أقام مركز دراسات الشرق الأوسط (بيكام)، بالتعاون مع الجالية السورية في غازي عنتاب، ورشة عمل حول الإندماج والإنسجام بين المجتمعين السوري والتركي، وجرى اللقاء بحضور نخبة من الصحفيين والإعلاميين السوريين والأتراك، وذلك يوم الجمعة الواقع في الثامن عشر من حزيران/يونيو 2021 في مقر جمعية بلبل زاده، وقد سبق لمثل هذه الورشة أن عقدت مع فعاليات سورية وتركية من أطباء ومحامين وغير ذلك من الشرائح الاجتماعية التي لها تأثير اجتماعي أو حقوقي أو ثقافي أو تربوي. كما جرى لقاء مع النساء لما لهن من خصوصية وأوضاع متباينة أحياناً.
حضر الاجتماع السيد والي غازي عينتاب الذي افتتح الاجتماع بحديث عام حول التنمية وعواملها وشبه استقبال الأتراك للإخوة السوريين بالمهاجرين والأنصار، وأشاد بالروابط المتينة بينهما. كما تحدث السيد تورغاي عن نشاط مؤسسة “وقف بلبل زاده فيما يسمى بالدمج المجتمعي على أسس من التسامح والانسجام، وبما لدى المجتمعين من روابط تاريخية. وتحدث أيضاً عن اللقاءات التي جرت مع فعاليات سورية/تركية أخرى، ومنها مع كتاب سوريين ومثقفين وطلاب جامعة في غازي عينتاب، وكذلك أشار إلى إجراء بحوث ميدانية تتعلق بحياة العديد من الأسر السورية، وحضَّ تورغاي على التسامح والمحبة. وقال: إن الأناضول يجمعنا ولا غنى عنه أبداً، وما بديله إلا الشيطان وحده.
تحدث العديد من الإعلاميين السوريين شاكرين استقبال إخوتهم الأتراك وتبنيهم لقضيتهم، وفق مصالح مشتركة بين للطرفين، وأشيد بمعاملة الجانب التركي للسوريين. وأشار بعضهم إلى أن السوريين أثروا حياة مجتمع غازي عينتاب في ميادين أنشطته كافة. في المدارس والجامعات وفي حقول الثقافة المختلفة وفي الورش الحرفية وفي المعامل الكبيرة وفي الأسواق، وأشادوا بالسوريين رجالَ أعمال برساميل ضخمة، وعمالاً عاديين بأجور قليلة وأعطوا أمثلة من الواقع المرئي والملموس يذكر أن عدد السوريين في غازي عينتاب يربو على الأربعمئة وخمسين ألف نسمة.
ولا يضير هذه العلاقة الحميمية وجود بعض التباينات في المواقف والآراء، وربما في أساليب العمل، فهذا أمر طبيعي حتى في المجتمع الواحد. ودعا الجميع إلى توطيد العلاقة أكثر مما هي عليه الآن عبر ورش من هذا النوع وسواها. ورش تسودها الصراحة وتتلمس طبيعة المشكلات والعمل على تجاوزها. واقترح بعضهم توسيع دائرة الورش إلى استضافة إعلاميين أتراك في الصحف والتلفزيونات والراديوهات السورية وكذلك استضافة إعلاميين سوريين لدى التلفزيونات التركية وإلى دعوة أسر سورية وتركية للقاءات اجتماعية في غابة عينتاب التابعة لبلبل زاده وغيرها من الأماكن، وألا تبقى مثل هذه الأنشطة عفوية كما يحدث الآن، إذ يجد السوريون والأتراك بعضهم بالمصادفة. ولا شك في أن اللغة تلعب دوراً رئيساً في التقارب وسرعة الاندماج. ويحتاج هذا الأمر إلى أنشطة خاصة تساهم في تقوية لغتي الطرفين.
وقد يلعب الإعلام دوراً مهماً في هذا المجال كما تلعب اللقاءات الرياضية دورها في توطيد علاقات هذا القطاع الذي له جماهيره وشعبيته. وقد تأتي هذه الأنشطة عبر الجالية السورية في غازي عينتاب إن هي دُعمت أكثر وأعطيت دوراً أوسع. وأشار عدد من السوريين إلى بعض ما يعانيه السوريون من مسائل وإن كانت أحياناً ناجمة عن تعليمات رسمية. لكنها تسبب إزعاجاً للسوريين، وضرب مثالاً بأذونات السفر المرتبطة بشروط ثلاثة فحسب بينما ثمة حالات كثيرة اجتماعية وعملية كالمشاركة في معرض أو في ورشة عمل فكرية أو زيارة أخ أو ابن أو أب لسبب عائلي قاهر. وما يجري في الواقع أن المضطر يجد طريقه للسفر بإذن أو بدونه محدثاً بعض الإساءات التي تؤذي الطرفين. كما أن الحصول على الجنسية لمن يستحقها وفق القوانين التركية النافذة أمر في غاية الصعوبة. فكيف تستقيم الأخوة والمصير المشترك بل كيف يتساوى المهاجرون بالأنصار، وهذه الحواجز مرفوعة في وجه السوري؟! وأخيراً يمكن القول إن اللقاء كان مهماً ومثمراً، إذ ساده جو من الألفة والود. وتكرره ضرورة تقتضيها عملية الاندماج، وتصب في النهاية في مصلحة الشعبين.
المصدر: اشراق