يسود الجدل في الأوساط القانونية السورية المعارضة، على خلفية قيام الائتلاف السوري بالكشف عن مجموعة مستندات مسربة تثبت تورط مؤسسات النظام المدنية والعسكرية والأمنية بالجرائم المرتكبة بحق المعتقلين في سجون النظام، في مدينة حمص.
ومرد الجدل، تحذير جهات حقوقية من احتمالية قيام النظام بطمس معالم الجريمة، من خلال تجريف مكان المقابر الجماعية التي حددتها الوثائق.
وكان الائتلاف السوري، ممثلا برئيسه نصر الحريري، قد كشف عن مستندات بحوزته تحمل اسم “فيكتوري”، تفضح آليات الدفن في المقابر الجماعية، كأدلة جديدة على جرائم الإبادة الجماعية في سجون الأسد.
وحسب رئيس الائتلاف، فإن الوثائق الرسمية والممهورة بأختام رسمية وصلت مؤخرا من شخص كان شاهدا ومنفذا لجزء يتعلق باستلام ونقل الجثث، وكثير من الممارسات اللاإنسانية والعنصرية والطائفية من قبل عناصر في المشفى بمن فيهم مدير المشفى والقيادة السياسية والأمنية في محافظة حمص.
وأوضحت الوثائق كيف كان النظام يقوم بدفن الآلاف من الجثث في مقابر جماعية منها “تل النصر”، دون تسليمها لذويها أو حتى إخبارهم بذلك وإعطاء الجثث أرقاما فقط دون ذكر أسباب الوفاة لإخفاء حقيقة مصير آلاف المعتقلين.
وخلال مؤتمر عقده الحريري للكشف عن هذه الوثائق، قال إن المستندات المسربة تؤكد تورط مؤسسات تابعة للنظام بتصفية 5210 معتقلين ما بين عامي 2012 – 2014.
وأضاف الحريري أن هذه الوثائق تجاوز عددها الـ300 وثيقة، وتضم 400 اسم لقتلى موثقين بالاسم، معتبراً أن هذه الجرائم المرتكبة من قبل النظام تكاد تكون غير مسبوقة في التاريخ، وقد تساهم في قانون “قيصر” الأمريكي لحماية المدنيين في سوريا.
من جانبه، أكد رئيس المكتب القانوني لـ”فريق توثيق أحداث الثورة السورية”، المحامي أحمد الموسى، تقديم الفريق للوثائق ذاتها التي كشف عنها الحريري، للجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، في العام 2019.
وقال لـ”عربي21″، إن ما قام به الائتلاف يؤثر حكما على الجريمة، لأن الكشف عنها على العلن هو بمثابة تنبيه للنظام، الذي سيبدأ بطمس الحقائق، عبر تجريف المقبرة الجماعية في تل النصر في حمص.
واعتبر الموسى، أن الأجدر بالحريري أن يطلب لقاء المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، وأن يضع الملف المذكور بين يديه وليس للإعلام، وخصوصا أن الجرائم الموثقة توازي الجرائم التي أدت إلى إقرار قانون “قيصر”.
ووفق المحامي، فإن الحريري يهدف إلى تحقيق انتصار إعلامي يسجل باسمه، مع انتهاء فترة ولايته في رئاسة الائتلاف.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي، درويش خليفة، مع الموسى في تفسيره للأسباب التي دفعت بالحريري إلى الكشف عن الوثائق على الإعلام، ويقول: “الواضح أن الحريري يخطط من وراء نشره لوثائق مشفى حمص، وهو على أبواب خروجه من الائتلاف، لأن يستعرض سياسياً”.
وأضاف لـ”عربي21″، أن هذا الاستعراض لا يقدم ولا يؤخر عند السوريين، وكان مطلوبا منه (الحريري) وهو يغادر مكتب رئاسة الائتلاف أن يودع أنصار الثورة متوجها لهم بخطاب عفوي يتضمن إنجازاته وإخفاقاته.
في المقابل، قال عضو “الهيئة السياسية” في الائتلاف، محمد يحيى مكتبي، إن وثائق “فيكتوري” تدين النظام بشكل قاطع، وهي تشرح طبيعة الإجرام في نظام الأسد.
وأضاف لـ”عربي21″، أن هذه الوثائق والوثائق السابقة تؤكد أن جرائم النظام السوري عصية على التستر، مشدداً على أنه “لن تمر هذه الجرائم دون حساب”.
وقال مكتبي، إن الوثائق (فيكتوري)، تمثل أدلة إضافية على جرائم النظام، وسيكون لها دور كبير لمنع إفلات النظام من العقاب.
واختتم عضو الائتلاف، بالتأكيد على أن الوثائق صارت بعهدة المجتمع الدولي، مطالبا الأخير بتحويل القضية والقضايا السابقة إلى محكمة الجنايات الدولية، وتفعيل آلية المحاسبة.
المصدر: عربي21