بعد “أستانة 15”.. روسيا تفتح النار على سكان إدلب السورية

ضياء عودة

جزء من محافظة إدلب شمال غرب سوريا التي تعاني من أوضاع صحية كارثية في ظل انتشار وباء فيروس كورونا المستجد عالميا- 12 مارس 2020

مشهد محافظة إدلب شمال غرب سوريا التي تعاني من أوضاع كارثية بسبب القصف الروسي للأحياء السكنية

لم يمض أسبوع على ختام الجولة 15 من محادثات مسار “أستانة السوري”، لتستأنف روسيا ضرباتها الجوية على محافظة إدلب في الشمال الغربي لسوريا، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، والذي أكدت “الدول الضامنة” على ضرورة تثبيته في الأيام الماضية، كخطوة للسير باتجاه الاستقرار.

الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية الروسية، الثلاثاء، تركزت على قرى وبلدات الريف الجنوبي لإدلب، وهي مناطق تشهد انتشارا مكثفا للقوات التركية، وكان في مقابلها قصف بالمدفعية الثقيلة من جانب قوات الأسد على مناطق في الريف الشرقي لإدلب، والخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

قبول طلبات لجوء النشطاء الإعلاميين في إدلب يعتبر خطوة أولى وحديثة العهد لم يسبق وأن شهدتها المحافظة خلال السنوات الماضية

يعيش سكان إدلب تحت نيران الطيران الروسي وطيران النظام السوري حيث دمرت كثير من الأحياء السكنية بالقصف المكثف

وحسب ما قالت مصادر إعلامية من ريف إدلب في تصريحات لموقع “الحرة” فقد بلغ عدد قذائف المدفعية التي استهدفت مناطق ريف إدلب الجنوبي والشرقي أكثر من 40 قذيفة، وأسفر عنها مقتل مدني وإصابة آخرين.

وتضيف المصادر أن التصعيد بالقصف رافقه تحليقٌ مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية في أجواء المحافظة، وخاصة فوق مناطق جبل الزاوية، التي تعتبر الخزان العسكري للقوات التركية.

لـ “كسر الاستقرار”

التصعيد الروسي يعتبر مؤشرا على نية موسكو الإبقاء على محافظة إدلب الخاضعة لفصائل المعارضة ضمن دائرة المناطق غير المستقرة، لكن النقطة اللافتة هي أن ما يحصل حاليا يأتي بعد خمسة أيام من محادثات “أستانة 15″، والتي كانت بحضور وفدي النظام السوري والمعارضة، ووفود “الدول الضامنة” (تركيا، روسيا، إيران)، إلى جانب المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون.

وفي بيانها الختامي في 17 من فبراير الحالي كانت “الدول الضامنة” قد شددت على ضرورة مواصلة جميع الاتفاقات المتعلقة بالتهدئة في منطقة إدلب (شمال)، مؤكدة رفضها لـ “الأجندات الانفصالية في البلاد”.

وحسب البيان، فإن الدول الثلاث “استعرضت بالتفصيل الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وأكدت على وجوب تنفيذ جميع الاتفاقات المتعلقة من أجل الحفاظ على السلام على الأرض”.

ويستبعد، عاطف أبو زريق، ناشط سياسي من إدلب أن تشهد المحافظة استقرارا كاملا، ويرى أن التصعيد الروسي حاليا يأتي ردا على عدم موافقة الجانب التركي للمطالب التي طرحها الجانب الروسي في الأشهر الماضية.

ويقول زريق في تصريحات لموقع “الحرة”: “أعتقد أن الروس يحاولون من خلال القصف تثبيت حالة عدم الاستقرار الكامل، أو التوجه إلى عودة الحياة إلى طبيعتها”.

ومنذ أشهر تصر موسكو على ضرورة فتح الطريق الدولي حلب- اللاذقية (m4)، وتعتبر أن أنقرة لم تلتزم بتنفيذ البنود المتعلقة به، والتي أدرجت ضمن اتفاق سوتشي الموقع في مارس 2020.

في المقابل كان الجيش التركي قد توجه منذ منتصف العام الماضي إلى حشد قواته بصورة غير مسبوقة في محيط الطريق الدولي، وحسب الخارطة الميدانية تمثل الحشد بجدارين دفاعيين أغلقت تركيا بموجبهما أبواب إدلب من الجنوب.

ويشير الناشط السياسي إلى أن القصف الروسي يمكن قراءته أيضا من ناحية انزعاج الروس من الموقف التركي على الأرض في جنوب المحافظة، ويتابع: “في الأشهر الماضية كان هناك عدة مطالب من الروس والإيرانيين، لكن الأتراك لم يوافقوا عليها”.

“دعاية إعلامية”

بموازاة التصعيد الذي بدأته موسكو كانت قد أعلنت في اليومين الماضيين افتتاح ثلاثة معابر داخلية مع مناطق فصائل المعارضة في إدلب وريف حلب، على رأسها معبر سراقب، زاعمةً أنها مخصصة لخروج المدنيين الراغبين بمغادرة مناطق “المسلحين”.

تلك الخطوة اعتبرتها أطراف المعارضة “ترويجا ودعاية إعلامية” من جانب النظام السوري وداعميه، وأشارت إلى أنها ليست جديدة، بل سبقتها عدة محاولات.

وكان نائب رئيس قاعدة “حميميم” الروسية في سوريا، فياتشيسلاف سيتنيك، قد صرح لوكالة “تاس” الاثنين حول فتح ثلاثة معابر في إدلب وريفها، وقال: “السلطات السورية بمساعدتنا ستفتح معابر من سراقب وميزناز وأبو الزندين أمام الراغبين بمغادرة إدلب عبر حدود منطقة وقف التصعيد”، مرجعا السبب إلى تدهور الوضع الاقتصادي والرعاية الطبية في محافظة إدلب.

من جانبه اعتبر فريق “منسقو الاستجابة” الإنساني في بيان أن النظام السوري وروسيا يروجان بين الحين والآخر لافتتاح معابر “إنسانية”، لكن الجديد هو أن “موسكو بدأت تلعب على وتر التدهور الاقتصادي وسوء القطاع الطبي في مناطق شمال غربي سوريا”.

“ضغط عسكري وتبادل أدوار”

لم يخرج أي تعليق حتى ساعة إعداد هذا التقرير من الجانب الروسي حول أسباب القصف اللافت، بينما لم تعلّق أنقرة على ما تعرضت له المناطق الخاضعة لرعايتها عسكريا.

بدوره يرى الباحث السوري، أحمد الحسن، أن روسيا وإيران والنظام السوري يتعمدون إبقاء الضغط مستمرا عبر القصف اليومي المتقطع، وعبر استهداف الطيران الروسي بعض النشاطات وتبريرها بأنها “بؤرة ساخنة”.

ويقول الحسن في تصريحات لموقع “الحرة” إن “الأهداف التركية في إدلب مختلفة، وهي استثمار الهدنة في حشود عسكرية قادرة على فرض شروط محددة على النظام السوري في حال فشل التفاهم السياسي مع حلفائه”.

ويشير الباحث إلى “حالة تبادل أدوار بين الدول الضامنة بشأن إدلب”، وذلك للضغط على الأطراف السورية، متوقعا أن “تشهد المرحلة القادمة وخاصة الصيف دور تركي- روسي في الإشراف على مناطق خطوط التماس، والطرق التجارية والعمليات الإنسانية، والإشراف على تحسين بيئة عودة النازحين مقابل بعض المصالح الاقتصادية والسياسية”.

ولن يخرج القصف المتقطع اليومي وحتى غارات الطيران عن الأهداف المذكورة، وفق الحسن ويتابع: “بحيث يبقى الضغط العسكري دون الوصول إلى أي عملية عسكرية، لأنها باتت مكلفة على النظام”.

 

المصدر: الحرة. نت

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى