ضيف مركز حرمون للدراسات المعاصرة، في هذه الفسحة الحوارية، هو المعتقل السياسي السابق الكاتب أسامة العاشور، وهو ناشط سياسي ومدني ونِسوي مستقلّ، انتسب إلى “الحركة السياسية النِسوية السورية”، عند تأسيسها في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، وهو عضو في منظمات نسوية عدّة. وانتُخِبَ في عام 2019 في لجنة التنسيق والمتابعة لـ “شبكة المرأة السورية”. وكان أن شارك في فعاليات “ربيع دمشق” و“لجان إحياء المجتمع المدني” في حلب، و“إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي”، وانضم إلى ركب الثورة السورية عند انطلاقتها، مشاركًا في “تنسيقيات” المدينة والجامعة، لتفعيل الحراك السياسي السلمي 2011، كما شارك -آنذاك- في إنشاء “مبادرة أهالي حلب”، لتوفير الخدمات الأساسية لأهالي المدينة المنكوبة وإغاثة النازحين إليها من القرى والمدن المجاورة، ثم شارك في تأسيس منظمة “أحفاد الكواكبي”، لإعطاء زخم أكبر للعمل المدني والسياسي والإعلامي والإغاثي في حلب. وفي الشهر السادس من عام 2012، شارك في تأسيس منظمة (بلد) بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري. وفي منتصف آب/ أغسطس 2012، شارك في اللجنة التحضيرية لـ “مؤتمر حريتان للقوى المدنية”، الذي أقرّ تحويل “التنسيقيات” إلى “مجالس محلية” يتوافق عليها الأهالي، والعمل لإعادة تأهيل البنى التحتية، وجمع وتوزيع المساعدات الطبية والإغاثية. وفي أيار/ مايو 2013، اعتقله جهاز الأمن السياسي في حلب، على خلفية نشاطه المدني والسياسي، وأفرجَ عنه بعد حوالي شهرين في تمّوز/ يوليو 2013.
ضيفنا ولد في مدينة حلب عام 1960، وعاش شطرًا من يفاعته وشبابه في مدينة الحسكة. دخل كلية الزراعة في جامعة حلب عام 1977، ولكنه تخفى قبل إنهاء دراسته فيها، بسبب ملاحقته أمنيًا أواخر عام 1981، واعتُقل عام 1982، وحُرم من حقوقه المدنية. خرج من معتقلات الدكتاتور حافظ الأسد عام 1998، بعد قضاء ستة عشر عامًا ونيف في المعتقل، ليعود مباشرة إلى مقاعد الدراسة الجامعية، ويتخرج من كلية الزراعة في جامعة حلب عام 1999.
لجأ إلى تركيا في عام 2013، ثم سافر إلى ألمانيا 2014، ويعمل حاليًا مع الصليب الأحمر الألماني، لمساعدة اللاجئين السوريين والعرب. وهو عضو ناشط في “تنسيقية فرانكفورت” دعمًا للثورة، وعضو الأمانة العامة ورئيس اللجنة السياسية في تجمّع “مستقلو قوى الثورة والمعارضة”، بالإضافة إلى نشاطه المدني والسياسي في التجمعات الوليدة بعد الثورة في منفاه الألماني. وينشر مقالاته في المنابر والمواقع الإعلامية الإلكترونية السورية السياسية والنسوية. ويشتغل الآن على مشروع مقارن بين الحركة النسوية العربية والحركة النسوية الغربية. وأسهم في تحرير كتاب «رياض سيف (سيرة ذاتية وشهادة للتاريخ)» الذي صدرَ حديثًا، وإعداده للنشر، مع زميله الكاتب السوري البارز أكرم البني.
هنا نص حوارنا معه:
في البدء، كيف تعرّف نفسَك، إنسانيًا وسياسيًا؟ وما طبيعة العمل الذي تقوم به حاليًا لبلدك وثورة شعبك؟
يصعب تعريف الشخص لنفسه، لأنّ الماهوي وحده الذي يقبل التعريف، وهوية الإنسان صيرورة مستمرة ومتغيرة ومؤلفة من طبقات متعددة، لذلك يصعب اختصارها وتجميدها في تعريف محدد، ولكن هناك محطات تعتبر مفصلية في حياة كل فرد، وتؤثر في طبيعته ووعيه وتفكيره أكثر من غيرها.
أعتقد أنّ تجارب الترحال والاعتقال وتأهيلي المهني وهاجسي السياسي والفكري وفترة اللجوء أسهمت مجتمعة في تشكيل هويتي وكينونتي السورية التي أصبحت منفتحة أكثر على قبول الاختلاف والتعدد والتنوع، حيث ولدتُ في مدينة حلب المحافظة نسبيًا، وعشتُ شطرًا من طفولتي ويفاعتي في مدينة الحسكة المفتوحة على التعدد القومي والديني والمذهبي. وتنقّلت سرًا وعشتُ متخفيًا في مدن وبيئات عديدة من سورية، بسبب ملاحقتي أمنيًا، على خلفية انتمائي إلى “حزب العمل الشيوعي”، وتعايشت مع فئات عديدة مختلفة مناطقيًا وسياسيًا وأيديولوجيًا، مدة ستة عشر عامًا ونيف في المعتقل، وبعد تخصصي في علوم الأغذية، عملت كمدير جودة مدة 14 عامًا، تجدد خلالها ولعي القديم بالدقة والتنظيم والإنجاز، ومنذ نهاية الألفية الثانية، ودّعت المواقع الحزبية والأيديولوجية السابقة، وآثرت أن أمارس نشاطي السياسي من موقعي كمستقل، وأصبح هاجسي الأول هو تأطير وتنظيم المستقلين، وهم السواد الأعظم من المهتمّين بالشأن العام، فشاركت في فعاليات “ربيع دمشق” و“لجان إحياء المجتمع المدني” والعديد من المنتديات و“المؤتمر الوطني لإعلان دمشق”، واعتُقلت مرات عدة على هذه الخلفيات لمدد قصيرة، وانضممت إلى صفوف الثورة السورية فور انطلاقتها. وتم توقيفي حوالي شهرين في حلب، على خلفية عملي الإغاثي ومشاركتي في تنسيقيات المدينة والجامعة، ثم لجأت إلى تركيا في عام 2013، وغادرتها في العام التالي إلى ألمانيا، وعملت مع الصليب الأحمر الألماني كمتطوع لمساعدة اللاجئين السوريين والعرب، وكباحث خارجي مع مؤسسة “فريدريش إيبرت شتيفتونغ”. وأنا عضو في “شبكة المرأة السورية”، وفي “الحركة السياسية النسوية”، وعضو الأمانة العامة ورئيس اللجنة السياسية في تجمّع “مستقلو قوى الثورة والمعارضة”.
ما خفي من حرب “الهيئة العليا للمفاوضات” على المستقلين السوريين
هلّا حدثتنا أكثر عن “تجمع مستقلو قوى الثورة والمعارضة”: نشأته، دوره، أهمّيته.
شكّلت قضية تمثيل المستقلين عقدةً في الحياة السياسية السورية، منذ “ربيع دمشق”، عندما اقتحم المثقفون المستقلون ساحة النضال الديمقراطي، وطرحوا شعار “عودة السياسة إلى المجتمع”، وإلى الآن، لم يرتق أي تشكيل وطني سوري لوضع آلية مناسبة لدمجهم وتنظيم مشاركتهم في الشأن العام، كان المستقلون مكوّنًا أساسيًا من مكونات “الهيئة العليا للمفاوضات”، منذ تأسيسها وفق “بيان فيينا” الصادر عن المجموعة الدولية لدعم سورية (ISSG) في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، والذي نص على: “في إطار العمل ببيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118، فإنّ المشاركين وجهوا الدعوة للأمم المتحدة، لجمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سورية في عملية سياسية تفضي إلى حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية، على أن يَعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات. وهذه الانتخابات يجب أن تجري تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة، وأن تكون حرة ونزيهة بمشاركة كلّ السوريين، مشمولًا بذلك من هم منهم في الشتات”. وتم الطلب من المملكة العربية السعودية تشكيل وفد موحّد للمعارضة يشمل أطيافها المختلفة، وبموجب هذا التفويض، أصبحت المملكة راعية لـ “الهيئة العليا للمفاوضات” والرياض مقرًا لها. شارك في “مؤتمر الرياض 1” (102) شخصية سورية، واختار المشاركون (34) شخصًا، ليكونوا في “الهيئة العليا للمفاوضات”. (11) من الفصائل العسكرية، و(9) من “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، و(8) شخصيات مستقلة، و(6) من “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي”، وشاركت “منصة القاهرة” من ضمن المستقلين. وانعقد “مؤتمر الرياض 2” في 21 – 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، بحضور نحو 140 معارضًا، و70 عضوًا/ة منهم من المستقلين. وتشكلت “الهيئة العليا للمفاوضات” من 36 عضوًا/ة موزعين، كالتالي: ثمانية من “الائتلاف الوطني”، وأربعة من “منصة القاهرة”، وأربعة من “منصة موسكو”، وثمانية أعضاء مستقلين، وسبعة من الفصائل العسكرية، وخمسة من “هيئة التنسيق الوطني”.
كانت المفارقة أنّ أغلب المستقلين المشاركين في “مؤتمر الرياض 1” و“مؤتمر الرياض 2” قد تم ترشيحهم من قبل التجمعات والمنصات السياسية المشاركة في المؤتمرين المذكورين، ولم يُمثل المستقلون في “الهيئة العليا للمفاوضات” ككيان اعتباري، وإنما كأفراد، وتبعيتهم وقرار استبدالهم أو إقالتهم بيد رئيس “الهيئة العليا للمفاوضات”، وقد أثّر ذلك في استقلاليتهم كأفراد. ومع تعطيل استحقاقات العملية الديمقراطية داخل “الهيئة العليا للمفاوضات”، ورفض الرئيس السابق الدعوة إلى مؤتمر للهيئة، لا ضمن ولايته العادية لمدة سنتين ولا في فترة التمديد له بشكل استثنائي لمدة ثلاث أشهر إضافية، بالاستناد إلى أغلبية عددية هشّة من ضمنها المستقلون، لذلك أصبح تمثيلهم وولاؤهم موضوعًا خلافيًا حادًا داخل “الهيئة العليا للمفاوضات”.
تدخلت المملكة العربية السعودية لحلّ الأزمة، باعتبارها راعية لـ “الهيئة العليا للمفاوضات”، بموجب التفويض الأممي، ودعت إلى عقد مؤتمر خاص للمستقلين لتجديد انتخاب ممثليهم، وتشكلت لجنة تحضيرية من خارج القوى السياسية الممثلة في “الهيئة العليا للمفاوضات”، وتعهدت اللجنة بأن لا يرشح أحد منها نفسه لأي منصب داخل التجمع، لضمان الحياد والنزاهة في الاختيار، ودرست أسماء ما يقرب من 340 شخصية سياسية سورية مستقلة، تم توجيه الدعوات إلى ما يقارب 80 شخصية سياسية مستقلة منهم، وفق معايير محددة تم الاتفاق عليها مسبقًا. وبتاريخ 27 – 28 كانون الأول/ ديســـــمبر 2019، عُقد في مدينة الرياض اجتماع ممثلي المستقلين لقوى الثورة والمعارضة السـورية، بحضور 66 شخصية وطنية سياسية من المستقلين، من جميع مكونات الشعب السوري، على أرضية الالتزام بـ “بيان رياض 2” وما بُني عليه سياسيًا وتنظيميًا، وتم التوجه بالشكر إلى ممثلي المستقلين في “الهيئة العليا للمفاوضات” الذين انتهى تكليفهم -بمرور سنتين على انتخابهم بموجب النظام الداخلي لـ “الهيئة العليا للمفاوضات”- وانتخب المؤتمر 8 ممثلين جدد لعضوية “الهيئة العليا للمفاوضات”، مناصفة بين الرجال والنساء، والأمانة العامة من 21 عضوًا، واعتبر التجمع نفسه كيانًا مستقلًا اعتباريًا، وليس أفرادًا، ويشكل مرجعية لممثليه في “الهيئة العليا للمفاوضات”، وأصدر بيانه الختامي في نهاية المؤتمر.
طبعًا، لم يرُق هذا الإجراء لرئيس “الهيئة العليا للمفاوضات” السابق، وشنّ هجومًا على المؤتمر والعديد من الشخصيات المستقلة الذي شاركت فيه والدولة الراعية لـ “الهيئة العليا للمفاوضات”، في ظلّ التوتر الخليجي التركي، ورفض قبول تمثيل المستقلين الجدد في الهيئة، وتصاعدت الخلافات داخل الهيئة أكثر، على إثر عملية الاستفراد واحتكار قرار “الهيئة العليا للمفاوضات” من قبل “الائتلاف الوطني” والمجموعات المؤيدة له، بعد عملية تبادل المواقع والمناصب بين رئيس الهيئة ورئيس الائتلاف، وعدم حسم قضية المستقلين في اجتماع الهيئة الافتراضي في 13 حزيران/ يونيو 2020، الذي لم يُدعَ له المستقلون الجدد، وقاطعته “هيئة التنسيق الوطنية” و“منصتا القاهرة وموسكو”، وعدّته اجتماعًا غير شرعي، لأنه نسف قاعدة التوافق السياسي الذي قامت عليه “الهيئة العليا للمفاوضات” أساسًا.
أقرت الهيئة العامة لـ “تجمع مستقلو قوى الثورة والمعارضة” لائحة تنظيمية بتاريخ 1 آذار/ مارس 2020، لمأسسة عمله الداخلي، وأصدر التجمع نتيجة حواراته الداخلية ورقة تعريفية بالتجمّع، تضمنت رؤيته وأهدافه وتعريفًا لـ “العضو المستقل”، ورسم التجمع خطة لتحركه بالحفاظ على “الهيئة العليا للمفاوضات”، كإطار تفاوضي وظيفي وطني، والعمل على المشتركات داخلها، والحوار مع الجميع دون استثناء بغض النظر عن موقفه من المستقلين، وتقليل الخلافات بالحوار والحلول المبتكرة، وخارج أفق المحاصصات الحزبية والأيديولوجية، وتفعيل الحوار مع المستقلين المشاركين في “مؤتمر الرياض 2”، والتوجه إلى الأطراف الفاعلة الدولية والمحلية المتدخلة في القضية السورية وفق المصلحة الوطنية للسوريين جميعًا، كما يراها، وكما عبّر عنها في وثائقه.
شهد التجمع تنظيميًا خروج بعض أعضائه، على خلفيات عدة، ولكنه نجح في عقد مؤتمر تداولي افتراضي، بتاريخ 13 آذار/ مارس الماضي، أعاد فيه ترميم هيئاته وتعديل لائحته التنظيمية وإقرار التقرير السياسي، والتقرير الاقتصادي، وتقرير تطورات الوضع العسكري. أعتقد أنّ مشكلة مشاركة المستقلين السوريين وتمثيلهم تتجسد في غياب المرجعية وغياب الإطار الذي يوحدهم، وغياب الآليات التي تنظم عملهم، وأرى أنّ إنشاء “تجمع مستقلي الثورة والمعارضة” خطوة مهمة، بالرغم من محدوديتها، لتحوّل المستقلين إلى قوة مؤثرة في الفضاء الوطني السوري العام يمكن البناء عليها وتطويرها.
بالعودة إلى البدايات، إلى علاقتك الأولى بالكتابة، ما الأشياء التي حملتك إلى هذا المكان، ومع الوقت أكّدت لك أنك تمشي في الطريق الصحيح؟
بدأ اهتمامي بالكتابة من خلال اهتمامي بالسياسة، وبدأ اهتمامي بالسياسة من خلال اهتمامي بالأدب، الذي يصقل النفس البشرية، ويعزز الحسّ الإنساني، والتطلع إلى الحرية، وانعكس ذلك تمردًا مبكرًا على الظلم ومواجهات صغيرة لرفض التنميط والامتثال. وكل ما لم أستطع قوله علنًا كنت ألجأ إلى كتابته سرًّا، حتى خيباتي الصغيرة في الصداقة والحب،أعتقد أنّ الكتابة والأدب والسياسة دروبٌ يسهل التنقل في رحابها بيسر وخفة لمن يتقن ذلك. تأمل مثلًا كلمات محمود درويش:
“وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ
لا تَنْسَ قوتَ الحمام
وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ
لا تنسَ مَنْ يطلبون السلام
وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ
مَنْ يرضَعُون الغمام
وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ
لا تنس شعب الخيامْ
وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ
ثمّةَ مَنْ لم يجدْ حيّزًا للمنام
وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ
مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام”
في هذا المستوى من الكتابة والتعبير الشفيف، كيف يمكننا أن نحدّد أين ينتهي الأدب، وأين تبدأ السياسة، أو العكس!! ولا أعرف تمامًا هل كانت خياراتي صحيحة أم لا؟ ولا ما هو الطريق الصحيح لأستمر في السير فيه، ولكن قدَرَنا في سورية -الناشطين في الشأن العام- أن يكون اهتمامُنا الأول هو العمل الميداني لمواجهة الدكتاتورية، ودفع ضريبة ذلك، فكانت حيواتنا الفردية متقطعة والتراكمُ فيها قليلًا، بحكم ظروف الملاحقة والتشتت والسجن الطويل، وضغوط العمل والبحث عن الرزق والتخصص المهني، وأخيرًا اللجوء وآثاره النفسية والاجتماعية، وكل ذلك يمنع السياسي غير المشتغل بالمجال البحثي أو الأكاديمي أو في المجال الصحفي من التفرغ للكتابة، ولذلك كانت مساهماتي في الكتابة غير منتظمة، ويسكنها الهمّ السياسي والإنساني، ولكنها محطات مهمة في حياتي، تعكس تحولاتي الفكرية والأيديولوجية.
ماذا يعني أن تكون ناشطًا نسويًا وعضوًا في “الحركة السياسية النسوية السورية”؟
هناك أزمة عميقة متصاعدة في النظام الأبوي، منذ “الثورة الصناعية” على الأقلّ التي همشت القوة العضلية ووسعت استخدام الآلة، فضاق تأثير الفوارق بين الجنسين في إدارتها والتحكم فيها، وما رافقها من تحوّلات رأسمالية سرّعت فصل المنتجين عن وسائل الإنتاج نتيجة الاكتشافات العلمية والاعتماد المتزايد على التقنية، والتي كانت الأرضية الموضوعية لمشاركة النساء في سوق العمل خارج الاقتصاد المنزلي والاقتصاد البضاعي، وانطلاقة للفكر النسوي عبر العديد من المراحل والمخاضات، وصولًا إلى “الثورة السيبرانية”؛ ثورة المعلومات والاتصالات التي عظمت القوة الفكرية ودور المعرفة والابتكار والإبداع الذي لا يرتبط بمقاسات الجسم ولا بهرمونات معينة موجودة في جنس معين وغير موجودة في جنس آخر، وكان لذلك أثرٌ كبيرٌ على تبدّل الأدوار الاجتماعية والجندرية، بالإضافة إلى الحروب السابقة والمستمرة التي حصدت وما تزال تحصد الملايين أغلبهم من الرجال، والحاجة إلى إعادة الإعمار وبناء السلام، بالاعتماد على كل شرائح المجتمع ومشاركة النساء، وتحديات التنمية المستدامة وتأنيث الفقر، والقضاء على أوجه عدم المساواة في جميع أنحاء العالم، والتي سمحت للفكر النسوي بإعادة التفكير بمفهومي الرجولة والأنوثة، حيث أصبح “الرجال” مجرد فئة، وليسوا نموذجًا معياريًا، ولا نستطيع أن نهمل أيضًا دور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، التي زاوجت بين الوظيفة “الإمتاعية” على المستوى الفردي، والآثار “التفكيكية” للقيم الأبوية السائدة، والتي أخرجت النساء عن صمتهن بشأن حوادث التحرش والاعتداء، وفضحت الممارسات الذكورية السامة، وجعلتها تحت المراقبة والمساءلة، وعلى الرغم من هذه التحولات العميقة لا يزال مفهوم “الرجل النسوي” إشكاليًا، لأنه يطرح بديهيًا السؤال التالي: هل يمكن لشخصٍ ما أن يجمع في ذاته تصوّرين مختلفين للحياة (الرجولي والنسوي( معًا؟ أعتقد أن ذلك ممكنٌ، بل إنّ “الشخص النسوي” هو الشخص السويّ؛لأنه يجسد المنظور الإنساني الشامل والمتوازن للذات البشرية، لأنّ مفرد كلمة الإنسان رجل وامرأة معًا، وكلاهما متساويان في الوجود والكينونة والكرامة الإنسانية والحقوق والفرص.. ومشاركتي في النشاط النسوي -بشقيه المدني والسياسي- تنبع من التزام أخلاقي وإنساني بهذه القناعة، ويشرفني أن أكون عضوًا فاعلًا في “شبكة المرأة السورية”، وأول رجل ينضم إلى “الحركة السياسية النسوية السورية”، لأني أرى أن إنسانيتي كرجل تكون منقوصة، عندما أعيش في عالم يضطهد المرأة ولا أناضل ضدّ هذا الاضطهاد، وهو التزام سياسي أيضًا، فلا خلاص من الدكتاتورية، ولا ديمقراطية في سورية بدون المساواة الكاملة وحقوق المواطنة للجميع رجالًا ونساء.
أسامة العاشور في أحد اجتماعات الحركة السياسية النسوية السورية
رؤية للحلّ السياسي ومستقبل سورية من منظور نسوي
كيف تقدّم لنا “الحركة السياسية النسوية السورية” التي تأسّست في مدينة باريس، في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، الغايات والأهداف؟
تشكّلت “الحركة السياسية النسوية السورية”، كرد سياسي نوعي على الوصاية الذكورية في الشأن العام، وقدّمت رؤيتها للحلّ السياسي ومستقبل سورية من منظور نسوي، يتحدد بالدفاع عن مصالح وحقوق المجتمع السوري بكل فئاته، صحيح أنّ التاريخ يكتبه الأقوياء، ولكنّ الفئات الضعيفة والمهمشة والمستبعدة عن صناعة القرار ستكون الأقوى حين تتوحد، وعلى الرغم من مطالبة الحركة بما يتوافق عليه عدد كبير من القوى السياسية، وهو الالتزام بالحل السياسي والسلمي لسورية وفق “بيان جنيف” لعام 2012، وقرارات مجلس الأمن الدولي 2118 (2013)، و 2254 (2015)، وجميع القرارات المتعلقة بسورية؛ فقد ركزت على التقيد الكامل بالقوانين الإنسانية الدولية والقوانين الدولية لحقوق الإنسان، وإعطاء الأولوية للملفات الإنسانية ذات الطابع السياسي، أي حماية المدنيين من جميع أعمال العنف؛ والإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المختفين؛ ورفع جميع أشكال الحصار وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع المناطق المحتاجة؛ والعودة الطوعية للمشردين داخليًا واللاجئين إلى ديارهم بكرامة؛ وحماية التنوع في المجتمع بما يضمن حقوق الجميع ومكافحة التمييز بكل أشكاله؛ والتركيز على أهمية القضية الكردية في سورية، وشددت على إدراج بندين، يغيبان عن أجندة معظم القوى السياسية، وهما تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 (2000) حول المرأة والسلام والأمن، وتمثيل المرأة بنسبة 30٪ على الأقل في جميع مؤسسات وكيانات صنع القرار.
ورأت الحركة أنّ المساءلة والعدالة الانتقالية عنصران لا يتجزّأان من عملية الانتقال السياسي. ويجب تقديم كل من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري إلى العدالة، وضرورة أن تخضع الفترة الانتقالية لمبادئ دستورية تراعي الفوارق بين الجنسين، وتوفر الأساس لدستور دائم يضمن سلامة أراضي سورية كأرض وشعب، وسيادة واستقلال، وسيادة القانون، والانتقال المنتظم للسلطة، وفصل السلطات، واحترام حقوق الإنسان والمساواة. ولا يمكن تحقيق أي من هذا في ظل بقاء الأسد ورموز النظام في السلطة.
هل تمكّنت الحركة، بعد أربعة أعوام على تأسيسها، من أن تحقق قائمة الأهداف التي وضعت في المؤتمر التأسيسي؟ وإلى ماذا تصبو الآن؟
أهداف أي حركة سياسية هي أهداف للمجتمع ككل، والتغيير المجتمعي هو مسؤولية الجميع، ولا يقاس بمثل هذه الفترة القصيرة جدًا من عمر أيّ حركة سياسية، نسوية كانت أم غير نسوية، وخاصة في الشرط السوري الصعب والمعقد، ولكنني أرى أنّ “الحركة السياسية النسوية السورية” أثبتت حضورَها، كفاعل سياسي أساسي لا يمكن تجاهله، على الساحة السياسية المحلية وعلى الخريطة الدولية.
تجمع الحركة بين الاستدامة والتجديد، وعقدت ثلاثة مؤتمرات، وانتخبت قياداتها ديموقراطيًا، وأقرت مدونة سلوك لضمان الالتزام الأخلاقي في العمل السياسي وضمان الاحترام المتبادل بين العضوات والأعضاء، ويبلغ عدد متابعيها على موقع “الفيسبوك” حوالي 90 ألف متابع، وتصدر بياناتها السياسية باللغات الثلاث العربية والإنكليزية والكردية. وقدمت ست “أوراق سياساتية” عكست آراء ومواقف وتطلعات النساء السوريات حول اللجوء والعودة الآمنة وأين حقوقنا كنساء واقتصاد الحرب والعقد الاجتماعي والدستور، وساهمت هذه الأوراق برفع مصداقية الحركة في الداخل السوري، وبناء جسور الثقة مع شرائح مختلفة من النساء السوريات، ووفرت مصدرًا موثوقًا للمعلومات والآراء المقدمة لممثلي المجتمع الدولي أثناء لقاءات الحركة الخارجية. وأتاحت “الحركة السياسية النسوية السورية” فرصة كبيرة للنساء والرجال النسويين للانخراط في العمل السياسي، على أسس أخلاقية وإنسانية، وبمعايير النزاهة والشفافية، وبمطالب واضحة من أجل مستقبل أفضل لسورية، ولكونها حركة وليست تنظيمًا حزبيًا أيديولوجيًا، فإنها تسمح بالاستقلالية الفكرية، وتتيح مجالًا واسعًا للتفاعل والحوار لإنتاج التوافقات السياسية داخلها قبل تظهيرها خارجيًا.
ماذا عن شبكة علاقات التعاون بين “الحركة السياسية النسوية السورية” والتكتلات والهيئات والأحزاب السورية المعارضة لنظام بشار الأسد؟ وماذا عن شبكة علاقاتكم بالمنظمات والمؤسسات النسوية في العالم الغربي؟
بداية، أحبّ أن أنبّه إلى أنني عضو في الحركة، ولستُ مخولًا بالتحدّث باسمها، وما أعرضه هنا محكوم بحدود اطلاعي الذي قد تغيب عنه بعض التفاصيل أو الحقائق. الحركة عضو في “اللقاء السوري الديمقراطي” (تجمع ديمقراطي يضم تسع مكونات سياسية) وعضواتها وأعضاؤها موجودات/ ون بصفاتهن/ م الشخصية، في كثير من القوى السياسية وهيئات المعارضة السياسية و“الهيئة العليا للمفاوضات” واللجنة الدستورية، ولها علاقات تعاون وشراكة مع مؤسسات نسوية غربية، مثل رابطة النساء الدولية للسلام والحرية ومنظمات عديدة أخرى، أعتقد أن من المبكر الحكم على تحالفات الحركة، في الوقت الراهن، لأنّ الحركة ما تزال في مرحلة التأسيس، وهي متنوعة ومتعددة الأطياف وتحاول الحفاظ على هذا التنوع، لذلك تقف “الحركة السياسية النسوية السورية” على مسافة متساوية من جميع القوى والتكتلات والهيئات والأحزاب المعارضة للنظام، ومفتوحة عليها جميعًا، وهي ترحّب بكل تغيير إيجابي وتقارب بين هذه القوى، أو بينها وبين الحركة، وفق رؤيتها السياسية النسوية التي تطمح إلى رفع كل أشكال الظلم والقهر على الصعيد العائلي والمجتمعي والمؤسساتي والسياسي، عن الشعب السوري بتعدديته وتنوعه، بوسائل لا عنفية، وصولًا إلى دولة ديمقراطية تعددية قائمة على أسس المواطنة المتساوية، بضمانة دستور متوافق مع منظور الجندر. وتؤكد الحركة ضرورة رفع نسبة مشاركة النساء في كل الهيئات السياسية، والهيئات التمثيلية المنتخبة والمعينة، لتصل إلى 30% على الأقل، وصولًا إلى المناصفة.
كيف للحركة، وهي تنشط في الساحة الأوروبية، أن تصل بأنشطتها إلى الداخل السوري وإلى النساء السوريات خاصة، باعتبارهنّ العامل الأساسي في دعم بعضهن والعمل على استرداد دورهن؟ وهل للحركة فروع وممثلات في الجغرافيا السورية التي مزقتها الحرب؛ مناطق سيطرة النظام، والمناطق المحررة في الشمال السوري، والمناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سورية؟
لا يوجد للحركة مركز أو فروع رسمية في أي مكان في العالم، حاليًا، وهذا قرار سياسي للحركة، للحفاظ على أعلى درجات الاستقلالية وعدم الارتهان لأي دولة أو جهة، ووجود الحركة في أي بلد أو منطقة هو من وجود عضواتها وأعضائها المتوزعات/ ين تقريبًا، بحسب نسب وجود السوريات/ين في كل منطقة داخل سورية أو بلد خارجها، وهن/م منتشرات/ ون، والثقل الأساسي للحركة، كما أعرف، هو في الداخل، وعدد الموجودات/ ين على الجغرافيا السورية أكبر من عدد الموجودات/ ين، في أي بلد آخر في العالم.
وتتواصل الحركة مع النساء السوريات أيضًا عبر برنامج الجلسات التشاورية، حيث يتم التواصل خلالها مع 150 امرأة متوزعة في 15 منطقة مختلفة، تحت سيطرة النظام أو خارج سيطرته في الشمال الغربي والشمال الشرقي، وأيضًا في دول الجوار، لإنتاج “ورقة سياساتية” واحدة ذات عنوان محدد، هؤلاء النسوة لا ينتمين إلى الحركة، ولكن الحركة تحرص على إيصال أصواتهن وخلاصة تجاربهنّ ومواقفهنّ من خلال هذه “الأوراق السياساتية”، ولتكون أحد مصادر إنتاج المواقف السياسية للحركة، وفي كل مرة يتم اللقاء مع نساء مختلفات ومن أماكن مختلفة لشمول الرؤية وتوسيعها وتأكيدًا على حضور النساء كفاعلات سياسيات.
إثارة الأسئلة بين “كتابات الهامش” و“الأدب السياسي”
هل ترى أن أسلوبك في الكتابة يمزج بين الكتابة الذكورية والكتابة النسائية؟
لا أميل إلى التصنيفات عمومًا، لأنها تقولب الكاتب وتحد من حريته في الكتابة، ولا أميل أيضًا إلى التمييز بين كتابة ذكورية وكتابة نسائية، فعندما طرحت هيلين سيكسوس مصطلح “الكتابة النسائية” سنة 1970، كان ذلك محاولة منها لكسر الاحتكار الذكوري التاريخي لسلطة الخطاب في مختلف تجلياته. ولكنه في الوقت الذي يشير فيه المصطلح إلى الاعتراف بحضور المرأة كذات مشاركة في إنتاج الأدب والثقافة، فإنّ تعريفه بمصدره، أي بأنثوية منتجيه، يحدد نوع وحدود هذا الحضور كهامش، بالقياس إلى المركز الذي هو في غنى عن التعريف ويشير آليًا إلى وجود خصوصية واختلاف في طرق التفكير، وفي الكتابة والطرح.
لذلك، أعتقد أنه يمكن إدراج كتاباتي في إطار “كتابات الهامش”، التي يعرّفها المثقف المصري البارز د. جابر عصفور بالقول: “كلّ كتابة إبداعية تخرج عن النسق المألوف”، وتحمل التمرد، ليس على سلطة الدولة فحسب، بل على “سلطة الكتابة الكلاسيكية الرومانسية التقليدية” أيضًا، أو في خانة “الأدب السياسي” الذي يحترم عقل القارئ واختلافه وحقه بالقبول والرفض وإثارة الأسئلة أكثر من تقديم الأجوبة الجاهزة والمعلبة، كتابة لا تسفُّ ولا تجدِّف ولا تَغرق في الوصف، وتحرص على البيان والاختصار وضبط المصطلحات والمفاهيم ومقارعة الحجة بالحجة دون اتهام أو تخوين، وإضفاء اللمسات الحسية على النصّ، لزيادة الجلاء والوضوح، وأخيرًا أترك للقارئات والقراء والمتابعات/ين الحكم على ما يقرؤونه وعلى ما أكتب؛ فهن/م أصحاب الحق في ذلك.
نعيش أوقاتًا كارثية وتاريخية في سورية والمنطقة العربية، منذ أكثر من عشر سنوات. نسألك: ماذا تفيد الكتابة في هذه الأوقات؟ هل ثمة دور لها؟ هل ثمة أملٌ نرجوه منها؟
الكتابة ضرورة حياتية ووجودية للكاتب، بها تتحقق ذاته من ناحية، وهي تُخلِّد الأفكار وتجعلها حيةً في ذهن كل من يقرؤها من ناحية ثانية، فربما يموت كاتب الفكرة ويتحلل، وربما تنتهي الحقبة التاريخية التي تحدث عنها الكاتب وتندثر، ولكن الكتابات التي تؤرخ لها أو تعكس جوانب من الحياة فيها تظل باقية، تنتقل عبر الأجيال وعلى مدار الزمن، فالكتابة تحفظ العواطف والأحداث التاريخية والعلوم من الاندثار والتلاشي، والكتابة وسيلة لنقل المعلومات وأداة للتواصل الإنساني بين قطاعات وأجيال مختلفة من البشر، ومن خلالها يتدرب العقل باستمرارٍ على تنظيم نفسه، فتجعله أكثر ترتيبًا، لأنها تحتاج إلى تسجيلٍ دقيق للأفكار وإظهار الترابط فيما بينها، ومن خلالها يكتسب الكاتب مهارات أوسع في استنباط النتائج، وفي التأمل، وفي خلق فكرةٍ لم تكن موجودةً من الأساس، لذلك كثيرًا ما يتم استخدام الكلمة والعقل كمترادفتين، أنا أومن بدور الكلمة ودور الكتابة المؤثر في حياتنا ومستقبلنا، وهي السلاح الأخير لمقاومة الانحدار في القيم الإنسانية.
يسأل البعض؛ لِمَ الإلحاح اليوم على الحساسية الجندرية، ألا يمكن تأجيلها إلى ما بعد بناء سورية الجديدة؟! أليس هناك استحقاقات أهم بالنسبة إلى السوريين في هذه المرحلة؟
الظلم والتفرقة الواقعين على النساء ليسا حدثين طارئين، وليسا مجرد صدفة تاريخية، وليسا مشكلة ثقافية أو جغرافيّة أو قضية مرتبطة بالفقر والجهل فقط، وإذا تخلصنا من السبب زال الأثر، وإنما هما نتيجة هيمنة نظام أبوي صارم ومديد قائم على اللامساواة بين الجنسين التي تتحكم في توزيع الثروة والسلطة والمناصب والفرص والتقسيم الجنسي للأدوار الاجتماعية، وأي تأجيل للنضال ضد هذه الآليات يوسّع هوة اللامساواة ويغيّب العدالة ويضيق فرص التحرر والتطور والتقدم، وكلّ القضايا المجتمعية مترابطة مع بعضها وجميع القضايا مهمة، وقضية المساواة ومشاركة المرأة في الحياة المدنية والسياسية هي قضية وطنية وشأن عام للمجتمع بأسره، ويجب العمل عليها بالتوازي مع النضال من أجل الحرية والكرامة والتخلص من الاستبداد بكل أشكاله، فلا هرمية في النضال، بل يجب علينا كشف البنى السياسية والأيديولوجية التي تسعى للمحافظة على الوضع القائم. فلا يمكن إخراس صوت النساء المعنّفات أو النساء اللاتي يعانين تعدد الزوجات والمهمّشات مجتمعيًا، بحجة أنّ هنالك قضايا أهمّ، وما لم نقم بالعمل على تغيير هذه العلاقات وأنسنتها اليوم؛ فلن تُحل غدًا.
هل توافق على مقولة: إنّ طاقات الشابات والنساء السوريات مهدورة، بسبب الخلل في البناء المجتمعي الخاضع لعقلية الذكورة؟ وكيف يمكننا -الباحثين والناشطين النسويين- إدخال الفكر النسوي إلى الأجسام السياسية السورية المعارضة للعمل معًا من أجل إحداث التغيير المطلوب في المجتمع السوري؟
إنّ النظام الأبوي هيكل اجتماعي سيكولوجي، جوهره تضخيم الذكورة وبخس الأنوثة، وهدر إمكاناتها وطاقاتها، ويتضمن علاقات هرمية تراتبية، قوامها التسلط والخضوع، تتغلغل في البيت والمدرسة والمؤسسات الدينية والمؤسسات المدنية والوظيفة والمصنع والقطاعات الأمنية والعسكرية، وصولًا إلى قمة هرم السلطة، ويكرس النظام الأبوي التنظيم البيروقراطي الذي يقوم على القمع والطاعة، ويُحول الأفراد إلى مجرد آلات تُمسَخ شخصياتهم وتُغتصب حقوقهم وتُمحى إنسانيتهم، فهو ضار للنساء والرجال معًا.
مشكلتنا الأكبر أنّ الوعي الذكوري مترسخ بشدة في اللاشعور، بحيث لم نعد نلاحظ قمعه وهيمنته، لأنه أصبح شديد التوافق مع توقعاتنا، بحيث يصعب علينا مراجعة أنفسنا بشأنه -كما يقول بيير بورديو- فأصبح شائعًا وطبيعيًا تبرير عنف الوصاية الأبويّة على جسد المرأة، لا بل نظنُ أنه من نواميس الكون، ويتجلى ذلك في القبول الاجتماعي بالعنف والتحرش والاعتداء الجسدي والجنسي على النساء، من خلال لوم الضحية، والتسامح مع الجرائم القائمة على النوع الاجتماعي، وتبريرها قانونيًا، من مثل إعفاء المغتصب من العقوبة إذا تزوج ضحيته، أو إعفاء القاتل من عقوبة القتل تحت ما يسمى “الدافع الشريف” أو إعطائه العذر المخفف، أو عدم تجريم الاغتصاب الزوجي والعنف الأسري بكل أشكاله، وتبرير زواج القاصرات… إلخ، إن هذه الأمثلة، من ضمن صور أخرى عديدة ومتقاطعة، ليست قضايا فردية وليست قضايا ثانوية، بل هي مرتبطة بعلاقات القوة بين المرأة والرجل والبنى الاجتماعية والسياسية والتاريخية التي شكلت هذه العلاقات وتُسهم في إعادة إنتاجها، ويرتبط حلها بالفكر والمرجعيات السياسية التي يعتمدها المجتمع، لذلك تسعى النسوية لتحقيق نظام اجتماعي جديد قائم على المساواة الاجتماعية والاقتصادية وكامل حقوق الإنسان ويخلو من العنف والصراع والعسكرة.
أما الأجسام السياسية السورية، فما تزال غالبيتها أجسامًا أيديولوجية وغير ديمقراطية استنسابية في الاستجابة لقضايا الاستبداد والقهر والعنف والاعتداء. وآليتها الذهنية تنطلق من عبادة الفكرة وتجميل المثال، والتعلق به دون النظر إلى الواقع واحتياجاته، وهي غارقة في التعميم والتجريد والصراعات الماهوية. وتتجاهل غالبية هذه الأجسام الظلم التاريخي والمجتمعي والأسري والقانوني للمرأة، وتعدّه معطًى أوليًا لا يُناقش، وتكتفي بطرح شعار “المساواة” ضمن هذه الشروط اللامتكافئة، وفي المناسبات التي تقتضي ذلك، ومنهم من يرى أنّ قضايا المرأة مؤجلة أو غير مهمة، وأنها قضايا تخصّ المرأة وحدها، وليست قضايا مجتمعية يستدعي حلّها عمل الرجال والنساء معًا، وأنظمتها الداخلية بالعموم ذكورية وهرمية وغير حساسة لهموم ومطامح النساء، بل طاردة للمرأة ومتواطئة مع ذكورية الفضاء العام، ولا تحوي أي مدونة سلوك لحماية النساء داخلها، بل تعدّ الدور الإنجابي والرعائي مثلبة ودونية ومبررًا لإبعاد المرأة عن المناصب القيادية، أو الحد من مشاركتها وتمثيلها، وصولًا إلى إبعادها من العمل في الشأن العام ككل.
تحتاج هذه الأحزاب إلى مراجعة جذرية لآلية عملها، وإقرار قواعد سلوك تدين وتحاسب كل أشكال العنف الرمزي والمادي ضد النساء، والانطلاق من قاعدة أنّ النساء والرجال مختلفون، ولكنهم متساوون في الحقوق والواجبات وفرص تولي المسؤولية، ولا شرعية للقرارات التي تتخذ بدون مشاركة النساء المتساوية، لأنها ستكون منحازة بالضرورة وغير عادلة، عندما تعبّر عن رؤية جنس معين دون غيره.
بصمات رياض سيف ورؤيته ومنظوره للأحداث والزمن
نتوقف معك للحديث عن الجزء الأول من كتاب السيرة الذاتية للمعارض السوري البارز الأستاذ رياض سيف الموسوم بـ «رياض سيف سيرة ذاتية وشهادة للتاريخ» الذي أسهمت في تحريره، إلى جانب الأستاذ أكرم البني، وقدّم له الباحث الأستاذ جاد الكريم الجباعي. بماذا تُخبرنا عن مضمونه؟ وما هي ظروف إنجازه والصعوبات التي رافقت مراحل إعداده؟
الكتاب هو سيرة وشهادة، يجمع بين التجربة الشخصية للكاتب وما تختزنه من خصوصية وحمولة إنسانية في تفاعلها مع الأحداث الموضوعية، في ظل نظام استبدادي قانونه الأساسي (مكافأة الفساد ومكافحة النجاح) لضمان الولاء وإعادة إنتاج السلطة.
في القسم الأول من هذا الجزء، يتحدث رياض سيف عن انتقاله من النشاط الخاص إلى العمل بالشأن العام، ومشاركته في الدورين التشريعين السادس والسابع، وكانت تنوسُ بين قليل من الترغيب وكثير من الترهيب. ثم مشاركته في “ربيع دمشق” من خلال جمعية أصدقاء المجتمع المدني، ثم تأسيس “منتدى الحوار الوطني”، وأهمّ المواضيع التي طُرحت فيه، ثم ظروف إطلاق “حركة السلم الاجتماعي”. وقرار إيقاف “المنتدى”، وفضح “صفقة الخليوي”، ثم تحدي القرار واستئناف عمل “منتدى الحوار الوطني”، ومن ثم إغلاقه النهائي، واعتقال رياض سيف مع كوكبة من المسؤولين عن “المنتدى” ومحاكمتهم وإيداعهم السجن، ويعرج على الحياة اليومية في السجن وزيارة غازي كنعان، وزير الداخلية -آنذاك- له قبل “انتحاره” بفترة قصيرة، وعن منحه “جائزة فايمار لحقوق الإنسان” الألمانية، والتوقيع على “إعلان دمشق” من داخل السجن، ثم إطلاق سراحه في أوائل عام 2006. ويتحدث في القسم الثاني من الجزء الأول، عن ضغوط الأجهزة الأمنية، بالتزامن مع تفعيل مشاركته في “إعلان دمشق”، وعن العلاقة مع الصحافة والإعلام ومقابلته الوفود والشخصيات الدولية التي تزور سورية، ويفصّل في تجربة انعقاد “المجلس الوطني لإعلان دمشق” وردّات أفعال القوى المختلفة عليه، والانسحابات من الإعلان والاعتقالات التي أعقبت انعقاده والمحاكمات لقيادة الإعلان، والحكم عليه بالسجن للمرة الثانية، وتدهور وضعه الصحي، ثم خروجه من السجن والاستقالة من “الأمانة العامة لإعلان دمشق”.
أما بخصوص ظروف إنجاز هذا الجزء من الكتاب، فلا بدّ من أن أشير إلى أنّ التحرير المشترك لمذكرات طرف ثالث هو عملية معقّدة وشاقة وطويلة وبطيئة الإنجاز، مهما بلغ الانسجام بين المحررين، فقد كنا نقترح ونناقش ولا نقرر، وكانت مهمتنا هي ضبط الوثائق والتسلسل التاريخي والمنطقي للأحداث وسلاسة العرض وسلامة اللغة، أي عمليًا لا علاقة لنا من الناحية الأخلاقية والسياسية بما تضمّنه الكتاب من مواقف، ولا حتى التقسيم بين المتن والهامش؛ فالمذكرات تعكس بصمات الكاتب ورؤيته ومنظوره للأحداث والزمن الذي عاش فيه.
ماذا عن الجزء الثاني؛ ما أبرز محاوره؟ ومتى سيرى النور؟
يتحدث الجزء الثاني عن الفترة الممتدة بين عامي(2010 – 2018)، أي بعد خروج رياض سيف من السجن للمرة الثانية، أو منذ انطلاقة ثورات الربيع العربي تقريبًا، حتى الاستقالة من رئاسة “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، واعتزاله العمل السياسي نهائيًا في عام 2018، وهو منجز على الورق كمادة أولية، ويحتاج فقط إلى المراجعة والتدقيق من قبله، في هذه المرحلة ارتبط نشاط رياض سيف ارتباطًا وثيقًا بمؤسسات الثورة السورية، لذلك جاءت عناوين الكتاب مرتبطة بها أيضًا، على سبيل المثال: (ما بعد الخروج من السجن في 2010؛ العودة إلى النشاط الميداني..؛ اعتداءان واعتقال (2011)؛ وجوه من النشاط السياسي والدبلوماسي داخل البلاد؛ الخروج من سورية (2012)؛ عجز “المجلس الوطني”؛ انعقاد “مؤتمر القاهرة” (2012)؛ “مؤتمر أصدقاء الشعب السوري” في باريس؛ لجنة متابعة “مؤتمر القاهرة”؛ المبادرات المختلفة لتوحيد المعارضة (2012)؛ إعلان تأسيس “الائتلاف الوطني”، ووأد “هيئة المبادرة الوطنية”؛ أسباب الاستمرار في الائتلاف؛ تسلّم رئاسة الائتلاف وخطة إصلاحه؛ الاستقالة من رئاسة الائتلاف ومن العمل السياسي؛ خلاصات واستنتاجات). ويتضمن الكتاب أيضًا، مناقشة العديد من القضايا التي أرّقت الثورة السورية كـ (وهم الرهان على سقوط سريع للنظام؛ وعسكرة الثورة؛ وأسلمة الثورة؛ ومسار التفاوض؛ والأقليّات؛ والقضية الكردية؛ ولماذا خسرت المعارضة الدعم الدولي؛ وغير ذلك).
وتحت هذه العناوين، تفاصيل ووثائق كثيرة، بحاجة إلى جهد كبير لتدقيقها وإنجازها، لذلك لا أستطيع التكهن بموعد صدور الجزء الثاني، الذي أتمنى أن يكون قريبًا، لأنّ الأمر كله مرهون بوضع رياض سيف الصحي، وقدرته على القراءة والتذكر والتعديل، وأتمنى أن يستعيد صحته وطاقته لمتابعة ما بدأه ومراجعة تجربته وتحالفاته، وهو الذي أكّد منذ البداية أنــه “لا يخشــى لومة لائم من عرضِ سـيرته علـى الملأ”، وأنـه “علـى أتـم الاستعداد للاعتراف بالأخطاء التـي اعترت مسيرته”. وأما إلى أي حد نجح أو سينجح في ذلك؟ فهذا حكمه للتاريخ ولأقرانه الذين عاشوا معه التجارب نفسها ولجمهور القرّاء والباحثين.
هل كان تحرير الكتاب يحتاج إلى كاتبين، وكيف تشاركتما عملية التحرير؛ أين انتهى دور الأستاذ أكرم البني، ومن أين بدأ دورك؟ بمعنى آخر: كيف تمّت عملية التحرير المشترك؟
لكلّ عمل ظروفه ومصادفاته أيضًا، ولم نكن نُخطط لهذا الموضوع من قبل، وقد عُرض علينا أنا وأكرم الموضوعُ كلًا على حدة، وبشكل غير متزامن، ووافقْنا، وكان دافعنا المشترك لذلك هو التأريخ والتوثيق لهذه المرحلة المهمّة من تاريخ سورية؛ عشرية الثورة والعشرية التي سبقتها. ولا شك في أنّ تحرير المذكرات يستدعي أن يكون هناك قرب وحميمية من صاحب المذكرات، ومن الفترة التاريخية التي جرت فيها الأحداث، واستعداد للنقاش والحوار وتنشيط الذاكرة ورؤية الصلات الخفية بين الذاتي والواقعي، لضمان الموضوعية.
شكلنا أكرم وأنا، في أثناء العمل، ثنائيًا منسجمًا، وكانت تجربة مثيرة وثريّة لي على الأقل، لأنّ تقاسم العمل كان وظيفيًا وليس مرحليًا، أي أننا نفكر معًا ونكتب معًا، وليس كل منا يكتب جزءًا من الكتاب أو عن مرحلة محددة، كنا نعمل كفريق نقوم بفرز ومراجعة الوثائق الهائلة لكل عنوان نريد الكتابة عنه، ثم نقوم بكتابة الأسئلة بناء على القراءة والتدقيق وإجراء الحوار الأولي حولها، ثم تسجيل إجابات رياض سيف عليها، وتفريغها بمساعدة تقنية من أحد الأصدقاء، ثم أكتب المسودة الأولى وأدققها وأضبط إطار الأحداث الزماني والمكاني والتاريخي والهوامش، ثم يراجعها أكرم، ويصوغها بلغة أقرب ما تكون إلى لغة رياض نفسه، لأنه كان أكثر احتكاكًا مني به، وكانت له تجربة سابقة معه في الحوار المطوّل الذي نشر على أربع حلقات في جريدة “السفير” عام 2007، بعنوان «ريـاض سـيف (تجربتـي فـي مجلـس الشـعب: أوهـام الديمقراطيـة فـي ظـل الاستبداد)»، التي جمعت في كتيب ووزعت فيما بعد، وكنت أنا أكثر معايشة للأحداث التي نتحدث عنها في الفترة التي يعرضها الكتاب، ومطّلعًا ومتابعًا لتفاصيلها، بخاصة أنّ أكرم كان في بدايات العشرية الأولى من هذه الألفية ونهايتها مُغيبًا في معتقلات النظام، ثم يدقق رياض سيف النسخة النهائية المرسلة إليه، ويضع كلٌّ منا ملاحظاته بلون مختلف، وعند اعتماد صيغة معينة أعيد الصياغة والتدقيق، وتتكرر هذه العملية مرات عدة، وأحيانًا نظل أيامًا أو أسابيع في صياغة فكرة أو موقف، وفي النهاية، صاحب المذكرات هو الذي يقرر الصيغة الأنسب أو التعديل الأفضل أو حذف الفقرة كليًا أو إبقائها، توخيًا للدقة والحياد، وكنا أمينين لما كتبه وعبّر عنه رياض سيف، لذلك كتبنا في مقدمة الكتاب: “إننا لسنا مسؤولين عن المواقف التي ترد في الكتاب”، ونرجو في النهاية أن نكون وُفّقنا في عملنا وقدّمنا ما هو مفيد وما هو أقرب للحقيقة والواقع.
برأيك، أين تكمن أهمية كتابة السير الذاتية لقيادات العمل الوطني السوري، ممن قارعوا الحكم العائلي الأسدي الطائفي المستبد الفاسد، على مدار أكثر من خمسة عقود؟
بغياب مراكز الأبحاث والتوثيق الوطنية والمؤرخين المتخصصين، تشكّل المذكرات والسير واليوميات مدخلًا مهمًا لقراءة وكتابة التاريخ، ومصدرًا أساسيًا لكلّ الباحثين لاحقًا، فهي رغم طابعها الجزئي -لأنه مهما بلغ دور الفرد وأهميته لا يمكن أن يحيط بكل تفاصيل الواقع- ورغم طابعها الذاتي -لأنه من الصعب على أي إنسان أن يتجرد من أهوائه وميوله وآرائه ورؤيته للحياة عند تدوين تفاصيل الأحداث التي كان طرفًا فيها- رغم ذلك كله، فإنّ المذكرات تعدّ بمنزلة شهادة حية ووثيقة مهمة على أحداث بعينها، وتعكس الجدلية الدائمة بين الذاتي والموضوعي، والتقاطع والاتصال بين الماضي والحاضر، وهي في النهاية جزءٌ من اللوحة الكلية للمشهد السوري.
إنّ الجرح السوري -كما نعلم جميعًا- ما زال نازفًا ويصعب كتابته والتأمل فيه حاليًا، لأنّ بومة (منيرفا) “لا تبدأ في الطيران إلا بعد أن يرخي الليل سدوله”، حسب الفيلسوف الألماني فريدريك هيغل، حينذاك يمكن للمؤرخين توسيع دائرة الرؤية للحدث، من خلال تقاطع الشهادات مع بعضها، ومع الوثائق الأخرى كالمدونات والتقارير والدراسات والمراسلات الرسمية والقرارات ومحاضر الاجتماعات.. إلخ، والانتقال من الذاتي إلى الموضوعي. وأنا آملُ، من جميع الذين شاركوا في العمل الوطني والثورة سابقًا ولاحقًا، ومن أي موقع كان، أن يبادروا إلى تدوين سيرهم ومذكراتهم وشهاداتهم، فدومًا التاريخ المكتوب أقوى أثرًا من التاريخ الشفوي الذي يجب أن يدوّن أيضًا.
في ختام حوارنا هذا؛ نسألك عن مشاريعك الكتابية الراهنة والمستقبلية؟
هناك مشاريع عدة اشتغلُ عليها، منها ما له علاقة بالثورة السورية، ومنها ما له علاقة بدور المجتمع المدني، ومنها ما له علاقة بالحراك النسوي وأزمة النظام الأبوي. وهناك مشاركات في مشاريع بحثية ثنائية وجماعية أخرى. ولكن يبقى همّي الأساسي هو النشاط في الشأن العام، مدنيًا وسياسيًا ونسويًا، ضمن الأطر الجماعية، وعندما تسنح لي الفرصة والوقت أنسلُّ إلى الكتابة، وأحاول متابعة ما بدأته من مشاريع بحثية، ولذلك لا أعرف متى سأنجز ما أخطط له، وجلّ ما أتمناه أن أكون موفقًا في ما أقدّمه، وأن يحمل الفائدة لشابات وشباب سورية، وبشائر الخلاص والحرية لشعب سورية العظيم.
المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة