تعيش مناطق سيطرة النظام السوري، أخيراً، حالة التذمر الشعبي ودعوات للاحتجاج والإضراب، فيما صدرت مؤشرات ارتباك لدى حكومة النظام الجديدة التي أعلنت إلغاء قرارات خاصة بتوزيع الخبز بعد ساعات فقط من صدورها.
وتراجع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الجديد في حكومة النظام عمرو سالم عن قراره بإلغاء الآلية الجديدة لتوزيع الخبز (توطين الخبز)، بعد ساعات من إعلانه إيقاف العمل به.
وقال سالم عبر صفحته في “الفيسبوك”، أمس الخميس، “احتراماً للدستور الذي يمنع اتخاذ القرارات قبل أداء القسم فإن التوطين ما يزال قائماً”.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة لحكومة النظام قد قررت توزيع رغيفين وثلث الرغيف لكل شخص يومياً، ابتداءً من 27 يوليو/ تموز الماضي. وتقوم الآلية الجديدة على تقسيم الأسر إلى شرائح بحسب عدد الأفراد، ويحق للشخص الواحد وفق القرار الحصول على ربطة خبز واحدة تحتوي على 7 أرغفة كل 3 أيام، بمعدل رغيفين وثلث يومياً.
وقال الوزير سالم إن “الوزارة تبحث الحل الشامل للخبز مع مجلس الوزراء وسيتم إعلانه فور الانتهاء منه”.
وكان مواطنون في جبلة بريف اللاذقية شمال غربي البلاد قد قطعوا صباح أمس الخميس الطرقات وأشعلوا النيران احتجاجاً على الآلية الجديدة لتوزيع الخبز التي فرضتها حكومة النظام. ويشتكي الأهالي من عدم حصولهم على مخصصاتهم اليومية، أو الحصول عليها بوزن ناقص، ونوعية سيئة.
وذكرت صحيفة “الوطن” الموالية أن “الشكاوى تركزت حول عدم وصول الرسائل (على الهاتف الجوال) لكثير من المواطنين، وبالتالي عدم حصولهم على الخبز من المعتمدين، في الوقت الذي أعيدت فيه الكميات إلى الأفران من قبل معتمدين لم يتمكنوا من بيعها لعدم وصول الرسائل للمواطنين أو عدم تفعيل البطاقات”.
ومع تقلص قائمة المواد الغذائية المستوردة والمدعومة بسعر البنك المركزي، بدأ نظام بشار الأسد ببيع كثير من المواد عبر البطاقة الذكية مثل السكر والأرز والخبز.
واحتجاجاً على هذه الأوضاع، دعا ناشطون في مدينة السويداء لتجديد التظاهر والاحتجاج السلمي. وأطلق شباب في المدينة صفحة عبر موقع “فيسبوك”، أمس الخميس، حملة باسم “خنقتونا”، لتنظيم تظاهرات سلمية في المدينة، وسط حالة من الغضب الشعبي تشهدها المدينة بسبب تردي الأوضاع المعيشية والأمنية، مع عدم وجود أي نوع من بوادر الحل.
وكانت مدينة السويداء قد شهدت مطلع عام 2020 تظاهرات شعبية تحت شعار “بدنا نعيش”، حمّلت حكومة النظام السوري مسؤولية تدهور الوضع المعيشي وطالبت بإسقاط النظام.
كما أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للإضراب والتظاهر في مدينة حلب شمالي البلاد، والتي تعاني من انتشار المليشيات التابعة للنظام وإيران، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية.
وقال ناشطون إنّ “الإضراب بدأ الثلاثاء الماضي وسوف يتوج، اليوم الجمعة، بتظاهرات احتجاجية على حالة التفقير التي ينتهجها النظام بعدما رهن مُقدّرات البلاد لإيران وروسيا، فضلا عن عمليات السلب المُنظم التي تقوم بها المليشيا التابعة له، في كافة المدن السورية”.
وتشهد مدينة حلب العاصمة الاقتصادية لسورية انتشاراً مكثفاً لحواجز “الفرقة الرابعة” والمليشيات الإيرانية، التي تعمل على فرض الضرائب والإتاوات على التجار وحركة النقل، وإلزام المدنيين بدفع مبالغ مالية للسماح لهم بالتنقل والدخول والخروج من المدينة.
وقال ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إن “موظفي الرقابة والتموين نظموا مخالفات للمحلات التي أغلقت الثلاثاء الماضي، فيما انتشر بعض عناصر الأفرع الأمنية لإيقاف أي تظاهرات محتملة”.
وذكرت صفحة “ثورة الجياع في حلب” أن عناصر الجمارك والأفرع الأمنية يفرضون إتاوات على التجار ويضيقون عليهم، بهدف دفعهم للرحيل عن المدينة، وإخلائها لصالح المليشيات الإيرانية، التي تهيمن على المدينة.
وذكر الناشط محمد الحمادي، لـ”العربي الجديد”، أن سكان المدينة، “على غرار المناطق الأخرى، يعانون من نقص حاد في جميع مقومات الحياة، بما في ذلك مادة الخبز والمحروقات والكهرباء وحليب الأطفال، وشح المواد الغذائية وارتفاع أسعارها”.
وأضاف أن ما فاقم من التذمر الشعبي “تسلط أجهزة النظام ومليشياته على الأهالي والتجار عبر محاولة تحصيل الأموال منهم بكل الطرق غير المشروعة”.
وتتصدر سورية قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم، إذ يعيش تحت خط الفقر 90% من السوريين، بحسب منظمة الصحة العالمية.
من جهة أخرى، أصيب أكثر من 300 شخص بحالة تسمم، في بلدة كناكر غربي دمشق، خلال الأيام الثلاثة الماضية، بسبب تلوث مياه الشرب، في ثاني حادثة من نوعها تشهدها البلدة خلال نحو 6 أشهر، بحسب شبكة “صوت العاصمة” الإخبارية.
وقالت الشبكة، أمس الخميس، إن “الفحوصات الطبية أكدت إصابة جميع الأشخاص بالتهاب الأمعاء والتسمم” حيث تلقى بعضهم العلاج في البلدة، ونحو 10 حالات نُقلت إلى مستشفيات دمشق لشدة خطورتها.
وأوضحت أن جميع حالات التسمم سببها تلوث المياه الرئيسة في البلدة، مشيرة إلى أن الأهالي قدموا شكاوى لمدير وحدة المياه في مدينة سعسع المجاورة، ولكن دون استجابة.
ولفتت الشبكة إلى أن محافظة ريف دمشق أرسلت وفداً للبلدة، والذي وعد بتقديم الرعاية الصحية للمراكز والمستوصفات هناك، دون أن يُحدد أسباب حالات التسمم.
وكان قد أصيب في وقت سابق أكثر من 300 بالتسمم المعوي في منطقة وادي بردى، بسبب تلوث مياه الشرب.
المصدر: العربي الجديد