابعة وميليشياته الطائفية، على درعا البلد وأهلها، مافعله ويفعله هذا النظام الفاشيستي منذ أن تم توقيع الإتفاق البروتوكولي بشأن إدلب في 5 آذار/ مارس 2020، وحتى الآن مرتكبًا المزيد من المجازر والدمار، ليس آخرها ما ارتكبت أيديه الآثمة من مقتلة بحق أطفال (قسطون)، ما قبلها وما بعدها.
فقد جاءت العملية الارهابية للنظام الممنهجة والمبرمجة بحق أهالي درعا، ضمن عملية اختراق وانتهاك لاتفاق الجنوب الموقع في حزيران / يونيو 2018، بضمانة ورعاية روسية أميركية أردنية، وسط حالة من الفُرجة الفاقعة، والفاجرة من قبل الأميركان أولًا والنظام الأردني، ناهيك عن التواطؤ الممارس من قبل الراعي الأساسي للاتفاق وهم الروس، حيث مايزالون يداورون ويسوفون بدعوى أنهم لا يستطيعون لجم الطاغية عن فعلته بحق أهالي درعا، والجنوب السوري، بينما يتابع الأميركان فُرجتهم، المتساوقة مع تصريحات خافتة لاتثمن ولا تغني من جوع.
ولعل الاستنتاجات المستفادة من هذه المقتلة المستمرة في درعا وإدلب، يمكن حصرها في عدة نقاط وحيثيات مابرحت ماثلة أمام الجميع، ضمن حالة وعي وإدراك لما يجري، ومايمكن أن يجري في قادم الأيام ومنها:
_ أن الأميركان وهم الذين كانوا معنيين جدًا باتفاق الجنوب ومتعجلين على إنجازه، ومشجعين عليه، ووقف الدعم العسكري بكليته عن ثوار الجنوب ، كانوا يستهدفون بذلك وصول النظام السوري إلى حدود فلسطين المحتلة، ومن ثم حماية أمن اسرائيل، وهو المسار الاستراتيجي الأهم في سياستهم تجاه المنطقة برمتها. ولأن أمن اسرائيل مضمون بضمانة الحفاظ عليه من قبل نظام (الممانعة) منذ اتفاق فض الاشتباك الموقع بين نظام حافظ الأسد وإسرائيل عام 1974. حيث أثبتت الأيام أن النظام الأسدي هو الأكثر ضمانة في حماية أمن أسرائيل، عبر دوره الوظيفي سيء الصيت.
_ كذلك فإن مسار أستانا الذي صمتت عنه أميركا واخترعته روسيا منذ بداياته في محاولة منها لتجميد مسار جنيف المعترف به أمميًا، والذي كان يسير كما هو مفترص في أتون القرارات الأممية التي تؤدي إلى الانتقال السلمي في سورية، هذا المسار الذي دأب على قضم الأراضي السورية، ومنها منطقة الجنوب/درعا وتسليمها للنظام السوري، كمنطقة خفض تصعيد، كما كانوا يسمونها، فقد كان المسار بحد ذاته لغمًا روسيًا أسديًا إيرانيًا، بمثابة حقنة مهدئة تمهيدًا لإعادة كل الجغرافيا السورية إلى حضن، ليس سورية، بل حضن الطاغية الأسدي، وهو ماتم في ريف دمشق، وريف حمص، وريف درعا، وصولًا إلى كل درعا، حتى لوكانوا ضامنين له، وينص أن يبقى السلاح الفردي بأدي الثوار، لعدم الثقة بكل اتفاقات النظام من قبل السوريين، الذي أدركوا عبر تجاربهم معه أنه لاثقة فيه، ولاضمانة له، ولا مصداقة، لا في الحرب ولا في السلم.
_يضاف إلى ذلك أن بعض النظم العربية، ومنها نظام الملك عبد الله/ ملك الأردن كان قد جاءنا بمبادرة وضعها بين أيدي الأميركان مفادها: أنه لابد من إعادة تأهيل النظام السوري، ليمتلك الإمكانية في إعادة دخوله حظيرة الجامعة العربية من جديد، ونسيان كل الدمار والقتل والإعتقال الذي قام به ضد الشعب السوري الثائر، والذي تجاوز المليون شهيد ونيف. ويبدو أن النظام السوري قد وصلته الرسالىة غير المباشرة، من أن الأميركان قد يوافقون على هذه المبادرة، ليقتنص الفرصة مع رعاته الروس والإيرانيين، ويمارسوا الحصار والقتل بحق أهل الجنوب.
_ علاوة على ذلك فإن تجربة انتهاك الهدنة والإتفاق البروتوكولي بما يخص إدلب، وبوجود ضامنيه الاثنين الدولة التركية والإتحاد الروسي، وعدم الرد المناسب ضد الإجرام الأسدي المرتكَب يوميًا ومنذ 5 آذار/ مارس 2020 وحتى الآن، قد يوحي بإمكانية متابعتة عدوانه في غير مكان من سورية، في محاولة مستمرة لاستفزاز الإخوة الأتراك، وإنجاز أفعال سياسية وعسكريتارية، في الشمال الغربي من سورية، لأسباب وضغوط ومصالح روسية، حيث أضحى النظام السوري ألعوبة فيها وعبرها.
كل ذلك وغيره مما أردركه السوريون واستفادوا من دروسه، أوصلهم إلى نتيجة باتت ماثلة أمام أعينهم توحي بأن لا أمان لهذا النظام مطلقًا، وأن الاتحاد الروسي هو دولة احتلال كولونيالي بكل تأكيد لا أمان فيها ولا معها، وأن الإيرانيين أصحاب مشروع فارسي طائفي للمنطقة برمتها، تهمهم سيطرة النظام السوري على كامل الجغرافيا السورية، وهو أي هذا النظام مطيعًا لكل سياساتهم في المنطقة وأداة من أدواتها، وإن مسار أستانا ساقط ويسقط معه أي معارض سوري يمشي في ركابه، لأنه يؤدي إلى غير ماقام من أجله الشعب السوري وضحى على مذبح الحرية من أجله.
ويبقى القول: إن إرادة الشعب السوري في درعا وإدلب وكل المناطق التي مازالت ثائرة ضد الفاشيست الأسدي وأعوانه، لابد من أن تعتمد على نفسها بعد الإعتماد على الله، وتُوحد أجنحتها العسكرية والسياسية، مع بقاء حالات التعاون مع الأصدقاء، كتركيا وبعض الدول العربية والأجنبية، وصولًا إلى إنجاز الحرية والكرامة المبتغاة، وليس ذلك من الصعوبة بمكان إذا عرف السوري كيف يسير في طريقه.
المصدر: اشراق