حذر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الأربعاء، من أن الكتلة ستواجه “أوقاتاً صعبة” مع روسيا التي “تتعمد” سلطاتها، على حد قوله، زيادة التوتر مع الغرب، فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنّ موسكو لن تقبل أي مساع لمراجعة اتفاق سلام لشرق أوكرانيا، معلناً أن العلاقات مع الولايات المتحدة الآن أسوأ مما كانت عليه إبان الحرب الباردة.
وقال بوريل، أمام البرلمان الأوروبي في جلسة عامة في بروكسل: “أعتقد أنه يتعين علينا الاستعداد لفترة طويلة وصعبة في علاقاتنا مع روسيا”، مضيفاً “علاقاتنا مع روسيا مستمرة في التدهور، وهي في أدنى مستوياتها. وللأسف، لا يمكننا أن نستبعد استمرار هذا الاتجاه السلبي الذي قد يصل إلى مستويات تدهور أكثر خطورة”.
وتابع “يبدو أنّ السلطات الروسية تتعمد زيادة التوتر مع الغرب”، موضحاً أنّ الانتشار العسكري على الحدود مع أوكرانيا ومصير المعارض أليكسي نافالني والأزمة الدبلوماسية مع جمهورية التشيك، هي ثلاث مسائل تدعو إلى القلق”.
وأضاف “في الوقت الحالي، لم تظهر (روسيا) أدنى إرادة لإنهاء الصراع في أوكرانيا ولا احترام سلامة أراضيها”، داعياً موسكو إلى “وقف استفزازاتها”.
وقال المسؤول الإسباني “بدأت القوات الروسية الانسحاب لكنها بقيت لفترة طويلة”، لافتاً إلى مشاركة 100 ألف عنصر في العمليات الجارية على الحدود مع أوكرانيا في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا.
وأضاف “هذه التصرفات غير مقبولة”، مؤكداً أنه “لا نرغب في تشجيع التصعيد، لكننا لن نقبل بأساليب التخويف، وسيتعين علينا الرد إذا لزم الأمر”. وختم بالقول “يجب علينا بالتالي تحديد طريقة للتعايش تتمثل في تجنب المواجهة الدائمة مع دولة مجاورة يبدو أنها قررت التصرف كما لو كنا أعداء”.
في غضون ذلك، حذر وزير الخارجية الروسي بشدة المسؤولين الأوكرانيين، الأربعاء، من أنّ موسكو لن تقبل مساعيهم لمراجعة اتفاق سلام لشرق أوكرانيا، وذلك في أعقاب دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إلى تعديل اتفاقية 2015 ودعوة الدول الأخرى للمساعدة والتوسط في محادثات السلام المتوقفة بين أوكرانيا وروسيا.
اندلع القتال بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من روسيا في المنطقة الصناعية الشرقية لأوكرانيا، التي تسمى دونباس، بعد فترة وجيزة من ضمّ موسكو لشبه جزيرة القرم في أوكرانيا عام 2014، وقتل أكثر من 14 ألف شخص خلال الصراع المستمر منذ سبع سنوات.
وفي مقابلة مع مذيع في التلفزيون الحكومي الروسي، انتقد لافروف الغرب لغض الطرف عن فشل السلطات الأوكرانية في الوفاء بالتزاماتها بموجب وثيقة 2015 التي تم التوقيع عليها في العاصمة البيلاروسية مينسك.
وقال “الغرب إما لا يستطيع أو لا يريد تشجيع الامتثال لاتفاق مينسك”، ورفض لافروف رفضًا قاطعًا ضغوط المسؤولين الأوكرانيين لعكس تسلسل الخطوات المنصوص عليها في اتفاق مينسك وجعل استعادة السيطرة على الحدود مع روسيا في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون هي الخطوة الأولى.
في السياق ذاته، قال الوزير الروسي “السيطرة على الحدود هي الخطوة الأخيرة التي تأتي فقط بعد حصول تلك المناطق على وضع خاص محدد في الدستور الأوكراني وإجراء انتخابات حرة معترف بها على هذا النحو من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”. وأضاف لافروف “أعتقد أننا يجب ألا ندع السيد زيلينسكي وفريقه يفلتون من المأزق، بالرغم من أنهم يحاولون جاهدين التملص”.
“أسوأ من فترة الحرب الباردة”
من جهة أخرى، قال لافروف إنّ العلاقات مع الولايات المتحدة الآن أسوأ مما كانت عليه إبان الحرب الباردة بسبب غياب الاحترام المتبادل.
وأكد لافروف على استعداد موسكو تطبيع العلاقات مع واشنطن، لكنه طالب الولايات المتحدة بالتوقف عن اتخاذ موقف “متسيد” وحشد حلفائها ضد روسيا والصين، محذراً من أنه إذا تخلت الولايات المتحدة عن حوار يقوم على الاحترام المتبادل على أساس توازن المصالح، “فسنعيش في أوضاع حرب باردة أو ما هو أسوأ”.
وقال لافروف في المقابلة مع التلفزيون الروسي: “التوتر في حقبة الحرب الباردة كان كبيرا جدا وكانت أوضاع خطيرة متأزمة تظهر في تلك الحقبة من حين إلى آخر. لكن كان هناك احترام متبادل، أصبح الاحترام منقوصاً اليوم”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد اقترح، منتصف الشهر الجاري، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إجراء لقاء هذا الصيف في دولة ثالثة لعقد قمة تهدف إلى تهدئة العلاقات بين القوتين المتنافستين، والتي هي في أدنى مستوياتها حالياً.
وأمس الأول، الاثنين، قال الكرملين إن روسيا والولايات المتحدة لم تتفقا بعد على موعد ومكان عقد اجتماع قمة بين بوتين وبايدن، وإنه لا يزال يتعين النظر في كثير من العوامل قبل التوصل إلى اتفاق.
وبلغ التوتر بين موسكو وواشنطن ذروته على خلفية خلافات بشأن أوكرانيا، ومصير المعارض أليكسي نافالني، واتهامات بالتجسس والتدخل في الانتخابات، وهجمات إلكترونية منسوبة إلى موسكو.
وفي 20 إبريل/نيسان، فرضت واشنطن عقوبات جديدة، شملت طرد عشرة دبلوماسيين روس، وفرض قيود على شراء الديون الروسية.
وردّت روسيا بطرد عشرة دبلوماسيين أميركيين، وحظرت دخول أعضاء عدة من إدارة بايدن إلى أراضيها.
المصدر: العربي الجديد، أسوشييتد برس، فرانس برس